تقاريرمنوعات

بيان بشأن التدابير التي اتخذتها حكومة الوفاق لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا

اعتبرت منظمة التضامن لحقوق الإنسان (التضامن) في بيان لها، نشرته يوم الاربعاء الموافق 18 يناير 2020، برنامج التدابير التي أعلنت عنها وزارة العدل في حكومة الوفاق الوطني[i]، بأنها غير كافية وتضع المعتقلين في المعتقلات المختلفة التي تتبع وزارة العدل، والمهاجرين غير النظاميين والذين هم رهن الاعتقال في مراكز الاحتجاز التي يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، في خطر الموت من المضاعفات الصحية الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

التدابير التي أعلنت عنها وزارة العدل لم تتعرض لمسألة اكتظاظ مراكز الاعتقال، مثل معتقل قاعدة معيتيقه والذي تديره “قوة الردع الخاصة”، بأعداد كبيرة من المعتقلين في زنزانات ضيقة وفي ظروف صحية غير لائقة للبشر[ii]، حيث تفتقر للصرف الصحي والماء المأمون الصالح للشرب والإهمال الطبي وسوء التغذية والحرمان من الزيارات الأسرية. هذه الظروف تجعل المرض الناجم عن العدوى بفيروس كورونا مرضاً قاتلاً.

تدابير الوزارة، التي أعلنت عنها، شملت “إجراء مسح طبي شامل” وتوفير “مطهرات ومعقمات وكمامات وقفازات واقية” للمعتقلين، وهي تدابير جيدة إن تحققت، ولكن منظمة التضامن ومن خلال مصادر متعددة، من مقابلات مع معتقلين تم الإفراج عنهم العام الماضي ومع أقارب معتقلين، وثقت أن المعتقلين محرومون في أغلب مراكز الاعتقال من أبسط أنواع الرعاية الطبية، وحالة مراكز الاعتقال سيئة للغاية، ومكتظة، وكذلك الحال في مراكز احتجاز المهاجرين.

الباحث الحقوقي في منظمة التضامن، أحمد محمود؛ في تعليق له على التدابير التي أعلنت عنها وزارة العدل قال: “مراكز الاعتقال، التي تسميها، وزارة العدل عبثاً؛ مؤسسات الإصلاح والتأهيل، يوجد فيها مئات المعتقلين في ظروف غير إنسانية، محرومون من الرعاية الطبية، أجسامهم منهكة من الجوع والمرض. هذه بيئة لو يصلها فيروس كورونا المستجد فسينتشر فيها انتشار النار في الهشيم”، وأضاف قائلاً :”لا أرى أي تفسير لإصرار وزارة العدل على الاستمرار في اعتقال مئات المعتقلين، بدون محاكمة، وهي عاجزة حتى عن توفير غذاء لهم، سوى أن المسؤولين في الوزارة ليس لديهم أي احترام للدستور الليبي[iii] والقانون الليبي[iv] ولا للمواثيق الدولية[v] والقانون الدولي لحقوق الإنسان[vi] ولا لقيمة النفس البشرية”.

مثلا؛ تضطر أسر المعتقلين في معتقل معيتيقه بشكل دوري إلى شراء الطعام وشراء الدواء من مركز تسوق خاص تديره “قوة الردع الخاصة”، الأسعار فيه أضعاف الأسعار في الأسواق.

في شرق ليبيا، والتي لا تخضع سجونها لإدارة وزارة العدل في حكومة الوفاق، توجد عدة سجون “رسمية”، مثل سجن الكويفيه بالقرب من مدينة بنغازي وسجن قرناده بالقرب من مدينة البيضا، ومعتقلات سرية، مثل معتقل الرجمة الواقع في معسكر الدفاع الجوي والذي يوجد فيه مقر خليفة حفتر، لا تتوفر حولها أي معلومات، حيث لم تسمح القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر لأي جهة مستقلة بزيارتها. “واستمرت العقبات البيروقراطية وعدم تعاون السلطات في الحد بشدة من وصول بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا/مفوضية حقوق الإنسان ودخولها إلى مرافق الاحتجاز؛ فلم تتمكن من زيارة السجون الواقعة تحت سيطرة وزارة العدل والشرطة القضائية في الشرق. ورغم أن رئيس أركان الجيش الوطني الليبي قد أصدر تعليمات للنائب العسكري في بنغازي بتيسير الزيارات وفقاً للإجراءات الرسمية استجابةً لما دعت إليه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في مستهل شهر تموز/يوليه، فإن هذه الأخيرة لا تزال تصطدم بعراقيل حالت دون دخولها إلى السجون”[vii].

وفي مراكز احتجاز المهاجرين، التي يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وثقت منظمة التضامن منذ أكثر من ثلاثة أعوام الأوضاع المأساوية في تلك المراكز، خاصة الاكتظاظ وغياب الرعاية الصحية والنقص في الطعام. يقول الباحث أحمد محمود “لقد وثقنا الأوضاع وحاولنا التواصل مع السلطات في طرابلس ولم نجد استجابة. وقد قمنا بلفت نظر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ولكن لم يتغير شيء” وأضاف “كنا في الماضي نلاحظ نقص الغذاء والدواء، والآن ومنذ بدء هجوم القوات والمليشيات التابعة لخليفة حفتر على مدينة طرابلس، لاحظنا توقف بعض المراكز عن توفير أي طعام للمهاجرين في هذه المراكز؛ بعضها يسمح للمهاجرين بالخروج للعمل خارج المركز لكسب المال من أجل شراء قوت يومهم”.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان تُذَّكر وزارة العدل التابعة لحكومة الوفاق بأنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن سلامة المعتقلين والسجناء في السجون الثماني والعشرين (28) التابعة لها[viii]، وتطالبها بالتالي[ix]:

  • نشر قوائم بعدد السجناء والمعتقلين في السجون التابعة لها[x].
  • الإفراج عن المعتقلين بدون محاكمة، والذين قضوا مدة العقوبة التي نصت عليها الأحكام الصادرة ضدهم.
  • نقل باقي المعتقلين إلى أماكن اعتقال مؤقتة تتوافر فيها المساحة الكافية والتهوية، والمرافق الصحية المناسبة، للتقليل من احتمالات انتشار العدوى بين المعتقلين.
  • نقل المعتقلين من معتقل قاعدة معيتيقه، التي تتعرض بصفة مستمرة للقصف من طرف مليشيات حفتر، إلى مكان آمن.
  • نقل المعتقلين الذين تدهورت حالتهم الصحية إلى مراكز طبية لتلقي العلاج.
  • توفير الرعاية الصحية والتموين الغذائي الصحي للمعتقلين.

وتدعوا منظمة التضامن وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق إلى قفل مراكز الاحتجاز التابعة لجهاز “مكافحة الهجرة غير الشرعية”، والتنسيق مع الهيئات الدولية لنقل المهاجرين إلى بلدانهم، في إطار العودة الطوعية الذي تديره منظمة الهجرة الدولية، أو إلى بلد ثالث، وإلا فلتخلي سبيلهم[xi]، فهم لا يمثلون 1% من عدد المهاجرين في ليبيا.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

[i] وزارة العدل – ليبيا: “تعميم بشأن التقيد بالتدابير التي اتخذتها وزارة العدل لمواجهة خطر انتشار (فايروس كورونا)“، 16 مارس 2020.

[ii] مجلس حقوق الإنسان، الدورة الثالثة والأربعون: “حالة حقوق الإنسان في ليبيا ومدى فعالية تدابير المساعدة التقنية وبناء القدرات التي تلقتها حكومة ليبيا“، تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 23 يناير 2020. الفقرة رقم(56): “أثناء الفترة المشمولة بالاستعراض، كان عدد الأفراد المحتجزين في 28 سجناً رسمياً خاضعاً لسلطة وزارة العدل يقدر بـ 813 8 فرداً، يوجد نحو 60 في المائة من بينهم رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. وفي المجموع، بلغ عدد النساء المحتجزات 278 امرأة، من بينهم 184 امرأة غير ليبية، و109 من الأطفال كانوا رهن الاحتجاز في سجونٍ تقع تحت حراسة الشرطة القضائية”.

[iii] الدستور الليبي الحالي هو الإعلان الدستوري الذي اعتمده المجلس الوطني الانتقالي في 3 أغسطس 2011. المادة (31) تنص على “لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة، تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه، ولكل مواطن الحق في اللجوء إلي القضاء وفقاً للقانون”.

[iv] موقع النصوص القانونية المتعلقة بالقطاع الأمني في ليبيا: “القانون رقم (5) لسنة 2005 بشأن مؤسسات الإصلاح والتأهيل“.

[v] الأمم المتحدة: “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان“.

[vi] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

[vii] الفقرة (62) من تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 23 يناير 2020.

[viii] الفقرة (56) من تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 23 يناير 2020.

[ix] إذا وزارة العدل لا تستطيع ضمان حقوق المعتقلين وضمان سلامتهم في هذه الظروف الصعبة، فيجب عليها الإفراج عن السجناء والمعتقلين مؤقتا، فقد قامت إيران بالإفراج عن 85 ألف سجين بينهم سجناء سياسيون في ظل انتشار فيروس كورونا، بعد أن تيقنت بعد أكثر من شهر من انتشار الفيروس فيها إلى عدم قدرتها على تأمين حياة السجناء من الوباء.

[x] لا توجد أي أرقام رسمية لعدد المعتقلين في ليبيا. حتى تاريخ اليوم، لم تتمكن أي جهة مستقلة من زيارة معتقل معيتيقه، لا منظمات حقوقية ولا قسم حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ولذا عدد المعتقلين في سجن معيتيقه غير معروف، ولكن يُعتقد أنه يأوي أكثر من 3600 معتقل، بينهم نساء وأطفال. “في غرب ليبيا، لم تتمكن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا سوى من زيارة سجون جديدة [طرابلس] والجوية [مصراته] وعين زارا أ [طرابلس].”، الفقرة (62) تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 23 يناير 2020.

[xi] وفق تقرير منظمة الهجرة الدولية “تقرير عن الهجرة في ليبيا ، الجولة 28، أكتوبر – ديسمبر 2019“، يوجد في ليبيا تقريبا 655 ألف مهاجر من أربعين دولة. ووفقا لتقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، 23 يناير 2020، الفقرة (37)، فإن عدد المهاجرين في مراكز الهجرة 4500 مهاجر، وهو ما يشكل تقريبا 0.7% من إجمالي عدد المهاجرين في ليبيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى