تحصلت التضامن من مصادر خاصة على أحكام تعسفية أصدرتها المحكمة العسكرية في بنغازي ضد مجموعة من السجناء، بينهم قُصَّر، و بلغ عدد المحكوم عليهم 25 مواطن، حكم على 7 منهم بحكم إعدام نهائي غير قابل للاستئناف، بينما صدرت أحكام متفاوتة بحق البقية.
المحكمة العسكرية التي تم تشكيلها وفقاً للقانون[1] الصادر من مجلس النواب في طبرق بتاريخ 10 ربيع الاول 1439هـ الموافق 28 نوفمبر 2017، تعتبر محكمة استثنائية مخالفة للمادة (32) للإعلان الدستوري[2] و مخالفة للمادة (1) من القانون (11)[3] لسنة 2013، لعدة اعتبارات أهمها أُدرج المدنيون ضمن قانون العقوبات العسكرية[4]، كما يعتبر التعديل ذاته تعديل غير دستوري مطعون فيه لدى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا.
هذه المحاكمات تفتقر لأساسيات المحاكمة العادلة لمخالفتها للقانون الليبي ولحقوق الإنسان الأساسية التي تنص عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة الليبية. حيث ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[5] في العاشرة على “لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه”. ووفقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[6] يعتبر الحق في المحاكمة العادلة معيارا من معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يهدف إلى حماية الأفراد من المساس بحقوقهم أوالإنتقاص أوالحرمان منها، إذ تنص المادة الرابعة عشر بأن ” من حق كل فرد أن تكون قضيته محل نظر منصف و علني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية ومنشأة بحكم القانون “.
المعتقلين الذين صدرت ضدهم أحكام، أو ينتظرون دورهم للمثول أمام هذه المحكمة الاستثنائية، تم إخفاءهم قسريا لفترات طويلة تزيد عن سنة في عزلة تامة عن العالم الخارجي، تعرضوا بشكل مستمر و دوري للتعذيب، وتم انتزاع الاعترافات التي استخدمت ضدهم في المحاكمة تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي، ولم يتمكنوا من اللقاء بمحامييهم إلا في جلسة المحكمة، ولم يتمكن أهاليهم من زيارتهم، ولم يستلموا الأحكام بشكل رسمي بل تصر المحمة على الاحتفاظ بسرية الأحكام. المحكمة ذاتها كانت سرية ولم تكن علنية، وفقا لمصدر موثوق فقد تعرض القضاة للتعنيف من قبل رئيس الأركان عبد الرزاق الناظوري لأنهم أفرجوا عن أحد السجناء بعد انقضاء مدة محكوميته قائلاً “هؤلاء ’دواعش’ فكيف تطلقون سراحهم!”.
كل هذه النقاط سابقة الذكر تجعل الأحكام الصادرة من قبل هذه المحكمة الصورية أحكام باطلة.
لذا تطالب منظمة التضامن لحقوق الإنسان بإيقاف تنفيذ أي حكم صادر عن هذه المحكمة، وتحميل المسؤولية القانونية لأعضاء هذه المحكمة كما تحمل المسؤولية المشرعين لتجاوزهم بالتغاضي عن اعتبار المواثيق الدولية والاستهتار بمبادئ حقوق الإنسان، كما تحمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المسؤولية لعدم اتخاذ موقف جاد حيال هذه التجاوزات والاكتفاء بالصمت رغم مناشداتنا العديدة لهم. وتطالب التضامن بتقديم من يشتبه في ارتكابه أي جرم بالتقاضي أمام محكمة عادلة ونزيهة.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان
[1] مجلس النواب في المرحلة الانتقالية: “قانون رقم (4) لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قانوني العقوبات العسكرية والإجراءات العسكرية“، 28 نوفمبر 2017.
[2] نصت الفقرة الثانية من المادة رقم (32) من الاعلان الدستوري على التالي “يُحظر إنشاء محاكم استثنائية”.
[3] وزارة العدل، الجريدة الرسمية، العدد (7) السنة الثانية: “قانون رقم (11) لسنة 2013م، في شأن تعديل قانون العقوبات والإجراءات العسكرية“، المؤتمر الوطني العام، 18 أبريل 2013.
[4] “صدر القانون رقم 11 لسنة 2013 في شأن تعديل قانوني العقوبات والإجراءات العسكرية. وعدل بموجبه قانون العقوبات العسكري بحيث قصر شريحة الخاضعين لأحكامه على العسكريين النظاميين الذين لهم رتبة منصوص عليها في قانون الخدمة العسكرية والأسرى العسكريين النظاميين مما يعني استبعاد المدنيين العاملين بالجيش وكذلك المتطوعين بالجيش. وتبعا لذلك أيضا، عدل قانون الإجراءات الجنائية العسكري بحيث أصبح اختصاص المحاكم العسكرية قاصراً على الجرائم التي يرتكبها الخاضعون لأحكام قانون العقوبات العسكري (العسكريون، الأسرى العسكريون) متى نصّ عليها هذا القانون”، المفكرة القانونية: “القضاء العسكري في ليبيا“، 24 يناير 2018.
[5] الأمم المتحدة: “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان“.
[6] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية“.