الأخبارتقارير

اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالأشخاص 30 يوليو

Ref: PRS 2025/07/105530.07.2025

اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالأشخاص 30 يوليو

الاتجار بالبشر جريمة منظمة

يُعدّ الاتجار بالبشر تهديدًا عالميًا متفاقمًا، تتغذى عليه شبكات الإجرام المنظّم. ففي كل عام، يسقط عدد متزايد من الضحايا فريسةً لهذا الجُرم الفادح، فيُنقلون لمسافات بعيدة، ويُرغمون على تحمل عنف أشد وطأة، ولسنوات طويلة، مقابل أرباح آخذة في الازدياد. وبين عامي 2020 و2023، كُشف النقاب عن أكثر من 200 ألف ضحية في مختلف أنحاء العالم[1]، وهو رقم يبرز جزء يسير من جبل الجليد هذا، إذ يُعتقد أن الأعداد الحقيقية للحالات غير المُبلَّغ عنها تفوق ذلك بأضعاف مضاعفة.

في 30 يوليو من كل عام اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، لتسليط الضوء على معاناة الضحايا وتعزيز الجهود الدولية لمواجهة هذه الجريمة الخطيرة. تشكل ليبيا بؤرة مأساوية لجريمة الاتجار بالبشر، في ظل فراغ سياسي ومؤسساتي، واستغلال جماعات مسلحة ومؤسسات رسمية لضعف الدولة لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

منذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011، دخلت ليبيا في حالة من الفراغ المؤسسي والانقسام السياسي، حيث انهارت البنية الأمنية التي كانت تمسك بمفاصل الدولة، وانقسمت البلاد بين حكومات متنافسة وكيانات متصارعة على الشرعية (المؤتمر الوطني، مجلس النواب، حكومة الوفاق، والحكومات الموازية في الشرق). وقد أسفر هذا الوضع عن:

  • غياب سلطة مركزية فاعلة.
  • شلل مؤسسات العدالة والشرطة.
  • فقدان الدولة السيطرة على حدودها البرية والبحرية.
  • فراغ أمني استغلته جماعات مسلحة داخل وخارج إطار مؤسسات الدولة.

في ظل هذا التفكك، ظهرت بيئة خصبة لازدهار أنشطة الجريمة المنظمة، وعلى رأسها الاتجار بالبشر، الذي بات يشكّل ركيزة أساسية فيما يُعرف بـ “الاقتصاد العنيف” في ليبيا. ومع انهيار الاقتصاد الرسمي، اتجهت   المليشيات النافذة إلى الاستفادة من اقتصاد موازٍ قائم على تهريب الوقود والسلاح والإتجار بالمهاجرين واستغلالهم عبر طلب فدية أو فرض العمل القسري عليهم، كذلك وضعهم رهينة الاستغلال الجنسي، خاصة للنساء والفتيات.

تشير العديد من التقارير المحلية والدولية إلى تورط بعض الأجهزة الأمنية في ليبيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، في قضايا الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين. فقد أدى الانفلات الأمني والانقسام السياسي الحاد منذ عام 2014 إلى ضعف الرقابة على المؤسسات الرسمية، مما فتح المجال أمام مجموعات مسلحة وشبكات إجرامية لاختراق الأجهزة والمؤسسات الأمنية والعسكرية والعمل من داخلها أو تحت حمايتها. ففي بعض الحالات، يُتهم أفراد من حرس وأمن السواحل، وإدارات مراكز الاحتجاز، وحتى عناصر من جهاز مكافحة الهجرة، المنقسم بين حكومتي الشرق والغرب، بالتواطؤ مع شبكات تهريب البشر من خلال تسهيل عمليات النقل أو احتجاز المهاجرين بغرض الابتزاز أو الاتجار. وقد تفاقم هذا الوضع نتيجة غياب سلطة مركزية موحدة لفترات طويلة، مما جعل التنسيق بين الجهات الأمنية هشًا، وأدى إلى تكرار ازدواجية الصلاحيات وتضارب المصالح بين الجهات المتنازعة على الحكم. كما أن تأخر توحيد الحكومة ومؤسسات الدولة ساهم في غياب آليات المحاسبة والمساءلة، وهو ما خلق بيئة خصبة لانتهاكات حقوق الإنسان، واستغلال المهاجرين واللاجئين كوسيلة للربح غير المشروع. وبهذا أصبحت بعض المراكز التي يفترض أن تكون أماكن للحماية والاستقبال، مقار للابتزاز والاستغلال، تحت غطاء مؤسسي هش وفاقد للرقابة الفعلية.

بحسب تقرير بعثة تقصي الحقائق للأمم المتحدة[2] (مارس 2023)، فإن “التهريب، والتجارة غير الشرعية، والاستعباد، والعمل القسري، والسجن وابتزاز المهاجرين تولّد إيرادات طائلة للأفراد والمجموعات المسلّحة والمؤسسات الحكومية، بما في ذلك كيانات الدولة الليبية التي تحصل على تمويل كبير من الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية”.

وأكد تقرير[3] المقررة الخاصة المعنية بمسألة الاتجار بالأشخاص، لا سيما النساء والأطفال، أن الاتجار بالبشر في ليبيا يشمل الاسترقاق، السخرة، الاتجار بالأعضاء، الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في التسول والعمل القسري. وأشارت إلى أن غياب التشريعات الفعالة في ليبيا يعيق مكافحة هذه الجريمة، وأن القوانين الليبية الحالية لا توفر حماية كافية للضحايا.

مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، في “التقرير العالمي عن الاتجار بالبشر”، وصف الاتجار بالبشر بأنه جريمة تُعيق الإنسانية جمعاء، وأشار إلى أن ليبيا تُستخدم كنقطة عبور رئيسية في شبكات الاتجار الإقليمي والدولي[4]، ودعى إلى تعزيز التعاون الدولي وتوفير بيانات دقيقة لفهم حجم المشكلة واتخاذ إجراءات فعالة.

التقرير النهائي لسنة 2024، الصادر عن فريق الخبراء الدولي المعني بليبيا[5] والمنشأ عملا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 لسنة 2011، كشف أن الشبكات الدولية للاتجار بالبشر والتهريب، بالتعاون مع أطراف مسلحة ليبية، استخدمت الأراضي الليبية كمركز عبور لتشغيل 17 طريقا دوليا للاتجار بالبشر جرى التعرف عليها. ويتعرض المهاجرون وطالبوا اللجوء، بمن فيهم الأطفال، للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي وسوء المعاملة والابتزاز على طول هذه الطرق. وكشف الفريق عن وجود ثلاث شبكات تهريب ليبية متطورة تقودها عناصر من الجماعات المسلحة[6] التي وسعت عملياتها من حيث الحجم والتعقيد لزيادة تمويل أنشطتها غير المشروعة. وأشار إلى أن الجماعات المسلحة تستغل المهاجرين وتحتجزهم في ظروف غير إنسانية، وتفرض عليهم رسومًا تصل إلى آلاف الدولارات مقابل العبور. كما أكد أن الاتجار بالبشر مرتبط بغياب سيادة القانون، وتورط مؤسسات رسمية في بعض الحالات[7].

التقرير الصادر عن المعهد الملكي للشؤون الدولية (Chatham House)، بعنوان “كيف ساهم الصراع في ليبيا في توسّع شبكات تهريب البشر والاتجار بهم عبر الحدود”[8]، تناول دور الصراع السياسي والعسكري في ليبيا في تنامي تهريب البشر والاتجار بهم في وعبر ليبيا، وفشل سياسات الاتحاد الأوروبي في معالجة الهجرة عبر ليبيا وكيف أن تدخلات دول الاتحاد، منذ عام 2017، تسببت في تفاقم المشكلة. صناع السياسيات الأوروبية، عوضا عن معالجة الأسباب لجأوا إلى معالجة الأعراض. تبنت سياسات الاتحاد الأوروبي، لتقليل أعداد الوافدين غير النظاميين من ليبيا، إقامة شراكات مع الجماعات المسلحة في ليبيا، بدافع الضرورة المتصورة، بدلاً من التركيز على كبح جماح هذه الجماعات. وفي النيجر المجاورة، مارس القادة الأوروبيون ضغوطًا على السلطات لتجريم حركة الأشخاص. أدّت هذه التحولات إلى زيادة المخاطر التي تواجه المهاجرين، حيث تزايد الاستغلال بشكل كبير وشديد. وفي هذه المرحلة، انخفض عدد الوافدين إلى أوروبا، لكن أعدادًا كبيرة من الناس واصلت التحرك، ما زاد من حجم العنف والاستغلال الذي يتعرضوا له.

