الأخبارتقارير

بيان مشترك صادر عن أربع عشرة منظمة ليبية غير حكومية بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين

بيان مشترك صادر عن أربع عشرة منظمة ليبية غير حكومية بمناسبة

اليوم الدولي للمهاجرين[1]

موضوع اليوم الدولي للمهاجرين لعام 2024 “ضمان حصول المهاجرين على الرعاية الصحية طوال رحلتهم”

“لطالما كانت الهجرة جزءًا حيويًا ومُثريًا للمجتمعات، حيث تساهم في قوة السكان وقدرتهم على الصمود وتعزيز الاقتصاد الذي يركز على الرفاهية لجميع الناس. ولكن لتحقيق هذه الإمكانات، من المهم حماية حق المهاجرين في الصحة. ويركز اليوم الدولي للمهاجرين لهذا العام على أهمية ضمان سلامة المهاجرين من خلال مساعدتهم وتحسين فرصهم في الحصول على الرعاية الصحية في كل مرحلة من مراحل رحلتهم. بالرغم من أن الحق في الحصول على الرعاية الصحية هو حق عالمي، إلا أن الدراسة التي أجرتها المنظمة الدولية للهجرة عام 2024 لمئة بلد، وجدت أنه في نصف هذه البلدان فقط، تمكن جميع المهاجرين فيها من الحصول على نفس الرعاية الصحية التي تقدمها الحكومة لمواطنيها”[2]

النتائج الرئيسية لتقرير الهجرة العالمية لعام 2024، لإبراز آخر “التوجهات والتحديات الخاصة بالتنقل البشري”، أظهرت أنه في حين أن الهجرة الدولية لا تزال تدفع التنمية البشرية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة؛ فمع وجود ما يقدر بنحو 281 مليون مهاجر دولي في جميع أنحاء العالم، ارتفع عدد الأفراد النازحين بسبب الصراعات والعنف والكوارث وأسباب أخرى إلى أعلى المستويات التي شهدها العصر الحديث، حيث وصل العدد إلى 117 مليون نازحًا ونازحة، مما يؤكد الحاجة الملحة لمعالجة أزمات النزوح. بالرغم من أن العديد من المهاجرين يختارون مغادرة بلدانهم الأصلية سنوياً، إلا أن عدداً متزايداً من المهاجرين يغادر دياره قسراً نتيجة مجموعة معقدة من الأسباب، بما في ذلك الفقر، وعدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والمياه والغذاء والسكن، والنتائج المترتبة على تردي البيئة والتغير المناخي، بالإضافة إلى المزيد من الأسباب “التقليدية” للتشريد القسري مثل الاضطهاد والنزاعات والحروب[3].

في مثل هذا اليوم، 18 ديسمبر، اعتمدت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم[4] من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث كانت ليبيا من ضمن الدول التي صادقت على هذه الاتفاقية رغم عدم توقيعها ومصادقتها على اتفاقية 1951 المعنية بحماية اللاجئين[5]، إلا أنها على الصعيد الإقليمي صادقت على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب عام 1986، والاتفاقية الإفريقية لحل مشاكل اللاجئين في إفريقيا عام 1981. واليوم الدولي للمهاجرين هو يوم دولي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة[6] في 4 ديسمبر في عام 2000، على أن يكون يوم 18 ديسمبر من كل عام هو يوماً دوليا للمهاجرين بعد الأخذ بعين الاعتبار الأعداد الكبيرة والمتزايدة للمهاجرين في العالم.

ولا تزال ليبيا من بين الدول التي يُذكر اسمها بشكل مستمر، في عناوين الصحف والأخبار والتقارير الدولية وأيضاً الحقوقية، بشأن ممارسات إدارة شؤون الهجرة واللاجئين. حيث تشهد الساحة الليبية منذ التغيير الذي حصل فيها مطلع 2011، وتفاقم الوضع بسبب الصراعات التي فاقمت الدمار في البنية التحتية لكل ركائز ومقومات الحياة الكريمة لليبيين عامة، والمهاجرين وطالبي اللجوء خاصة كونهم الفئات الأشد ضعفاً وهشاشة. يعاني المهاجرون المحتجزون في مراكز الاحتجاز غرب ليبيا وشرقها أوضاعاً صعبة للغاية.

