RT Arabic الصورة
تشعر منظمة التضامن لحقوق الإنسان (التضامن) بقلق عميق إزاء أنباء وقف تدفق مياه الشرب في غرب ليبيا، والذي قد يحرم أكثر من 4 ملايين شخص، أي حوالي ثلثي سكان ليبيا، من المياه. لقد علمت التضامن أن مليشيا مسلحة أمرت مشغلي غرفة التحكم، التابعة لمنظومة مياه الشرب[i] “النهر الصناعي” في منطقة الشويرف[ii]، بإيقاف تدفق المياه. وتم تأكيد هذا العمل الإجرامي في بيان صحفي صدر عن وزارة الداخلية[iii] في طرابلس.
تعتبر منظمة التضامن الفعل المذكور جريمة حرب[iv]، على النحو المحدد في القانون الإنساني الدولي. وبالتالي، تدعو منظمة التضامن إلى الإنهاء الفوري لإغلاق إمدادات المياه، ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة وشركائهم. ليست هذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها المخربون والإرهابيون هذه البنية الأساسية الحيوية، التي تمثل خط حياة لأكثر من ثلثي سكان ليبيا. في تقرير[v] صادر عن منظمة التضامن، كان هناك 64 حادث اعتداء على منظومة مياه الشرب “النهر الصناعي” خلال الفترة من 15 مايو 2013 إلى 17 ديسمبر 2018، 77% منها كانت هجمات مسلحة وتخريب متعمد.
وفقًا لبيان وزارة الداخلية المشار اليه أعلاه، فإن المجموعة التي تقف وراء هذا العمل التخريبي الأخير، تنتمي إلى إحدى قبائل المنطقة، قبيلة المقارحه، ويقودها شخص يُدعى خليفة حنيش[vi]. هذه هي المرة الثانية التي تغلق فيها هذه المجموعة شبكة مياه الشرب من منطقة الحساونة. في 25 نوفمبر 2017، احتلت هذه المجموعة غرفة التحكم وأمرت المشغلين بإغلاق الشبكة تحت تهديد السلاح[vii]. ليس من الواضح تمامًا ما إذا كانت هذه الميليشيا تابعة أم لا لما يُسمى “الجيش الوطني الليبي” التابع للمشير المتمرد خليفه حفتر، ولكن حيث أن الاعتداء وقع في منطقة خاضعة لسيطرة “الجيش الوطني الليبي”، فإن “الجيش الوطني الليبي” وقيادته مسؤولون عن حماية البنية التحتية لشبكة مياه الشرب “النهر الصناعي”. لذلك، يتحمل “الجيش الوطني الليبي” وقيادته مسؤولية استمرار هذا العمل الإجرامي الخطير للغاية.
منظمة التضامن تستنكر فشل حكومة الوفاق الوطني في القبض على هذه المليشيا المسلحة[viii]، بعد عملها التخريبي في نوفمبر عام 2017. عدم إلقاء القبض على المتورطين في أعمال جرائم الحرب الخطيرة، هو تقصير في أداء الواجب، خاصة عندما كانت منطقة الشويرف تحت سيطرة قوات موالية لحكومة الوفاق في عام 2017.
كما تشعر منظمة التضامن بقلق عميق إزاء قيام مواطن أردني[ix]، ضيف على قناة مرئية ليبية، وهي “قناة ليبيا روحها الوطن” (القناة)، باقتراح[x] “فرض الحصار وقطع إمدادات المياه والكهرباء”. جاءت دعوته[xi] هذه في سياق مناقشة الصراع الحالي في المحيط الجنوبي للعاصمة طرابلس. هذه دعوة واضحة لارتكاب جريمة حرب ضد حوالي 3 ملايين من سكان طرابلس الكبرى، الذين يتعرضون حاليًا لهجوم عسكري بأمر من المشير المتمرد خليفة حفتر. هذا المقترح جاء على لسان ضيف القناة الأردني، ولكن القناة المرئية الليبية؛ وتحديدا المذيعة مقدمة البرنامج والمحرر ومالك القناة يتحملون المسؤولية القانونية[xii]، خاصة في ظل فشلهم في إيقاف ضيفهم اللواء المتقاعد جلال العبادي أو استنكار ما صدر عنه أو لفت نظره على الهواء الى خطورة ما تلفظ به. علاوة على ذلك، لم تقم القناة بإصدار أي بيان أو إتخاذ أي إجراء تصحيحي بعد بث الحلقة. وقد نشرت القناة خبرا[xiii]، ذو صلة بالموضوع، بتاريخ 27 أبريل 2019، بعنوان “النايض يتعهد بملاحقة عدة شخصيات وكيانات نسبت له تصريحات عبر صفحات مزورة”. الدكتور عارف علي النايض، مالك[xiv] “قناة ليبيا روحها الوطن”، كان يشير إلى منشور تم نشره على حساب مزور على وسائل التواصل الاجتماعي، استخدم اسم وشعار القناة، يحمل بيانًا مزيفًا نسب إليه، إلى الدكتور النايض. ومع ذلك، لم يستنكر الدكتور النايض ولا القناة كلام الضيف الأردني، ولم يشيروا اليه.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان تطالب حكومة الوفاق الوطني إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد السيد جلال العبادي، نظرًا لحقيقة أن ما قاله على الهواء يرتقي الى دعوة صريحة لارتكاب جريمة حرب خطيرة للغاية. كذلك، يجب على حكومة الوفاق الوطني التحقيق في المسؤولية القانونية للمحطة المرئية “قناة ليبيا روحها الوطن” واتخاذ الإجراءات القانونية وفقًا لذلك. ستقوم منظمة التضامن بالإبلاغ عن هذه الانتهاكات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ومكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وفريق الخبراء المعني بليبيا المنشأ عملاً بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 (2011).
[i] تتألف منظومة مياه الشرب، المعروفة باسم “النهر الصناعي العظيم”، من شبكتين؛ الشبكة الشرقية، والتي تنقل المياه العذبة من حقول آبار المياه في منطقتي السرير وتازربو لتزويد المناطق السكنية بمياه الشرب وري المشاريع الزراعية في المنطقة الساحلية الممتدة من مدينة بنغازي شرقا إلى مدينة سرت غربا؛ والشبكة الغربية تقوم بنقل مياه الشرب من حقول آبار المياه في منطقة جبل الحساونة إلى المناطق السكانية من مدينة مصراته إلى العاصمة طرابلس وفرع الى مدينة غريان في جبل نفوسة.
[ii] الشويرف قرية تقع في الصحراء على بعد حوالي 270 كم جنوب غرب مدينة مصراته.
[iii] قناة ليبيا الأحرار: “داخلية الوفاق تتهم جماعات مسلحة موالية لـ #حفتر بإغلاق صمامات التحكم بمنظومة الحساونة سهل الجفارة“، 19 مايو 2019. نسخة من بيان وزارة الداخلية (الرابط).
[iv] اللجنة الدولية للصليب الأحمر: “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17تموز/ يوليه 1998“، المادة رقم (8-2-ب-25، “عمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم , بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.“، الماء لا غنى عنه لبقاء البشر، بدون الماء تستحيل الحياة.
[v] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “تقرير عن الاعتداءات والتحديات الفنية والتشغيلية التي تواجه منظومة مياه الشرب، مشروع النهر الصناعي”، 15 مارس 2019، نسخة من التقرير مرفقة بالبيان.
[vi] اسمه بالكامل خليفه جمعه سلطان حنيش. في هذا التسجيل المرئي، نُشر آنذاك في نوفمبر 2017، المخربون طالبوا بالإفراج عن “المبروك حنيش”، المعتقل في معتقل مطار معيتيقه في طرابلس.
[vii] الصفحة الرسمية لجهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي: “إيقاف قسري لضخ المياه من أبار حقول الحساونة“، 25 نوفمبر 2017.
[viii] في الواقع، لم تجد منظمة التضامن أي دليل أو معلومات تفيد باتخاذ حكومة الوفاق الوطني أي إجراءات أو خطوات لملاحقة هذه المليشيا ومحاسبتها.
[ix] تم تقديمه على أنه الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء المتقاعد جلال العبادي.
[x] اللواء الأردني المتقاعد جلال العبادي قال “القتال بالمناطق المبنية وهي، أفضل شيء حصارها، قطع المياه والكهرباء عن هذه المناطق، وبالتالي قطع خطوط الإمداد، وبالتالي يستسلموا هذه الجماعات الإرهابية”.
[xi] ورد كلام اللواء العبادي في برنامج أسبوعي بعنوان “150 دقيقة مع فاتن”، فاتن اللامي هي مقدمة البرنامج. قائمة كاملة بالحلقات المسجلة من برنامجها الأسبوعي متوفرة على الموقع الرسمي للقناة على شبكة الإنترنت، كل الحلقات الأسبوعية منذ 15 يناير 2019 وحتى 29 أبريل 2019 إلا حلقة يوم 22 أبريل 2019 غير منشورة، وهي الحلقة التي كان اللواء المتقاعد جلال العبادي ضيف فيها. ولكن تم نشر المقطع، الذي تحدث فيه اللواء الأردني بمقترح فرض حصار وقطع الكهرباء والماء في سياق حديثه عن الحرب في طرابلس، على حساب على شبكة التواصل الاجتماعي (Facebook) باسم “حمزة الليبي” تحت عنوان “أردني يُطالب بحصار طرابلس وقطع الماء والكهرباء عليها حتى تُسلم مجموعات القاعدة والجولاني نفسها للقوات المُسلّحة“، 23 أبريل 2019.
[xii] المحكمة الجنائية الدولية لرواندا حكمت بالمؤبد على (Ferdinand Nahimana) و (Jean-Bosco Barayagwiza)، عضوين مؤسسين لقناة مسموعة ومرئية (Radio Télévision Libre des Mille Collines) لدور الشبكة الإعلامية في التحريض على العنف ضد التوتسي. كما حكمت المحكمة ذاتها بالمؤبد على (Hassan Ngeze)، صحفي ومؤسس صحيفة محلية، بسبب التحريض على العنف.
[xiii] قناة ليبيا: “النايض يتعهد بملاحقة عدة شخصيات وكيانات نسبت له تصريحات عبر صفحات مزورة“، 27 أبريل 2019.
[xiv] الدكتور عارف النايض في مقابلة بعنوان “حلقة مصارحة مع عارف النايض” على القناة المذكورة، تم بثها على القناة بتاريخ 7 أغسطس 2018، قال بشكل قاطع أنه “يغطي تكاليف تشغيل القناة من ماله الخاص“.