ويرى التقرير أن سيطرة الجماعات المسلحة على مؤسسات الدولة الليبية وتطوّر اقتصاد النزاع أدى إلى تورّط الشركاء الأوروبيين أنفسهم في تهريب البشر. سياسات دول الاتحاد الأوروبي قدمت دعمًا ماليًا دون إزالة الحوافز المالية للتهريب. وقد استفادت الجماعات المسلحة من المنع والتسهيل في آنٍ واحد، مما أدّى إلى نوع من التنظيم الجزئي للتهريب دون القضاء عليه. كما أُتيح للجماعات المسلحة المزيد من الموارد من خلال تمويل مراكز الاحتجاز والتدريب والتجهيزات. وارتفعت حالات الاحتجاز التعسفي، وتفشّى نظام من “الاستغلال للربح” شمل الابتزاز والانتهاكات الجنسية بحق المهاجرين.

ما ورد في تقرير المعهد الملكي، عن تصاعد دور شبكات اتجار بالبشر عابرة للحدود، وارتباطها بميليشيات ليبية لها نفوذ فعلي على الأرض، وتمتع بعضها “بغطاء رسمي”، أكدته عدة جهات محلية رصدت عمليات ممنهجة للاتجار وبيع المهاجرين داخل مراكز احتجاز تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في كل من طرابلس وبنغازي، والتي تخضع فعليًا لسيطرة رئيس الجهاز ونائبه في المنطقة الغربية[9].

في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، نحن بحاجة إلى إجراءات ملموسة لمناهضة جريمة الاتجار بالبشر، تحاسب الجناة وتُنقذ الأرواح وتُعيد الكرامة لأولئك الذين حُرموا منها. ولهذا، نطالب بما يلي:

  • ضرورة إصدار قانون وطني شامل لمكافحة الاتجار بالبشر في ليبيا،
  • إنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر،
  • توفير مراكز حماية وإيواء للضحايا، خاصة النساء والأطفال،
  • تدريب العاملين في العدالة الجنائية على التعامل مع هذه الجريمة،
  • تنفيذ حملات توعوية شاملة في الإعلام والمساجد والمدارس حول مخاطر جريمة الاتجار بالبشر،
  • تعزيز التعاون القضائي والأمني مع الهيئات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، و
  • تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني المحلي باعتباره فاعلًا أساسيًا في الوصول للضحايا وتوثيق الانتهاكات

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

30 يوليو 2025

التعريف القانوني لجريمة الاتجار بالبشر في القانون الدولي

القانون الدولي لحقوق الإنسان:

يستند التعريف إلى بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية[10]، والذي يُعد المرجع الأساسي. المادة (3) الفقرة (أ): “يقصد بتعبير “الاتجار بالأشخاص” تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء”.

صكوك قانونية دولية أخرى تتعلق بالاتجار بالأشخاص

قبل اعتماد بروتوكول مكافحة الاتجار بالأشخاص في عام 2000، تناولت اتفاقيات وإعلانات دولية أخرى بعض جوانب الاتجار. ولا يزال العديد من تلك الاتفاقيات والإعلانات متعلقًا بالاتجار حتى يومنا هذا، إذ تساعد على إرساء استجابة شاملة للاتجار بالأشخاص وتُكمِّل متطلبات البروتوكول وتضيف إليها. يستعرض الإطار 3 أدناه تلك الاتفاقيات والإعلانات.

الاتفاقيات والإعلانات الدولية التي تناولت جرائم مشابهة للاتجار بالأشخاص:

تختلف تلك الصكوك الدولية عن بروتوكول مكافحة الاتجار بالأشخاص على النحو التالي:

  • لم يُعرِّف أي صكٍّ جريمة الاتجار بالأشخاص، إذ كان البروتوكول هو أول صكٌّ دولي يُعرِّف تلك الجريمة.
  • تناولت العديد من تلك الصكوك الاتجار لغرض الاستغلال الجنسي دون الأشكال الأخرى للاتجار. ويغطي البروتوكول الأشكال المختلفة للاتجار وليس فقط الاتجار بالأشخاص لأغراض الاستغلال الجنسي.
  • في حين أكد العديد من تلك الصكوك منع الاسترقاق، نقل البروتوكول التركيز من المفهوم المحدود للاسترقاق إلى الأشكال الأكثر دقة للسيطرة والفهم الأوسع لأنواع الاستغلال.  
  • ركزت تلك الاتفاقيات والإعلانات على المنع مع دعوة الدول إلى منع فعل الاتجار. تبنى البروتوكول نهجًا شاملاً لمكافحة الجريمة. وتنص المادة 2 تحديدًا على حماية الحقوق الإنسانية للضحايا وتدعو لاستجابة متكاملة، بما يشمل التعاون الدولي القوي، بالإضافة إلى المنع.

*****

أبرز الجهات المتورطة في عمليات الاتجار بالبشر داخل ليبيا

ميليشيات تابعة لجهاز دعم الاستقرار

تورّطت ميليشيات مرتبطة بجهاز دعم الاستقرار، المكلّف من المجلس الرئاسي، في انتهاكات خطيرة بحق المهاجرين. تسيطر هذه المجموعات على منشآت بحرية في منطقة ورشفانة، وتدير دوريات صحراوية قرب الحدود التونسية، خاصة في منطقة نالوت. وتشير تقارير وشهادات إلى تحالف بين هذه الميليشيات ومجموعة مسلحة يقودها معمر الضاوي، قائد الكتيبة 55 مشاة التابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، والتي تُعد من أخطر المجموعات المتورطة في الاتجار بالبشر، خاصة داخل سجن المايا سيئ السمعة، الذي تحوّل إلى مركز رئيسي للبيع والاستغلال القسري للمهاجرين.

ميليشيات بحرية تابعة للواء طارق بن زياد

أشارت تقارير حقوقية وشهادات مهاجرين إلى تورط لواء طارق بن زياد، بقيادة صدام خليفة حفتر، في انتهاكات جسيمة في شرق البلاد، من بينها الاحتجاز التعسفي والاتجار بالبشر. يلعب هذا اللواء دورًا متزايدًا في السيطرة على المعابر الحدودية، مثل معبر أمساعد مع مصر، ومناطق عبور المهاجرين في الجنوب الشرقي، خاصة قرب مدينة الكفرة. ووردت معلومات عن قيام عناصر من اللواء بإرجاع قوارب مهاجرين تم اعتراضها في البحر إلى الشواطئ الليبية، وتسليمهم إلى مراكز احتجاز مثل قنفودة في بنغازي، المعروفة ببيع المهاجرين وتشغيلهم في مشاريع إعمار تابعة لشخصيات نافذة. وتُدار هذه المراكز خارج أي إطار رقابي قانوني أو إنساني. تتفاقم خطورة هذه الانتهاكات في ظل غياب منظومة موحدة لحقوق الإنسان، وتعدد الجهات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة، في سياق الانقسام السياسي بين الشرق والغرب، مما أتاح للواء طارق بن زياد فرض نفوذه وتحويل ملف الهجرة إلى مصدر دخل غير مشروع.

كتيبة “سُبل السلام

تُعد كتيبة سُبل السلام فصيلًا مسلحًا تابعًا لقوات حفتر، وتُعتبر الذراع الأمنية للواء طارق بن زياد في جنوب شرق ليبيا، خصوصًا في مدينة الكُفرة. نشأت الكتيبة بعد عام 2015 تحت قيادة هاشم عبدالرحمن، المعروف بانتمائه للفكر “المدخلي”، وأصبحت لاحقًا تحت الإشراف المباشر لصدام حفتر، ضمن مساعي السيطرة الأمنية على الجنوب. بحسب تحليلات مركز تشاتام هاوس، تمثل الكتيبة الذراع الأمنية لقبائل الزوية، وتلعب دورًا حاسمًا في تعزيز نفوذ حفتر في الجنوب. وقد تحالفت سُبل السلام مع شبكات تهريب محلية لإدارة الطرق مقابل فرض رسوم، مما منحها دورًا تنظيميًا وربحيًا في اقتصاد التهريب غير المشروع عبر الصحراء. ورغم تنفيذها بعض العمليات التي تزعم أنها تستهدف مهربي البشر، إلا أن هذه العمليات غالبًا ما توجه ضد جهات أضعف وأقل نفوذًا، بينما تغض الطرف عن شبكات التهريب الكبرى التي ترتبط بعلاقات مصالح مع قيادة الكتيبة.

التنسيق بين شبكات التهريب والاتجار في مدن الساحل الغربي

استمر التنسيق والتعاون بين شبكات التهريب والاتجار بالبشر في مدن الساحل الغربي، لا سيما في الزاوية، صبراتة، وزوارة، حيث تشكّل هذه المدن نقاطًا رئيسية لانطلاق قوارب الهجرة غير النظامية نحو أوروبا. وتفيد تقارير ميدانية وشهادات شهود بأن الشواطئ، والمصائف، والمنتجعات السياحية الواقعة على طول هذه السواحل، تُستخدم بشكل ممنهج كغطاء لعمليات التهريب والاتجار.