يستمر تجار البشر والمهربون، في منطقتي امساعد وضواحي مدينة طبرق وفي بنغازي والبريقة وسرت، في احتجاز المهاجرين والعمال وطلب الفدية بعد وضعهم في مخازن كبيرة للاحتجاز. وقد أكدت عشرات الشهادات، أنهم تعرضوا للتعذيب والضرب لجبر عائلاتهم على دفع الفدية مقابل الإفراج عنهم. كما شهد هذا العام نقل قسري وغير مستوفي الشروط للعديد من المهاجرين وطالبي اللجوء من شرق ليبيا إلى منطقة الكفرة جنوب ليبيا ومنها إلى السودان. حيث تقوم السلطات الليبية بإرجاع المرضى من النازحين إلى السودان بعد عملية فرز في عدة مدن في المنطقة الشرقية. كما أستمرت الشكاوي والبلاغات من قبل الضحايا وعائلاتهم حول أوضاع مركزي العسة الحدودي (بالقرب من الحدود الليبية – التونسية) التابع لجهاز حرس الحدود، ومركز احتجاز بئر الغنم التابع لجهاز الهجرة طرابلس، حيث يتعرض العشرات من المحتجزين للابتزاز ويجبرون على دفع الأموال لإخلاء سبيلهم، ناهيك على المعاملة المهينة. ورغم كل الجهود التي تبذلها السلطات المحلية هناك، لا يزال القضاء على شبكات الاتجار صعب المنال.

كما استمر الاتحاد الأوروبي في دعم المنظمات الدولية لتنفيذ مشاريعها المعنية بحماية المهاجرين وطالبي اللجوء، بالتنسيق الكامل مع السلطات في الشرق والغرب. إلا أن هذه المشاريع والأنشطة يراها مراقبون ومنظمات غير حكومية ليبية أنها لا تستجيب للاحتياج الحقيقي. فلا تزال مراكز الاحتجاز التي تقوم المنظمات الدولية بزيارتها وتنفيذ برامجها وأنشطتها فيها، يُحتجز فيها الأطفال والقاصرون مع البالغين ولا يتم الفصل بينهم، كما لا يزال احتجاز النساء في جميع المراكز يشرف عليه رجال دون أي إشراف تقوم به عناصر شرطة نسائية. كما فشلت المنظمات الدولية في تتبع أماكن تواجد المهاجرين وطالبي اللجوء رغم ادعائها بحصر أعدداهم والتواصل معهم في برامج التسجيل أو الرعاية الصحية والعودة الطوعية بخلاف ما هو عليه الواقع.

ولم يتوقف الأداء السلبي للجهات الدولية والاتحاد الأوروبي، فقد استمر إرجاع المهاجرين واعتراضهم في البحر وإعادتهم قسراً إلى الشواطئ الليبية رغم علم جميع الأطراف بخطورة الوضع على الأرض[7]، حيث تعرض المئات منهم للاحتجاز والتشريد والقتل في عديد المرات بعد إرجاعهم للموانئ الليبية دون تقديم أية ضمانات حقيقية يوفرها الجانبين الأوروبي والليبي لحماية من يتم إرجاعهم واحترام إنسانيتهم وصون كرامتهم. 

يمر اليوم العالمي للمهاجرين وهم يعانون في ليبيا ظروف عصيبة، فعدم وجود تشريعات محلية واضحة تتوافق مع الاتفاقيات التي صادقت عليها الدولة الليبية زاد من معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء. كما أن تجريم الدولة الليبية الجميع ووضعهم في سلة “الهجرة غير الشرعية” يخالف التزامات الدولة فيما يتعلق بطالبي الحماية وتوفير المكان الآمن لهم والاعتراف بهم أنهم طالبو حماية. هذه الممارسات تخالف ما صادقت عليه الدولة الليبية في اتفاقية الوحدة الأفريقية التي تنظم أوضاع اللاجئين[8].

إن السياسات الجائرة القائمة على انعدام الأساس الإنساني، والتي تتبناها دول العبور والمقصد، من تجريم الهجرة وإغلاق الموانئ وتكثيف الدوريات البحرية في أعالي البحار وقبالة الشواطئ لن توقف أفواج الهجرة. بل ستزيد من عدد الضحايا الذين يهلكون عطشا في الصحراء، أو غرقا في البحر، أو على يد عصابات مجرمة عابرة للحدود من مهربين وتجار البشر، الذين ازدادت سلعتهم وتجارتهم رواجاً بسبب هذه السياسات القاصرة.

المنظمات الموقعة على هذا البيان تؤكد وتوصي بما يلي:

  1. السلطات الليبية:
    • يجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها في حماية حدودها وأن تسخر طاقاتها في حماية الجنوب وشواطئ البحر، للحد من عمليات التهريب، مع إعطاء الأولوية لمكافحة شبكات التهريب والاتجار بالبشر بما لا يُعرض حياة وسلامة المهاجرين وطالبي اللجوء للخطر خلال تفكيك ومواجهة هذه العصابات والجماعات المسلحة.
    • ينبغي على السلطة التشريعية أن تُضَمِّن الاتفاقيات التي صادقات عليها، والتي من بينها اتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الإفريقية لحل مشاكل اللاجئين في إفريقيا، ضمن نصوص قوانينها الوطنية ذات الصلة.
    • يجب أن تتوقف السلطات الليبية في الشرق الليبي عن الإعادة القسرية لنازحي السودان المرضى، وأن يتوقف التمييز ضدهم ومعاملتهم معاملة الأصحاء الذين يتم استقبالهم، فالمريض له الأولوية في الحماية وتقديم العلاج وليس الطرد.
    • أن تراجع اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي لتكون مرتبطة بمشاريع وعمليات تعالج أسباب الهجرة غير النظامية في دول المصدر ودول المقصد،
    • أن تجعل في مراجعتها لاتفاقياتها مع دول الاتحاد الأوروبي بخصوص الهجرة غير النظامية ترجمة صريحة وحقيقيةً للوفاء بالتزاماتها باحترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين والمهاجرين كما هو منصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
    • أن تلتزم المعايير الدولية لظروف احتجاز المهاجرين، من حيث النظافة والطعام والمعاملة الإنسانية والخدمات الصحية، في المراكز التي يشرف عليها ويديرها “جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية”، والحفاظ على كرامتهم طيلة فترة احتجازهم خصوصاً في ظل ظروف جائحة كورونا، وفتح التحقيقات والمساءلة والمحاسبة للمسؤولين عن هذه المراكز حول مزاعم الانتهاكات، والبحث عن بدائل ناجحة للاحتجاز.
    • أن تنضم الى “الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة” الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة[9] والذي اعتمدته دول العالم رسمياً في مؤتمر دولي في مدينة مراكش، بالمغرب، يوم 10 ديسمبر من العام 2018.
  2. الاتحاد الأوربي:
    • يجب تبني أكبر قدر من الشفافية في المفاوضات مع ليبيا حول كافة القضايا المتعلقة بالهجرة والمراقبة الحدودية والحرص فيعدم دعم أي جهات حكومية لا تلتزم بالمعايير القانونية والحقوقية، خاصةً تلك المرتبطة منها بحقوق المهاجرين واللاجئين.
    • يجب العمل على مكافحة شبكات تهريب وتجارة البشر العابرة للحدود، العاملة في بلد المصدر وبلدان العبور وبلدان المقصد، وهذا يتطلب تعاون دولي بين البلدان المعنية.
    • تفعيل وتطوير الاتفاقيات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الأفريقي، سواء الاتفاقيات المتعددة الأطراف أو الثنائية، والتي تشمل مشاريع تنموية من شأنها معالجة بعض أسباب الهجرة.
    • مراجعة السياسات والقيود التي تضعها دول الاتحاد على الهجرة المنظمة بما يوفر أكبر قدر ممكن من الهجرة النظامية الآمنة، وبما يقلل من لجوء المهاجرين إلى المخاطرة بحياتهم لأجل توفير حياة أفضل لأنفسهم ولأبنائهم.
  3. المنظمات الدولية؛
    • أن تُسَرِّعْ المفوضية السامية لشئون اللاجئين (UNHCR) في إجراءات تسجيل طالبي اللجوء وأن يكون لها مكاتب وفروع في المدن الليبية الرئيسية وألا تستكفي بمكتبها الوحيد في العاصمة طرابلس في بلدٍ تقول إنها سجلت فيه أكثر من 42 ألف طالب حماية.
    • أصبح من الملح أن تلتزم المفوضية السامية لشئون اللاجئين بإبرام مذكرة تفاهم مع السلطات الليبية وأن يكون عملها ضمن إطار قانوني واضح يضمن حقوق وواجبات جميع الأطراف.
    • على المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن يكون لها تواجد في المناطق البعيدة عن العاصمة والمدن التي يشتكي فيها المهاجرون من عدم وجود مكاتب أو تواصل الدولية للهجرة فيها.
    • أن تحث السلطات الليبية على ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لظروف احتجاز المهاجرين، من حيث النظافة والطعام والخدمات الصحية والمعاملة ، في المراكز التي يشرف عليها ويديرها “جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية”، وأن تتوافق مع المعايير المحلية لظروف الاحتجاز كتلك المنصوص عليها في القانون رقم 5 لسنة 2005 بشأن مؤسسات الاصلاح والتأهيل ولائحته التنفيذية، خاصة البنود المتعلقة بفصل النزلاء والمعاملة الانسانية وتوفير الملبس والطعام والشراب والرعاية الصحية المناسبة و إمكانية التواصل مع عائلته، إضافة إلى الضمانات القضائية للمحتجزين سواء في عرضهم على النيابة المختصة أو توفير المترجم و المحامي .
    • مراجعة تعاملها مع بعض المراكز التي تحوم حولها شبهات التورط في انتهاكات حقوق المهاجرين، ومطالبة الإدارة  “لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية” بتصحيح أوضاع هذه المراكز وتغيير إداراتها أو إغلاقها، وإخطار السلطات الليبية بهذه الانتهاكات والتجاوزات.
    • على الجمعيات المحلية وكذلك جميعة الهلال الأحمر أن توحد جهودها في إيصال المساعدات الإنسانية للفئات الضعيفة.

المنظمات الموقعة على البيان:

  1. منظمة شباب ماترس.
  2. منظمة رواد الفكر ماترس.
  3. حقوقيين بلا قيود، بنغازي.
  4. منظمة صوت المهاجر، الزاوية.
  5. مؤسسة الصحافة الحرة، صبراتة.
  6. جمعية تبينوا لحقوق الإنسان، نالوت.
  7. منظمة البريق لحقوق الطفل، طرابلس.
  8. منظمة النصير لحقوق الإنسان، طرابلس.
  9. جمعية بصمة أمل لأطفال التوحد، صبراتة.
  10. منظمة التضامن لحقوق الإنسان، طرابلس.
  11. المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان، مصراتة.
  12. جمعية الخير للأشخاص ذوي الإعاقة، صبراتة.
  13. منظمة شموع لا تنطفي لذوي الإعاقة، صبراتة.
  14. منظمة إحقاق للتنمية المستدامة لحقوق المرأة والطفل، طرابلس.

طرابلس – ليبيا

18 ديسمبر 2024

[1] الأمم المتحدة: “اليوم الدولي للمهاجرين، 18 ديسمبر“.

[2]  نفس المرجع.

[3]  مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان: “لمحة عن الهجرة وحقوق الإنسان“.

[4]مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم“، اعتمدت بقرار الجمعية العامة رقم (158/45) المؤرخ في 18 كانون الأول / ديسمبر 1990.

[5]  اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين

[6]  الجمعية للأمم المتحدة: “القرار رقم (55/93) إعلان 18 كانون الأول/ديسمبر يوماً دولياً للمهاجرين“، 28 فبراير 2001.

[7] المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: “تقرير جديد يكشف عن انتهاكات خطيرة بحق اللاجئين والمهاجرين خلال رحلاتهم إلى الساحل الإفريقي للمتوسط“، 29 يوليو 2020.

[8] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حول اللاجئين“.

[9]  الأمم المتحدة، إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: “توافق في الجمعية العامة على اتفاق عالمي بشأن الهجرة“، 13 يوليو 2018. 192 دولة وافقت على نص الاتفاق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى