بيان صحفي في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
تدعو منظمة التضامن لحقوق الإنسان، الجهات المسؤولة بالدولة الليبية إلى اعتبار مصلحة الطفل الفضلى فوق كل الاعتبارات، وتوفير البيئة والحماية المناسبتين لعدم تأثر الأطفال بنتائج النزاع المسلح في ليبيا، بما في ذلك حمايته من آثار انتشار فيروس كورونا المستجد.
يحي العالم في الثاني عشر من يونيو “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال”[1]، بهدف تركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة.
تشير تقارير[2] منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” إلى أن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً في البلدان النامية، وحوالي 16 في المائة من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، ينخرطون في عمالة الأطفال. وتقدر منظمة العمل الدولية أن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعملون ويعمل كثير منهم بدوام كامل، في جميع أنحاء العالم. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعمل واحد من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام 17 عاماً، مقارنة بواحد من كل 8 أطفال في آسيا والمحيط الهادي وواحد من كل 10 أطفال في أمريكا اللاتينية.
المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية “لحظر اسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها”[3]، صنفت أسوأ أشكال عمل الطفل، بأنها كافة أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق، كبيع الأطفال والاتجار بهم وعبودية الدَين والعمل القسري أو الإجباري، بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في صراعات مسلحة، واستخدام الأطفال أو تشغيلهم أو عرضهم لأغراض الدعارة، أو تشغيلهم أو عرضهم لمزاولة أنشطة غير مشروعة، أو استخدام الأطفال في الأعمال التي يرجح أن تؤدي إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.
ليبيا طرف في كل من الاتفاقية الدولية “لحظر اسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها” و “اتفاقية حقوق الطفل”[4]، وتعتبر هاتين الاتفاقيتين هما الاكثر الزاماً لدول العالم لحماية الطفل من ظاهرة الاستغلال والعمل الاجباري[5]. يشمل ذلك التركيز على البدائل السليمة لدعم نمو الطفل وتمتعه بمراحل نمو طبيعية تعتمد على مراعاة المصلحة الفضلى للطفل.
على مستوى القوانين المحلية في ليبيا، نص القانون رقم 12 للعام 2010 بشأن علاقات العمل[6]، في المادة رقم(27) بعدم جواز تشغيل من تقل سنه عن ثماني عشرة سنة في أي نوع من أنواع العمل باستثناء الاعمال التي تقتضي التدريب العملي أو التدريب المهني لمن تجاوز سن 16، وفي المادة (28) حدد ساعات العمل اليومية بست ساعات كحد أقصى.
إلا أنه ورغم ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية من مواد تهدف إلى حماية الطفل من الاستغلال والعمل القسري وحرمانه من النمو الطبيعي والتعليم المناسب، فما تزال ظاهرة استغلال الأطفال وتشغيلهم متواجدة في المجتمع الليبي، خاصة مع تزايد وتيرة الصراعات المسلحة، ونزوح ما يزيد عن 400 ألف من المدنيين بأطفالهم من مناطق إقامتهم[7]، 36% منهم من الفئة العمرية 6 إلى 17 سنة، الأمر الذي كان له التأثير الاقتصادي الكبير على العديد من هذه الأسر النازحة ولجؤها لتشغيل أطفالها من اجل الوصول إلى تغطية مصاريفها، إضافة إلى حرمان عدد كبير من الأطفال من الذهاب إلى المدرسة أو ممارسة حياتهم الاجتماعية مع اترابهم. كما يلاحظ استمرار ظاهرة استغلال الأطفال في عمليات التسول، وتشغيل أطفال المهاجرين غير النظاميين في اعمال خطيرة مثل تعبئة الوقود في اماكن غير مرخصة.
يواجه العالم هذه السنة جائحة مرض (كوفيد -19) الذي تسببه الاصابة بفيروس كورونا المستجد، وكون الأطفال من الفئات الأولى التي ستعاني وتتأثر بهذه الجائحة، فقد اتخذت منظمة العمل الدولية[8]، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، شعار “(كوفيد-19): حماية الأطفال من العمل، اليوم أكثر من أي وقت مضى”.
تدعو منظمة التضامن لحقوق الإنسان، الجهات المسؤولة بالدولة الليبية إلى اعتبار مصلحة الطفل الفضلى فوق كل الاعتبارات، وتوفير البيئة والحماية المناسبتين لعدم تأثر الأطفال بنتائج النزاع المسلح في ليبيا، بما في ذلك حمايته من آثار انتشار فيروس كورونا المستجد.
[1] الأمم المتحدة: “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، 12 حزيران/يونيه“.[2] منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”: “حماية الطفل من العنف والاستغلال والإيذاء، عمالة الأطفال“.[3] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “اتفاقية بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها“، 1999 (رقم 182)، اعتمدت من طرف المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 17 يونيو 1999 بدأ نفاذ هذه الاتفاقية في 19 نوفمبر 2000.[4] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “اتفاقية حقوق الطفل“، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة 44/25 المؤرخ في 20 نوفمبر 1989، تاريخ بدء النفاذ 2 سبتمبر 1990 ، وفقا للمادة 49. ليبيا صادقت على الاتفاقية بتاريخ 15 أبريل 1993[5] كما صادقت ليبيا على “البروتوكول الاختيـاري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية“، بتاريخ 18 يونيو 2004، و “البروتوكول الاختيـاري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في المنازعات المسلحة”، بتاريخ 29 أكتوبر 2004.[6] وزارة العدل، مركز المعلومات والتوثيق: “القانون رقم 12 لسنة 2010 بإصدار قانون علاقات العمل“.[7] منظمة الهجرة الدولية: “ليبيا – النتائج الرئيسية لتقرير النازحين والعائدين، الجولة رقم (30)“، 10 يونيو 2020.[8] منظمة العمل الدولية: “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، 12 يونيو 2020“.