تستنكر منظمة التضامن لحقوق الإنسان حادثة اختطاف السيد رضا امحمد قرقاب، مدير الإدارة العامة للرقابة المالية على القطاع العام في ديوان المحاسبة، يوم الإثنين الموافق 4 مايو 2020 بمدينة طرابلس، وتطالب بالتحقيق فيها.
وحسب المعلومات، التي أوردتها عدد من الجهات الرسمية؛ أنه أثناء خروج السيد رضا قرقاب من بيته للذهاب إلى عمله، وعندما استقل سيارته اعترضته مجموعة مسلحة، أمروا قرقاب بالترجل من السيارة تحت تهديد السلاح واقتادوه إلى جهة مجهولة في بداية الأمر، ليتضح فيما بعد أن المجموعة المسلحة تلقت تعليماتها من معاون رئيس مكتب المعلومات والمتابعة بوزارة الداخلية لحكومة الوفاق.
وبعد ساعات من اختطافه أعلن ديوان المحاسبة في بيان[i] له عن اختفاء أحد موظفيه واعتبر ذلك عملا غير مسؤول، ثم أعلنت بعدها وزارة الداخلية[ii] عن تواجد السيد قرقاب لديها وهو يخضع للاستدلالات. كما قدم رئيس ديوان المحاسبة بلاغا[iii] لمكتب النائب العام ضد كل من وزير الداخلية المفوض ورئيس مكتب المعلومات والمتابعة بوزارة الداخلية.
تعاني ليبيا من عمليات الاختفاء والاختطاف منذ سنوات طويلة إلا أن هذه الحادثة تختلف عن سابقتها فمن قام بالخطف هي الجهة المخولة بالحفاظ على إنفاذ القانون وتحقيق الأمن وسلامة المواطن، والمتمثلة في وزارة الداخلية. وهي سابقة خطيرة تقوض مفهوم دولة القانون.
حسب ما ذكر بيان وزارة الداخلية أن “إجراءات الاستدلال مع المعني تمت وفق صحيح القانون وبمعرفة مأموري ضبط قضائي تابعين لوزارة الداخلية….”، إلا أن المادة 24 من الفصل الثالث من قانون الإجراءات الليبي[iv] والتي تحدد الحالات التي يمكن للمأمور القضائي القيام بالقبض على المتهم، وقد حددتها في أربع حالات لا تنطبق أي منها على حالة السيد رضا قرقاب. كما أن المادة رقم (38) من القانون (19) لعام 2013، تحظر القبض على أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع أعضاء الديوان أو رفع الدعوى الجنائية عليهم إلا بإذن كتابي من رئيس الديوان[v].
وحسب ما تحصلت عليه التضامن من مصادر موثوقة فإن إجراءات الاستدلال لم تتم وفق قانون الإجراءات. المادة 105 توجب على المحقق أن يتثبت من شخصية المتهم ومن ثم إعلامه بالتهمة المنسوبة إليه[vi]. وهذا لم يحدث، فلم توجه للسيد قرقاب أي تهمة مباشرة. وبموجب المادة 106 لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم إلا بعد دعوة محاميه للحضور[vii]، وهذا كذلك لم يحدث مع السيد قرقاب.
التضامن تدعو مكتب النائب العام للتحقيق في هذه الحادثة ونشر نتائج التحقيق ومعاقبة كل من تورط في هذه الحادثة. إن المزاعم التي وردت في بيان وزارة الداخلية[viii]، تتضمن اتهامات خطيرة في حق ديوان المحاسبة وحق السيد رضا قرقاب، ومن ثم يجب التحقيق للوقوف على مصداقية هذه المزاعم من عدمها.
كما تدعو التضامن وزير الداخلية المفوض بالالتزام بما قطعه على نفسه في التعليمات التي أصدرها إلى الجهات الأمنية التابعة للوزارة بضرورة التقيد بالضوابط القانونية في حالات القبض[ix]، باتخاذ الإجراءات القانونية حيال المقصرين والمخالفين للتعليمات في الوزارة.
[i] ديوان المحاسبة: “بيان ديوان المحاسبة حول اختطاف الاستاذ رضا قرقاب مدير الادارة العامة للرقابة المالية للقطاع العام“، 4 مايو 2020 (الساعة 08:53 مساء).
[ii] وزارة الداخلية: “بـيـان وزارة الـداخـلـية بـشـأن إجـراءات الاسـتـدلالات بـخـصـوص إنـحـراف ديـوان الـمـحاسـبة عـن صـلاحـيـاته الـقانـونـية وعـرقـلـته أعـمـال مـؤسـسـات الـدولـة فـي حـالـة الـطـوارئ“، 4 مايو 2020 (الساعة 10:32 مساء).
[iii] قناة ليبيا الأحرار: “ديوان المحاسبة يوجه للنائب العام بلاغا عن الداخلية“، 6 مايو 2020.
[iv] وزارة العدل: “قانون الاجراءات الجنائية والقوانين المكملة له“.
[v] وزارة العدل: “قانون رقم (19) لسنة 2013م بشأن إعادة تنظيم ديوان المحاسبة“، الجريدة الرسمية، السنة الثانية، العدد رقم 13، الصفحة 826. المادة رقم (38): “في غير أحوال التلبس بالجريمة، لا يجوز القبض أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع أعضاء الديوان أو رفع الدعوى الجنائية عليهم إلا بإذن كتابي من رئيس الديوان، ويتعين في حالات التلبس إبلاغ رئيس الديوان خلال الأربع وعشرين ساعة التالية للقبض”.
[vi] قانون الإجراءات الجنائية، الفصل السادس “في الاستجواب والمواجهة”، المادة رقم (105) “إثبات الشخصية والإعلام بالتهمة”: “عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق، يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته، ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر”.
[vii] قانون الإجراءات الجنائية، الفصل السادس “في الاستجواب والمواجهة”، المادة رقم (106) “حضور المحامي”: ” في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان. ولا يجوز للمحامي الكلام إلا إذا أذن له القاضي، وإذا لم يأذن له، وجب إثبات ذلك في المحضر”.
[viii] اتهمت وزارة الداخلية، في البيان المنشور بتاريخ 4 مايو، ديوان المحاسبة “بالفساد والابتزاز” وبالتآمر “رهن الدولة الليبية وتعطيل مصالحها خدمة لأجندات سياسية أو فئوية”.
[ix] وزارة الداخلية: “مذكرة تعليمات من وزير الداخلية المفوض إلى قيادات الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة بشأن إجراءات القبض”، (صفحة رقم 1) ، (صفحة رقم 2)، 19 أغسطس 2019. السيد وزير الداخلية المفوض أشار في بيانه إلى أن القانون “يشترط لكي يقع القبض صحيحًا من مأمور الضبط القضائي في غير أحوال التلبس أن تكون الجريمة المسندة إلى المتهم مما يجيز فيها القانون القبض، وقد حددت المادة (24) من قانون الإجراءات الجنائية الأحوال التي يجوز فيها لمأمور الضبط القضائي مباشرة إجراء القبض في غير أحوال التلبس”.