في مدينة زوارة تحديدًا، وردت شهادات موثوقة تؤكّد تورط أصحاب بعض المنتجعات السياحية في تسهيل أو التورط المباشر في شبكات تهريب البشر. وتُستخدم هذه المنشآت كأماكن لتجميع المهاجرين، وترتيب عمليات الانطلاق عبر البحر، إضافة إلى توظيفها كواجهات لتبييض الأموال الناتجة عن هذا النشاط غير المشروع.

يعتمد القائمون على هذه الشبكات على الطابع السياحي لهذه المدن للتستر على أنشطتهم، ما يصعّب من جهود التتبع والمساءلة. كما ساهم غياب الرقابة الرسمية، وتورط بعض العناصر الأمنية أو تغاضيها، في تمكين هذه الشبكات من العمل بحرية شبه تامة، مما يحوّل هذه المناطق إلى مراكز فعلية للإتجار والتهريب تحت غطاء اقتصادي وسياحي.

[1]  الأمم المتحدة: “اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص“، 30 يوليو 2025. في عام 2022، تعرّض ضحايا من 162 جنسية للاتجار في 128 دولة مختلفة. كان الضحايا من أصل إفريقي الفئة الأكثر تعرضًا للاتجار عبر الحدود، وشكّلوا 31٪ من تدفقات الاتجار العابرة للحدود.

[2]  مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “ليبيا: بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق تدعو في تقريرها النهائي لاتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح حالة حقوق الإنسان“، 27 مارس 2025.

[3] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “تقرير المقررة الخاصة المعنية بمسألة الاتجار بالأشخاص، لا سيما النساء والأطفال“، 6 أبريل 2020.

[4] مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC): “التقرير العالمي عن الاتجار بالأشخاص، خلاصة وافية“، فبراير 2009.

[5] مجلس الأمن الدولي، لجنة مجلس الأمن المنشأة عملاً بالقرار 1970 (2011) بشأن ليبيا: “التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بليبيا المقدم عملا بالقرار 2701 (2023)“، 13 ديسمبر 2024. الصفحة 20 إلى الصفحة 24.

[6] كشف الفريق عن وجود ثلاث شبكات تهريب ليبية متطورة تقودها عناصر من الجماعات المسلحة وهي: في طبرق شبكتا الحبوني والكتاني؛ في بنغازي شبكة علي المشاي؛ وفي المناطق الحدودية الغربية الليبية في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.  

[7] موقع بوابة الوسط: “«تقرير الخبراء»: ليبيا استُخدمت كنقطة عبور رئيسية لـ17 طريقاً للهجرة“، 4 فبراير 2025.

[8] المعهد الملكي للشؤون الدولية (Chatham House): “كيف ساهم الصراع في ليبيا في توسّع شبكات تهريب البشر والاتجار بهم عبر الحدود“، 21 فبراير 2025. النسخة المتوفرة على موقع المعهد باللغة الإنجليزية فقط. موقع المنشر: “التهريب والاتجار بالبشر في ليبيا: تحولات اقتصادية وصراعات محلية”، 16 فبراير 2025، ملخص لتقرير المعهد الملكي بالعربية.  

[9] فقد تحوّل مركز احتجاز بئر الغنم، على سبيل المثال، إلى نقطة رئيسية لعمليات الاتجار، حيث يُنقل المهاجرون ليُباعوا، أو يُطلب منهم دفع مبالغ مالية مقابل نيل حريتهم، أو السماح لهم بالمغادرة مجددًا نحو السواحل، تمهيدًا لركوب البحر، من خلال تهريبهم إلى مدن مثل زوارة والزاوية. كما استمر مركز احتجاز عين زاره لسنوات، وحتى مايو 2025، كموقع للاتجار بالبشر والعمل القسري، في ظل سيطرة فعلية لمليشيات مسلحة تتخذ من محيط المركز مقرات لها، أبرزها الكتيبة 42. واستخدام المهاجرين في أعمال البناء والتشييد داخل هذه المقرات، وفي مشاريع تجارية خاصة يملكها قادة هذه الجماعات المسلحة. وفي شرق البلاد، تحوّلت عدة مزارع ومنازل في مدينة طبرق وصولًا إلى منطقة أمساعد إلى أماكن احتجاز سرية، يُجمع فيها المهاجرون، بمن فيهم قصّر، بعد اختطافهم أثناء محاولتهم عبور البحر، ليُطلب من ذويهم دفع فدية مقابل إطلاق سراحهم.

[10] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية“.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى