الأخبارتقارير

يجب الإفراج الفوري عن سجينة الرأي افتخار بو ذراع

منظمة التضامن لحقوق الإنسان (منظمة التضامن) تعرب عن قلقها البالغ بشأن الوضع الصحي المتدهور لسجينة الرأي السيدة افتخار ميلاد محمد بو ذراع، المعتقلة من طرف جهاز الأمن الداخلي في مجمع سجن الكويفية[i]، الواقع شمال مدينة بنغازي. وتطالب منظمة التضامن حكومة الوحدة الوطنية[ii] بالإفراج الفوري عن السيدة افتخار وتوفير الرعاية الطبية العاجلة لحالتها الصحية.

وفقاً لتسجيل مصور “لنداء استغاثة” نشره السيد محمد ميلاد بو ذراع[iii]، مساء الأربعاء الموافق 13 يوليو 2022، أن ضابط أمني قام بزيارة بيت أسرة السيدة افتخار في بنغازي وأبلغهم “أن الحالة الصحية لافتخار تدهورت بشكل خطير” وأنها “بين الحياة والموت” كما وصفها.

عناصر تابعة لجهاز الأمن الداخلي فرع بنغازي قامت باعتقال السيدة افتخار، في الساعات الأولى من يوم 10 ديسمبر 2018م، بدعوى نشرها بث مسجل على حسابها الشخصي على شبكة التواصل الاجتماعي (Facebook) انتقدت فيها الأوضاع الأمنية والاقتصادية[iv] في مدينة بنغازي. تم محاكمتها أمام المحكمة العسكرية في بنغازي في شهر ……. من عام 2019 حكمت عليها المحكمة بالإعدام رمياً بالرصاص. بعد استئناف الحكم أمام المحكمة ذاتها تم تخفيف الحكم الى السجن عشر سنوات[v].

السيدة افتخار تعرضت، وهي رهن الاعتقال، لإصابات حروق من الدرجة الأولى منذ ما يزيد عن عامين، حسب ما ورد على لسان شقيقها محمد. منظمة التضامن لحقوق الإنسان تطالب بتحقيق مستقل في ملابسات حادث الحريق الذي أصيبت فيه السيدة افتخار داخل قسم الأمن الداخلي في سجن الكويفية[vi]. جهاز الأمن الداخلي، الذي أعاد تفعيله مجلس النواب بعد أن ألغاه المجلس الوطني الانتقالي، جهاز قمعي أدانته المحكمة الجنائية الدولية[vii] بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب عندما قاد حملة قمع الاحتجاجات السلمية في الفترة من فبراير إلى أغسطس من عام 2011.

ورغم مُضي شهر منذ أن نشر السيد محمد بو ذراع نداء الاستغاثة، ومُضي أسبوعان منذ صدور البيان المشترك لأربعة من خبراء الأمم المتحدة، المعنيين بحقوق الإنسان[viii]، والذي طالبوا فيه بالإفراج الفوري عن السيدة افتخار بو ذراع، إلا أنه وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير لم يصدر أي موقف رسمي من حكومة الوحدة الوطنية ولا من أي وزارة من وزاراتها. السيد أحمد محمود، الباحث الحقوقي في منظمة التضامن وصف عدم قيام السلطات الليبية بأي إجراء في قضية السيدة افتخار بأنه ، وأضاف “السيدة افتخار سجينة رأي، لم ترتكب جريمة، كل ما قامت به هو التعبير عن “تقصير جسيم في أداء الحكومة لأهم واجب من واجباتها وهو واجب الحماية. وأخطر من ذلك تعزيز الانطباع لدى شريحة واسعة بأن هذه الحكومة، والتي سبقتها، ليس لديها أي اهتمام بتعزيز وحماية حقوق الإنسان”رأيها بشكل سلمي، ولا نرى أي موقف من وزيرة العدل ولا من السيد النائب العام. في مقابل ذلك يتم الإفراج عن السجين البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في النظام السابق، والمحكوم عليه بالإعدام بعد أن أدانته المحكمة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية[ix]. هذه ليست حكومة ولا وزارة عدل ولا مكتب نائب عام يحترمون القانون وسيادة القانون ويناهضون الإفلات من العقاب”.

منظمة التضامن تطالب بالإفراج الفوري عن السيدة افتخار ميلاد بو ذراع، حيث اعتقالها انتهاك لحق أساسي من حقوق الانسان، حق التعبير عن الرأي، حق كفله الإعلان الدستوري[x] والاعلان العالمي لحقوق الإنسان[xi] والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[xii]. السيدة افتخار لم تمارس العنف ولم تُحرِّض عليه. كما يجب على حكومة الوحدة الوطنية[xiii] أن تمارس سلطاتها على المليشيات المسلحة وتقوم بواجب الحماية أو تتوقف عن دعم هذه المليشيات والانفاق عليها.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

15 أغسطس 2022

[i] مجمع سجن الكويفية يقع في قرية الكويفية شمال مدينة بنغازي، به ثلاث أقسام؛ القسم الجنائي يتبع وزارة العدل وتشرف عليه الشرطة القضائية؛ القسم السياسي يتبع وزارة الداخلية ويشرف عليه جهاز الأمن الداخلي؛ والقسم العسكري والذي تديره الشرطة العسكرية. وفقاً للسيد محمد بو ذراع، شقيق السيدة افتخار، داهمت عناصر من “جهاز الأمن الداخلي” بيت شقيقته بعد منتصف الليل واعتقلتها، وأنها الآن معتقلة في القسم العسكري من سجن الكويفية.

[ii] رغم أن سجن الكويفية يقع في مدينة بنغازي وتحت سيطرة المليشيات التابعة لما يسمى “الجيش الوطني الليبي”، إلا أن حكومة الوحدة الوطنية تتحمل مسئولية الانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها هذه المليشيات، فهي تتبع إسميا وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية وتتلقى منها ميزانياتها ومرتباتها.

[iii] شبكة التواصل الاجتماعي (Facebook): “نداء استغاثة“، حساب السيد محمد ميلاد بو ذراع “أبو أويس”، 13 يوليو 2022.

[iv] قناة ليبيا بانوراما: “المعتقلة في سجون حفتر، افتخار ميلاد بو ذراع“، 1 يونيو 2021. وفقاً لتقرير القناة “التهمة الوجهة لها: الكتابة ضد حفتر على صفحتها وبث مقطع مرئي تتهم فيه حفتر وقواته بارتكاب جرائم”.

[v] قناة ليبيا بانوراما.

[vi] حيث توجد مزاعم بأن الحريق كان نتيجة سكب بنزين على الضحية من قبل أشخاص ملثمين داخل السجن، مما يعتبر محاولة قتل وإلحاق إصابات بدنية بليغة.

[vii] المحكمة الجنائية الدولية: “قضية المدعية العامة ضد التهامي محمد خالد“، 18 أبريل 2013. التهامي خالد كان رئيس جهاز الأمن الداخلي لفترة سبع سنوات انتهت في أغسطس 2011. الدائرة التمهيدية الأولى، في المحكمة الجنائية الدولية، خلصت إلى الاعتقاد بأن “أفراد جهاز الأمن الداخلي وسائر أفراد قوات الأمن قاموا في الفترة من 15 فبراير 2011 و 24 أغسطس 2011 بإلقاء القبض على أشخاص يُعتقَّد أنهم معارضون لنظام القذافي واحتجازهم وتعرض هؤلاء الأشخاص لضروب شتى من إساء المعاملة منها الضرب المبرح والصعق وأفعال العنف الجنسي والاغتصاب والحبس الانفرادي والحرمان من الماء والطعام والاحتجاز في ظروف لا إنسانية والاعدامات الصورية والتهديد بالقتل والاغتصاب …”، ورأت الدائرة أن “ثمة أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن هذه الأفعال تشكل جرائم ضد الإنسانية …”، كما أن الدائرة رأت أن “ثمة أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن الأفعال المتقدم ذكرها التي ارتكبها أفراد جهاز الأمن الداخلي وسائر قوات الأمن تشكل جرائم حرب …”.

[viii] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “ليبيا: خبراء أمميون يطالبون بالإفراج عن محتجزة“، 1 أغسطس 2022. الخبراء: ريم السالم، المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات وأسبابه وعواقبه. إيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير؛ تلالنغ موفوكينغ، المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية؛ وميليسا أوبريتي، رئيسة مقرري الفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات.

[ix] البغدادي المحمودي لم تتم محاكمته بشأن التحريض على استخدام الاغتصاب سلاح في الحرب. يوجد تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية (الرابط) بين البغدادي المحمودي والطيب الصافي، من قيادات النظام السابق، وهم يتحدثون عن إعادة سيطرة قوات النظام السابق على مدينة زوارة (مطلع شهر مارس 2011). التسجيل يحتوي على تلميح من البغدادي بأنه على علم بجرائم اغتصاب كانت تقوم بها قواتهم في المدينة.

[x] مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن: “الإعلان الدستوري لسنة 2011- مع تعديلاته“. المادة (14): “تضمن الدولة حرية الرأي وحرية التعبير الفردي والجماعي، وحرية البحث العلمي، وحرية الاتصال، وحرية الصحافة ووسائل الإعلام والطباعة والنشر، وحرية التنقل، وحرية التجمع والتظاهر والاعتصام السلمي، وبما لا يتعارض مع القانون”.

[xi] الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، مكتب المفوض السامي: “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان“، المادة (19).

[xii] الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، مكتب المفوض السامي: “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية“، المادة (19) الفقرة رقم (2).

[xiii] منظمة العفو الدولية: “ليبيا: يجب على حكومة الوحدة الوطنية ألا تضفي الشرعية على الميليشيات والجماعات المسلحة المسؤولة عن ارتكاب انتهاكات مروعة“، 6 أغسطس 2021. مقتطفات: “لقد عاد ضباط الأمن السابقون في عهد معمر القذافي في جهاز الأمن الداخلي، وكان جهاز أمني ومخابراتي ممقوت، يتمتع بسلطات لا رقيب عليها، إلى الظهور في السنوات الأخيرة للانضمام إلى مجموعة من الجماعات المسلحة التي تستخدم اسم جهاز الأمن الداخلي وتعمل في معاقل القوات المسلحة العربية الليبية المعلنة ذاتياً، بقيادة اللواء خليفة حفتر. وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لقد رحبت الجماعات المسلحة التابعة لجهاز الأمن الداخلي في صفوفها بضباط في عهد القذافي، وأعادت إحياء أساليب القمع الوحشية. فاختطفت وعذبت وأخفت المئات قسراً على أساس انتماءاتهم القبلية، أو انتقاما لآرائهم بهدف واضح، ألا وهو سحق أي انتقاد لمن هم في السلطة في شرق ليبيا””.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى