Ref: PRS 2025/08/1063 | 21.08.2025 |
اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم[i]
“الإرهاب في الأساس هو إنكار لحقوق الإنسان وتدمير لها، والحرب ضد الإرهاب لن تنجح أبدا بإدامة نفس هذا الإنكار والتدمير”، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة[ii] يوم 21 أغسطس بوصفه اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، من أجل تكريمهم ودعم الناجين منه وتعزيز وحماية تمتعهم الكامل بما لهم من حقوق الإنسان وبحرياتهم الأساسية. وعلى الرغم من تضرر كثير من البلدان من الإرهاب، إلا أن أعداد ضحاياه تتركز إلى حد كبير في عدد صغير من الدول[iii] والأقاليم الجغرافية.
في السنوات الأخيرة، تنامى عدد ضحايا الإرهاب في أفريقيا، وفقا لتقرير “مؤشر الإرهاب العالمي 2025”[iv]، الإرهاب في منطقة الساحل قد ازداد بشكل كبير، حيث ارتفع عدد الوفيات بنحو عشرة أضعاف منذ عام 2009. وقد ساهم ضعف الحوكمة، والتوترات العرقية، وتدهور البيئة في خلق بيئة مواتية لازدهار الإرهاب. تمثل منطقة الساحل 51٪ من وفيات الإرهاب في عام 2024، وكانت بوركينا فاسو، رغم بعض التحسن العام، لا تزال الدولة الأكثر تضررًا للعام الثاني على التوالي[v].
الأسباب الرئيسة لتنامي أعداد الإرهاب في أفريقيا تتلخص في الاستغلال غير المشروع للمعادن مثل الذهب والفضة والماس والثروات الطبيعية مثل النفط الذي يوفر “للجماعات المسلحة والجماعات المتمردة والإرهابيين مصادر دخل كبيرة”[vi] تستخدمها في التجنيد وشراء الأسلحة والذخيرة. ويوفر “اليأس والفقر والجوع ونقص الخدمات الأساسية والبطالة والتغييرات غير الدستورية في الحكم”[vii] أرضية خصبة للتوسع الزاحف للجماعات الإرهابية.
وفقا لتقرير “مؤشر الإرهاب العالمي” انخفضت جرائم الاختطاف في عام 2024 بنسبة 94٪، مقارنة مع عام 2023، في جميع أنحاء منطقة الساحل وجنوب الصحراء، ويرجع ذلك إلى تغيرات في استراتيجيات تمويل الجماعات الإرهابية. أما في ليبيا، لا تزال الجماعات المسلحة والجماعات المتمردة وعصابات تهريب البشر تمارس الخطف إما لفرض أجندتها[viii] وسيطرتها في مناطق نفوذها[ix] أو لطلب الفدية[x]. معظم، إن لم يكن كل، المجموعات المسلحة والمتمردة في شرق وغرب وجنوب البلاد، وجدت في خطف المهاجرين واحتجازهم من أجل دفع الفدية[xi]، مصدر تمويل كبير لأنشطة هذه الجماعات والعصابات.
لا يزال ضحايا الإرهاب يكافحون لإسماع أصواتهم، ولا يجدون من يلبي احتياجاتهم، ويؤيد حقوقهم. وغالبًا ما يحسون بالنسيان والإهمال بمجرد تلاشي التأثر الفوري للهجمات الإرهابية، الأمر الذي يترتب عليه عواقب وخيمة عليهم وأثر الإرهاب على الضحايا يمكن أن يستمر مدى الحياة وأن يتردد صداه عبر الأجيال. وإن كان من غير الممكن محو الذكريات المفجعة، إلا أنه يمكننا مساعدة الضحايا والناجين من خلال السعي إلى استجلاء الحقيقة وتمكينهم من العدالة وجبر ضررهم، وتوفير منابر لإسماع أصواتهم، والتمسك بحقوق الإنسان الواجبة.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان تؤكد تضامنها ودعمها لجميع ضحايا الإرهاب في ليبيا وفي كافة بلدان العالم، كما تدعوا لمزيد من الدعم للضحايا وذويهم الذين كانوا ضحايا الإرهاب، وتدعوا إلى ضرورة الإسراع في إنهاء حالة النزاع والانقسام السياسي لإعادة الاستقرار في ليبيا لإنهاء حالة اليأس والفقر ونقص الخدمات الأساسية والبطالة. كما أن التخلص من الإرهاب لا يكون فقط بمحاسبة ومعاقبة مرتكبيه، بل يجب توحيد الجهود في رسم استراتيجيات حقيقية مبنية على احترام حقوق الإنسان ونشر المعارف والعلم ومنع خطاب الكراهية بين الشعوب والثقافات، والحث على إصدار مواثيق واتفاقيات تمنع ازدراء الأديان والمقدسات.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان
طرابلس – ليبيا
21 أغسط
[i] الأمم المتحدة: “اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم 21 آب/أغسطس“.
[ii] الجمعية العامة للأمم المتحدة: “القرار رقم 165/72 اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم“، 19 ديسمبر 2017.
[iii] أخبار الأمم المتحدة: “الأمين العام: دعم ضحايا الإرهاب واجب أخلاقي يدحض الكراهية التي يبثها الإرهابيون“، 21 أغسطس 2018. في عام 2017 وحده، كما تشير بيانات الأمم المتحدة، كان ما يقرب من ثلاثة أرباع الوفيات الناجمة عن الإرهاب تتركز في خمسة بلدان فقط، هي أفغانستان والعراق ونيجيريا والصومال وسوريا. ومن أجل ذلك أكد الامين العام للأمم المتحدة أن دعم ضحايا الإرهاب واجب أخلاقي يدحض الكراهية التي يبثها الارهابيون.
[iv] معهد الاقتصاد والسلام: “مؤشر الإرهاب العالمي 2025“، 5 مارس 2025.
[v] في عام 2024 بلغ عدد الوفيات من الإرهاب في بوركينا فاسو 1532 مقابل 1935 ضحية إرهاب في عام 2023. وسجلت ست دول من أصل عشر في المنطقة على الأقل حالة وفاة واحدة. كما شهدت توغو أسوأ عام لها من حيث الإرهاب منذ بدء إصدار المؤشر، مما يعكس انتشار النشاط الإرهابي خارج نطاق الساحل، (مؤشر الإرهاب العالمي).
[vi] أخبار الأمم المتحدة: “غادة والي: الاتجار غير المشروع “يسلب ملايين الأشخاص” في أفريقيا من الموارد الطبيعية التي يعتمدون عليها و”يؤجج الصراعات ويزيد من عدم الاستقرار”“، 6 أكتوبر 2022 تقرير حول إحاطة السيدة غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أمام مجلس الأمن.
[vii] أخبار الأمم المتحدة: “الأمم المتحدة تؤكد دعمها لإفريقيا في مكافحة الإرهاب“، 28 مارس 2023. تقرير حول إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن. في ذات الاجتماع، عزى السيد غزالي عثماني، رئيس جمهورية جزر القمر الرئيس السابق للاتحاد الأفريقي، سبب تنامي الإرهاب في القارة الأفريقية، إلى “الأزمة الليبية منذ عام 2011” حيث أشار رئيس جزر القمر غزالي العثماني إلى أنه على الرغم من وجود الإرهاب منذ فترة طويلة [إلا أنه] “منذ الأزمة الليبية في عام 2011، فقد انفجر بالفعل، وخاصة في إفريقيا”
[viii] مثلا البرلمان الليبي في شرق ليبيا يخضع بالكامل لإملاءات خليفة حفتر وأبناءه، لا يوجد أي صوت معارض واحد داخل البرلمان. اختطفت مجموعة مسلحة تابعة لحفتر عضو مجلس النواب عن بنغازي، الدكتورة سهام سرقيوه، من بيتها يوم 17 يوليو 2019، ومنذ ذلك التاريخ لم يصدر عن البرلمان أي إجراء أو يعقد أي جلسة بشأن الاختفاء القسري لأحد أعضاءه، هذا نتاج الترهيب الذي تمارسه مليشيات حفتر على أعضاء البرلمان.
[ix] في طرابلس كنموذج، المليشيات المسلحة مثل مليشيا الردع وميليشيا “دعم الاستقرار” تمارس الخطف والاعتقال التعسفي لأجل بسط سيطرتها وتأمين موارد مالية من خلال ابتزاز مؤسسات الدولة وحتى الأفراد. مليشيا “الكتيبة 55 مشاة” التي يقودها معمر الضاوي تمارس الخطف والتعذيب والاعتداء على الأملاك في منطقة ورشفانة، كما تمارس الاتجار في البشر.
[x] كثير من المعتقلين، حتى من أصدرت النيابة أوامر بالإفراج عنهم أو حكمت المحاكم ببراءتهم، لا يتم الإفراج عنهم إلا بعد دفع فدية.
[xi] ليس فقط الجماعات المسلحة والجماعات المتمردة وعصابات تهريب البشر، التي تختطف المهاجرين، نسبة منهم لاجئين وطالبي لجوء، ولا تفرج عنهم حتى يدفعوا فدية، بل حتى مراكز تابعة لجهاز مكافحة الهجرة. توجد تسجيلات لعمليات تعذيب مهاجرين لإرغام أهلهم لدفع فدية مقابل الافراج عنهم، كما وثقت منظمات ليبية ودولية شهادات مهاجرين وطالبي لجوء تعرضوا للتعذيب في مقار اعتقالهم.


