في 11 مارس/آذار 2020، أعلنت “منظمة الصحة العالمية” أن تفشّي مرض “كوفيد-19” الناتج عن فيروس “كورونا” المستجد – الذي ظهر للمرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2019 في مدينة ووهان الصينية – قد بلغ مستوى الجائحة، أو الوباء العالمي. دعت المنظمة الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة وأكثر صرامة لوقف انتشار الفيروس، معللة ذلك بمخاوف بشأن “المستويات المقلقة للانتشار وشدّته”.
يكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويُلزِم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة، وتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها. يقرّ قانون حقوق الإنسان أيضا بأنّ القيود التي تُفرَض على بعض الحقوق، في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة وحالات الطوارئ العامة يُمكِن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية، بناءً على أدلة علمية، ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا، ولفترة زمنية محددة، وتحترم كرامة الإنسان، وتكون قابلة للمراجعة ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود.
كل ماسبق لا يمكن الإختلاف في أهميته وصحته
لكن منظمة هيومن رايتس عرضت في وثيقة نشرتها لمحة عن المخاوف الحقوقية التي يفرضها تفشي فيروس كورونا مقدمة توصيات يمكن للحكومات والجهات الفاعلة الأخرى اعتمادها لضمان احترام حقوق الإنسان عند استجابتها للوباء العالمي.
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحكومات مُلزمة بحماية الحق في حرية التعبير، بما في ذلك الحق في التماس واستلام ونشر جميع أنواع المعلومات، بغض النظر عن أيّة حدود. القيود المسموح بها على حرية التعبير لأسباب تتعلق بالصحة العامة، المذكورة أعلاه، يجب ألا تعرّض هذا الحق للخطر.
الحكومات مسؤولة عن تقديم المعلومات اللازمة عن حماية الحقوق وتعزيزها، بما يشمل الحق في الصحة. ترى اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنّ “توفير التعليم وإتاحة الحصول على المعلومات المتعلقة بالمشاكل الصحية الرئيسية في المجتمع، بما في ذلك طرق الوقاية والمكافحة”، هي “التزامات ذات أولوية”. الاستجابة لفيروس كورونا بطريقة تحترم الحقوق يجب أن تضمن وجود معلومات دقيقة وحديثة حول الفيروس، والوصول إلى الخدمات، وانقطاع الخدمات، والجوانب الأخرى المتعلقة بالاستجابة لتفشي الفيروس، وأن تكون هذه المعلومات متاحة بسهولة للجميع.
يتطلّب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما “العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”، أن تكون القيود المفروضة على الحقوق لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو الطوارئ الوطنية قانونية، وضرورية، ومتناسبة. يجب أن تُنفَّذ القيود المتعلقة بمسائل مثل الحجر الصحي الإلزامي وعزل الأشخاص الذين يحملون الأعراض بما يتماشى مع القانون. يجب أن تكون ضرورية للغاية لتحقيق هدف مشروع، استنادا إلى أدلّة علميّة، ومتناسبة مع ذلك الهدف، وليست تعسفية ولا تمييزية عند تطبيقها، ولها مدة زمنية محددة، وتحترم الكرامة الإنسانية، وقابلة للمراجعة.
قرارات الحجر الصحي ومنع الخروج لفترات لامتناهية نادرا ما تستجيب لهذه المعايير، وكثيرا ما تُفرض بسرعة، دون ضمان أي حماية للخاضعين للحجر الصحي – وخاصة الفئات المعرّضة للخطر. نظرا لأن مثل هذه القرارات يصعب فرضها وتنفيذها بشكل موحّد، فهي غالبا ما تكون تعسفية وتمييزية عند التطبيق.
تحمي حرية التنقل المكفولة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، من حيث المبدأ، حق كل شخص في مغادرة أي بلد، ودخول بلد جنسيته، وحق كل شخص موجود بشكل قانوني في بلد ما في التنقل بحرية داخل كل أراضي ذلك البلد. لا يُمكن فرض قيود على هذه الحقوق إلا إذا كانت مشروعة، ولهدف مشروع، على أن تكون متناسبة، بما يشمل النظر في تأثيرها. قرارات حظر السفر وتقييد حرية التنقل يجب ألا تكون تمييزية، أو تحرم الأشخاص من الحق في التماس اللجوء، أو تنتهك الحظر المطلق على إعادة الأشخاص إلى أماكن يواجهون فيها الاضطهاد أو التعذيب.
الحكومات لها سلطة واسعة بموجب القانون الدولي بحظر دخول الزائرين والمهاجرين من دول أخرى. غير أن قرارات حظر السفر المحلية والدولية تاريخيا لها فاعلية محدودة في منع انتقال العدوى، بل قد تزيد في الواقع من انتشار المرض إذا فرّ الأشخاص من مناطق الحجر الصحي قبل فرض حظر السفر.
كوفيد-19، مثل الأمراض المُعدية الأخرى، يشكل خطرا أكبر على الأشخاص الذين يعيشون على مسافة قريبة من بعضهم البعض. يؤثر بشكل غير متناسب على كبار السن والأشخاص الذين لديهم أمراض كامنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والأمراض التنفسية المزمنة، وارتفاع ضغط الدم. 80% من الذين توفوا بسبب فيروس كورونا في الصين كانوا فوق سن 60 سنة.
هذا الخطر يزداد حدة بشكل خاص في مراكز الاحتجاز، مثل السجون ومراكز احتجاز المهاجرين، وكذلك المؤسسات التي يعيش فيها ذوو الإعاقة، ودور العناية بكبار السنّ، حيث يستطيع الفيروس الانتشار بسرعة، لا سيما إذا كان الحصول على الرعاية الصحية ضعيفا بالأصل. الدول مُلزمة بضمان الرعاية الصحية للمحتجزين لديها، على أن تكون متساوية على الأقل مع الرعاية المتاحة لعامة الناس، وعليها ألا تمنع أو تقيّد حصول المحتجزين، بما يشمل طالبي اللجوء والمهاجرين الذين لا يحملون وثائق، على نفس القدر من الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية والتلطيفية. قد يكون طالبو اللجوء، واللاجئون الذين يعيشون في مخيمات، والأشخاص الذين يعيشون بلا مأوى أكثر عرضة للخطر بسبب عدم حصولهم على المياه والمرافق الصحية الكافية.
في دور الرعاية وغيرها من الأماكن التي تأوي أعدادا كبيرة من كبار السن، ينبغي أن تُوازن شروط الزيارات بين حماية النزلاء المسنين والأكثر عرضة للخطر من جهة، وحاجتهم إلى العائلة والتواصل من جهة أخرى. أعلنت “وزارة شؤون المحاربين القدامى الأمريكية” اعتماد سياسة منع الزيارات في دور الرعاية الـ 134 التابعة لها في كافة أنحاء البلاد لمواجهة خطر فيروس كورونا. رغم أن الخطر على كبار السن جسيم، لا تراعي السياسات الشاملة إرشادات الصحة العامة أو احتياجات كبار السن.
كثيرا ما لا يحصل الأشخاص في مراكز الاعتقال أو السجن أو مراكز احتجاز المهاجرين على الرعاية الصحية الملائمة في الظروف العادية، حتى في البلدان المتقدمة اقتصاديا. ساهم تدني الرعاية الصحية في وفاة مهاجرين مؤخرا أثناء احتجازهم لدى “وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية”. غالبا ما يكون بين المحتجزين مسنّون وأشخاص لديهم حالات صحية مزمنة، ما يعني أنهم معرضون لخطر أكبر للإصابة بفيروس كورونا.
وهو مايتعرض له المحتجزون في مراكز الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين في ليبيا وقد كانت التضامن من قبل طالبت بتوفير الحماية والرعاية الطبية المناسبة لهم خصوصا في ظل انتشار فايروس كورونا.