uncategorizedالأخبارتقارير

آن الأوان لمحكمة استئناف طرابلس أن تتحمل مسؤوليتها في محاسبة مرتكبي جريمة القتل الجماعي في سجن بو سليم

Ref: PRS 2024/06/104529.06.2024


 “إن الحكم المطعون فيه جاء مخالفا لأهم المبادئ الدستورية الراسخة القائمة على حق التقاضي ومن حق الإنسان اللجوء إلى قاضيه الطبيعي وهي من أهم حقوق المتهم التي تتمتع بمكانة قانونية سامية.”i

قالت منظمة التضامن لحقوق الإنسان (منظمة التضامن)، في بيان صدر عنها بمناسبة الذكرى 28 لجريمة القتل الجماعي في سجن بو سليم، أنه بعد مضي سبع سنوات منذ أن أحالت غرفة الاتهام، بتاريخ 15 يونيو 2017م، إلى محكمة استئناف طرابلس، تعود القضية مجددا الى المحكمة ذاتها لمحاكمة 82 متهماii في قضية مذبحة سجن بو سليم. وأضافت التضامن “أنه لم يعد أمام محكمة استئناف طرابلس إلا تحمل مسؤوليتها القانونية في القضاء بعدل في جريمة وصفها القانون الليبيiii وحكم المحكمة العلياiv، الصادر بتاريخ 2 مايو 2021، بأنها جريمة ضد الإنسانية.

المحكمة العليا، في حكمها الصادر بتاريخ 3 مارس 2024، أكدت أن “الاختصاص [في النظر في جريمة سجن بو سليم] من حيث الأصل هو للمحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في جميع المنازعات والجرائم”v؛ وأن حكم محكمة استئناف طرابلس “بعدم الاختصاص” جاء “مخالفا لأهم المبادئ الدستورية الراسخة القائمة على حق التقاضي ومن حق الإنسان اللجوء إلى قاضيه الطبيعي”vi؛ وأن المحكمة العليا قضت باختصاص محكمة استئناف طرابلس لما تصدت لهذه الدعوى في جلسة 2-5-2021م فامرت بإعادة الدعوى “إلى محكمة استئناف طرابلس لنظرها مجددا من هيئة أخرى وهذا الحكم يعد بمثابة الإقرار من المحكمة العليا باختصاص المحاكم العادية بنظر هذه الدعوى”vii؛ وأوضحت خطأ محكمة استئناف طرابلس بادعائها “أن جميع المتهمين من العسكريين وأن الواقعة كانت داخل ثكنة عسكرية”، حيث أوضحت أن 25 متهما في القضية يمتهنون وظائف مدنية وشرطية، وأن مسرح الجريمة كان تحت إدارة جهة مدنية، الشرطة، وليس القوات المسلحةviii.

الحكم العادل في قضية جريمة القتل الجماعي في سجن أبو سليم، ليس فقط من أجل محاسبة الجناة، وهو هدف ضروري لمناهضة الإفلات من العقاب، ولكن فوق ذلك لكشف الحقيقة ورد الاعتبار للضحايا ولجبر الضرر ولمراجعة القوانين وفحص المؤسسات حتى لا تتكرر الانتهاكات الجسيمة – التي سبقت الجريمة وكانت مقدمات لها – في المستقبل. رغم مضي ثلاثة عشر عاماً على سقوط النظام السابق، لم تَشْرُع الدولة الليبية في مشروع العدالة الانتقاليةix. كل الدول التي صاغت ونفذت مشروع للعدالة الانتقالية بعد خروجها من حقبة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان – كانت نتيجة استبداد أنظمة ديكتاتورية أو نتيجة حروب أهلية – استطاعت أن تنتقل إلى مرحلة استقرار وأمن.

تقرير المفوض الساميx، الصادر في مطلع هذا الشهر، أشار إلى أن غياب مصالحة وطنية شاملة تقوم على حقوق الإنسان وعملية عدالة انتقالية في ليبيا سمح “باستمرار جولات العنف والإفلات من العقاب التي تفاقمت بسبب التعبئة المستمرة للجماعات المسلحة الممولة من الدولة، الأمر الذي يقوض الجهود الرامية إلى تعزيز المؤسسات الموحدة والشرعية وسيادة القانون وحقوق الإنسان. وأدى الفشل في دعم حقوق الضحايا وضمان المساءلة إلى ظهور مظالم جديدة …”.

اليوم يوجد آلاف الأشخاص رهن الاعتقال التعسفي في سجون معروفة وأخرى سرية، يتعرضون للتعذيب والاهانة والتجويع المتعمد والحرمان من الرعاية الطبية وفي معزل عن العالم، وفي ظروف ومعاملة ربما أسوأ بأضعاف مضاعفة من الظروف التي قادت الى جريمة القتل الجماعي في سجن أبو سليم صباح يوم 29 يونيو 1996م.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

29 يونيو 2024

مسار القضية:

  • صباح يوم 29 يونيو 1996، قام جنود وعناصر من أمن بقيادة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية عبد الله السنوسي بارتكاب جريمة قتل جماعي لما يقارب عن 1200 سجين، كانوا معتقلين بدون محاكمة في السجن المركزي، بسجن بو سليم في طرابلس،
  • بتاريخ 19 سبتمبر 2011، تقدم السيد زهير سالم سعيد ببلاغ إلى مكتب النائب العام حول واقعة القتل الجماعي في سجن أبو سليم، وبتاريخ 1 أكتوبر 2011 باشرت النيابة العامة التحقيق في الواقعة،
  • النيابة العامة أعدت مذكرة بالرأي والتصرف في جريمة القتل الجماعي في سجن أبو سليم، فوجهت الاتهام إلى 264 متهماً وتم قيدها في حق 172 وأُجِل القيد والتصرف بشأن 92، وقدمت للمحكمة 86 متهم، فمثل أمام المحكمة 79 متهماً، ولم يمثل 2 من المتهمين، وفارق الحياة 5 متهمون أثناء نظر الدعوى،
  • النيابة العامة قدمت أوراق القضية إلى غرفة الاتهام وطلبت منها إحالتها والمتهمين فيها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام وقائمة أدلة الاثبات. غرفة الاتهام قررت الإحالة إلى المحكمة في جلستها المنعقدة بتاريخ 15 يونيو 2017م،
  • محكمة استئناف طرابلس المدنية حددت أول جلسة للنظر في القضية بتاريخ 2 أغسطس 2017، لتكون أمام الدائرة الجنائية الحادية عشر. ولكن لأسباب لم يتم الكشف عنها قامت هيئة الدائرة الحادية عشر بالتنحي عن نظر القضية، فقام رئيس المحكمة بتحديد جلسة للنظر في القضية أمام الدائرة التاسعة،
  • عند النظر في القضية، قامت هيئة الدائرة التاسعة بالإفراج عن دفعة أولى من المتهمين، فقام أقارب الضحايا بطلب رد وتنحي الهيئة عن النظر في القضية، إعمالاً للقانون والطعن المدني رقم (81-35ق)، إلا أن رئيس المحكمة رفض الطلب،
  • أثناء سير القضية قامت هيئة المحكمة بالإفراج عن دفعة ثانية من المتهمين “بشرط التردد” على المحكمة،
  • عقدت المحكمة الجلسة الأولى يوم 5 أغسطس 2018 وبعد 10 جلسات، الجلسة العاشرة كانت يوم 4 أغسطس 2019، حجزت المحكمة جلسة النطق بالحكم يوم 15 ديسمبر 2019،
  • بتاريخ 15 ديسمبر 2019 حكمت الدائرة الجنائية التاسعة بمحكمة استئناف طرابلس “بسقوط الجريمة بمضي المدة، أي انقضاء مدة التقاضي”،
  • بتاريخ 17 ديسمبر 2019 قرر أحد أعضاء النيابة العامة بمكتب النائب العام الطعن في الحكم “بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة”، وبتاريخ 13 فبراير 2020 ” أودعت النيابة العامة مذكرة بأسباب الطعن. كما تقدم أقارب الضحايا بطعن في الحكم بتاريخ 5 فبراير 2020،
  • بتاريخ 2 مايو 2021 حكمت الدائرة الجنائية الثانية في المحكمة العليا “بقبول طعن النيابة العامة شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضدهم وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس – دائرة الجنايات – لنظرها من هيئة أخرى”، وقضت بعدم قبول “طعن محامي أولياء الدم [أقارب الضحايا] لعدم الصفة”، و
  • بتاريخ 15 يونيو 2022 حكمت الدائرة الجنائية الأولى بمحكمة استئناف طرابلس ” بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالة الأوراق للقضاء العسكري من حيث الاختصاص “.
  • بتاريخ 16 يونيو 2022 قرر أحد أعضاء النيابة العامة الطعن في الحكم “بطريق النقض لدى قلم كتاب المحكمة مصدرته”، وبتاريخ 28 يوليو 2022م “أودع لدى ذات الجهة أسباب الطعن موقعة منه”.
  • بتاريخ 3 مارس 2023 حكمت الدائرة الرابعة في المحكمة العليا ” بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى”.

i منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “حكم المحكمة العليا، الدائرة الجنائية الرابعة، في الطعن الجنائي رقم 1578 / 69 ق”، الحكم صدر بتاريخ 3 مارس 2024. اقتباس “إن الحكم المطعون فيه جاء مخالفا لأهم المبادئ الدستورية الراسخة القائمة على حق التقاضي ومن حق الإنسان اللجوء إلى قاضيه الطبيعي وهى من أهم حقوق المتهم التي تتمتع بمكانة قانونية سامية وتستمد من النص عليها صراحة في جميع المواثيق والعهود الدولية، فقد نصت المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10-12 1948م على أنه (لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضية أمام محكمة مستقلة ومحايدة نظراً منصفاً وعلنياً للفصل في حقوقه والتزامه وأية تهمة جنائية توجه اليه)، ونصت المادة الرابعة عشر فقرة (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية بأنه (الناس جميعا سواء أمام القضاء ومن حق كل فرد لدى الفصل في أي تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أي دعوى مدنية أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة حيادية)”.

ii منذ أن بدأت الدائرة الجنائية التاسعة بمحكمة استئناف طرابلس النظر في القضية، بتاريخ 2 أغسطس 2017، قامت بالإفراج عن مجموعة من المتهمين على دفعات، ولم يبقى في السجن في ديسمبر 2019 من أصل 79 متهم مثلوا أمام المحكمة سوى ثلاثة، عبد الله السنوسي، منصور ضو وعبد الله منصور، كانوا قيد المحاكمة في قضية أخرى. وبتاريخ 19 فبراير 2023 قام المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية، بالإفراج عن المتهم اللواء عبد الله منصور.

 iii المؤتمر الوطني العام، قانون رقم (31) لسنة 2013م “في شأن تقرير بعض الأحكام الخاصة بمذبحة سجن أبو سليم”، 18 ديسمبر 2013، الجريدة الرسمية العدد (4) السنة (3) 7 مايو 2014. المادة الأولى: “مذبحة سجن أبو سليم جريمة ضد الإنسانية تلتزم دولة ليبيا بإجراء تحقيق شامل وشفاف في شأنها لمعرفة مرتكبيها والمشتركين فيها وتقديمهم للعدالة”.

iv منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “حكم المحكمة العليا، الدائرة الجنائية الثانية، في الطعن الجنائي رقم 512 / 67 ق”. الحكم صدر بتاريخ 2 مايو 2021. اقتباس “واقعة مذبحة سجن أبو سليم – كما هي ثابتة في الأوراق والحكم المطعون فيه – تتمثل في اتهام المطعون ضدهم بتصفية عدد كبير من المساجين المنتمين إلى مجموعات دينية مختلفة بإطلاق الرصاص عليهم، وتهشيم رؤوس بعضهم بالحجارة؛ أي أنها إبادة جماعية لتلك المجموعة خارج القانون، وهي من أوضح صور الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية “.

v منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “حكم المحكمة العليا، الدائرة الجنائية الرابعة، في الطعن الجنائي رقم 1578 / 69 ق”، 3 مارس 2024، الفقرة رقم 1 الصفحة رقم (5 من 9).

vi المصدر السابق، الفقرة رقم 2 الصفحة رقم (5 من 9).

vii المصدر السابق، الفقرة رقم 3 الصفحة رقم (6 من 9).

viii المصدر السابق، الفقرة رقم 4 والفقرة رقم 5 الصفحة رقم (6 من 9).

ix العدالة الانتقالية هي حزمة من الإجراءات التشريعية والقضائية والاجتماعية والسياسية لتحقيق المصالحة الوطنية. مراحل العدالة الانتقالية: “جمع الحقائق حول الانتهاكات، توثيق الحقائق، المحاسبة (إحالة من يثبت تورطهم في جرائم إلى القضاء)، جبر الضرر (تعويض الضحايا ماديا ومعنويا)، فحص المؤسسات، وإصدار التشريعات المناسبة لمنع تكرار الانتهاكات في المستقبل”.

x مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “تقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات لتحسين حالة حقوق الإنسان في ليبيا“، 3 يونيو 2024، الفقرة رقم 52.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى