اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث 2025
Ref: PRS 2025/10/1071 | 13/10/2025 |
اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث[1] 2025
“موّلوا الصمود، لا الكوارث”
منظمة التضامن: عامان منذ كارثة درنة، لا دروس مستفادة حتى الآن
في هذا اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث[2]، تنضم منظمة التضامن لحقوق الإنسان (منظمة التضامن) إلى النداء العالمي تحت شعار الأمم المتحدة لهذا العام: “موّلوا الصمود، لا الكوارث”. هذا الشعار ليس مجرد عبارة، بل هو تحذير صارخ. تحذير يتردد صداه بقوة في ليبيا، حيث لا تزال كارثة درنة جرحًا مفتوحًا، ودروسها غير مستفادة.
قبل عامين، فجر يوم 11 سبتمبر 2023، تعرضت مدينة درنة لفيضانات كارثية نتيجة للعاصفة دانيال، ما أدى إلى وفاة آلاف الأشخاص وتشريد أضعاف ذلك، وتدمير أحياء بأكملها[3]. لم تكن هذه كارثة طبيعية فحسب، بل كانت مأساة من صنع الإنسان[4]، نتجت عن عقود من الإهمال والفساد والانقسام السياسي. فرغم التحذيرات المتكررة بشأن خطورة انهيار سدي وادي درنة، لم تُتخذ أي إجراءات وقائية. ورغم الإنذارات المبكرة بشأن العاصفة، لم تُصدر أوامر بالإخلاء. بل فُرض حظر تجول يوم 10 سبتمبر، مما أدى إلى تفاقم الكارثة.
اليوم، لا نحيي ذكرى الضحايا بالحزن فقط، بل بالغضب المشروع. التحقيقات التي أُجريت لم تُحاسب المسؤولين الحقيقيين عن هذه الكارثة. الطبقة السياسية الراسخة التي تجاهلت المخاطر وأسكتت الخبراء وفشلت في اتخاذ الإجراءات لا تزال بمنأى عن المساءلة[5]. والأسوأ من ذلك، أنه لم تُتخذ أي خطوات لمنع تكرار هذه الكارثة.
تُذكّرنا الأمم المتحدة بأن الكوارث تزداد تكرارًا وتكلفةً، نتيجة لتغير المناخ والتخطيط غير الواعي للمخاطر. ومع ذلك، لا تزال نسبة الإنفاق على الحد من مخاطر الكوارث (DRR) ضئيلة عالميًا، حيث لا تتجاوز 1% من الميزانيات العامة، و2% فقط من مشاريع المساعدات الدولية تتضمن أهدافًا للحد من المخاطر. وليبيا ليست استثناءً، بل هي مثال صارخ لما يحدث عندما لا يُموّل الصمود، وتُترك الكوارث لتضرب دون رادع.
منظمة التضامن تدعو السلطات الليبية، الوطنية والمحلية، إلى:
- اعتماد وتنفيذ استراتيجية وطنية للحد من مخاطر الكوارث، بما يتماشى مع إطار سنداي[6] والتكيف المناخي.[7]
- تخصيص تمويل واضح ومحدد للحد من المخاطر ضمن الميزانيات العامة، وضمان الشفافية والمساءلة في استخدامه.
- إجراء تقييمات مستقلة قائمة على العلم للمخاطر التي تهدد البنية التحتية الحيوية، خاصة السدود وأنظمة صرف مياه الأمطار والتخطيط العمراني في المناطق المعرضة للفيضانات،
- إنشاء أنظمة إنذار مبكر وبرامج توعية مجتمعية، خصوصاً القريبة من السدود ومجرى الوديان، و
- إشراك مؤسسات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية في التخطيط والاستجابة للكوارث، لضمان عدم تجاهل أي صوت أو تحذير.
إن تكلفة التقاعس لا تُقاس بالأموال فقط، بل بالأرواح. يجب ألا تُنسى كارثة درنة، ويجب ألا تتكرر. ليكن هذا اليوم نقطة تحول. موّلوا الصمود، لا الكوارث.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان
طرابلس – ليبيا
13 اكتوبر 2025
[1] الأمم المتحدة: “اليوم الدولي للحد من الكوارث، 13 أكتوبر“.
[2] بدأ اليومُ الدولي للحدّ من مخاطر الكوارث عام 1989، عقب دعوةٍ من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تخصيص يومٍ لتعزيز ثقافةٍ عالميةٍ للتوعية بالمخاطر والحدّ من الكوارث. ويُحتفى به في 13 تشرين الأول/أكتوبر من كلّ عام، احتفاءً بما ينهض به الأفرادُ والمجتمعاتُ في أنحاء العالم من جهودٍ لخفض تعرّضهم للكوارث ولرفع الوعي بأهمية كبحِ المخاطر التي يُواجِهونها.
[3] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “درنة بعد عام من كارثة الفيضان، فشل ذريع في تحقيق العدالة وإعادة إعمار المدينة“، 11 سبتمبر 2024.
[4] في حديثه للصحفيين في جنيف، بتاريخ 13 سبتمبر 2023، قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتري تالاس إن التحدي الرئيسي الذي تواجهه ليبيا في إدارة عواقب الفيضانات التي قتلت الآلاف هو أن الحكومة “لم تكن تعمل بشكل طبيعي. لو كانت هيئة الأرصاد الجوية تعمل بشكل طبيعي، لكان بإمكانها إصدار تحذيرات. ولتمكنت سلطات إدارة الطوارئ من إجلاء الناس. وكان بإمكاننا تجنب معظم الخسائر البشرية. بالطبع، لا يمكننا تجنب الخسائر الاقتصادية بشكل كامل، لكن كان بإمكاننا تقليل تلك الخسائر [الاقتصادية] من خلال توفير الخدمات الخاصة بالأرصاد الجوية المناسبة“. وكالة رويترز للأنباء: “رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: كان من الممكن تجنب الخسائر في فيضانات ليبيا بنظام إنذار“، 14 سبتمبر 2023.
[5] New York Times: “12 Officials Sentenced for Roles in Devastating Libya Flood”, July 28, 2024. Excerpt: “But the verdict left untouched Libya’s entrenched political class, which many Libyans blame for a decade of political stagnation, corruption, violence and chaos that, directly or indirectly, probably contributed to the catastrophe, in which two dams collapsed.”.
[6] الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرار رقم (A/RES/69/283): “إطار سِنداي للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015 – 2030“، 23 يونيو 2015.
[7] في عام 2015 في المؤتمر العالمي الثالث للأمم المتحدة المعني بالحدّ من مخاطر الكوارث في سنداي، اليابان، ذُكّر المجتمعُ الدوليّ بأنّ الوقعَ الأشدَّ للكوارث يكون على المستوى المحليّ، حيث تتسبّب في خسائرَ بشرية واضطراباتٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ جسيمة. تؤدّي الكوارثُ المفاجئةُ النشوء إلى نزوحِ ملايين الأشخاص سنويًا. كما أنّ كثيرًا من الكوارث — التي يزيدها تغيّرُ المناخ حدّةً وتواترًا — يقوِّض استثماراتِ التنمية المستدامة ومخرجاتِها المنشودة.

