العدالة الأنتقالية

رقم 29 لسنة 2013 في شأن العدالة الانتقالية

استهل القانون أحكامه ببيان مفهوم العدالة الانتقالية بأنها حزمة من الإجراءات التشريعية و القضائية و الإدارية و الاجتماعية لإظهار الحقيقة و حفظ الذاكرة و محاسبة الجناة و الإصلاح المؤسسي و جبر الضرر و التعويض موردا بذلك الأهداف الأساسية الأربعة للعدالة الانتقالية و التي يسعى من خلالها إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان و الحريات الأساسية

استهل القانون أحكامه ببيان مفهوم العدالة الانتقالية بأنها حزمة من الإجراءات التشريعية و القضائية و الإدارية و الاجتماعية لإظهار الحقيقة و حفظ الذاكرة و محاسبة الجناة و الإصلاح المؤسسي و جبر الضرر و التعويض موردا بذلك الأهداف الأساسية الأربعة للعدالة الانتقالية و التي يسعى من خلالها إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان و الحريات الأساسية و حصر هذه الانتهاكات في :

1 – في ظل النظام السابق حددها في الانتهاكات الجسيمة و الممنهجة للحقوق و الحريات الأساسية المرتكبة من قبل أجهزة الدولة  وعرفت المادة الثانية من ذات القانون بأن الإنتهاك الجسيم و الممنهج (( هو إنتهاك حقوق الإنسان من خلال القتل أو الإختطاف أو التعذيب الجسدي أو مصادرة الأموال و إتلافها إذا أرتكبت نتيجة توجيه أمر من شخص يتصرف بدافع سياسي و كذلك التعدي على الحقوق الأساسية بشكل يرتب آثار مادية أو معنوية جسيمة )).

2 –  بعض الأثار الناجمة عن ثورة 17 فبراير و ذكرها على سبيل الحصر لا المثال و هي مواقف و أعمال أدت إلى شرخ في النسيج الاجتماعي و أعمال كانت ضرورية لتحصين الثورة شابتها سلوكيات غير ملتزمة بمبادئ الثورة .

و بهذا الحصر فإن كافة الإنتهاكات اللاحقة التي ارتكبت في حق المدنيين حتى الآن تحت مسميات مختلفة ستخرج عن الاختصاص النوعي لهذه المعالجة  ، و هو ذات النهج تقريبا الذي سلكه القانون رقم 17 لسنة 2012 في المادة الاولى منه وإن كان مفهوم الإنتهاكات أكثر شمولا من القانون رقم 29 فلم يقتصر على الإنتهاك الجسيم و الممنهج بل هو كل فعل يشكل جرما أو إنتهاك لحقوق الإنسان  .

في حين ان القانون رقم 53 لسنة 2013 بشأن إرساء العدالة الإنتقالية و تنظيمها التونسي جاء أكثر شمولا بأن جعل الإنتهاكات التي يطالها القانون بالمعالجة و الكشف في الفصل الثالث من الباب الثاني منه هي ((كل اعتداء جسيم أو ممنهج على حق من حقوق الإنسان صادر عن أجهزة الدولة أو مجموعات أو أفراد تصرفوا باسمها أو تحت حمايتها وإن لم تكن لهم الصفة أو الصلاحية التي تخول لهم ذلك كما يشمل كل اعتداء جسيم و ممنهج على حق من حقوق الإنسان تقوم به مجموعات منظمة )) .

مما يؤخذ على القانون رقم 29 أنه لم يأخذ بعين الاعتبار الفئات الهشة من الضحايا التي وقع عليها الاعتداء ( كالنساء و الأطفال و كبار السن و ذوي الاحتياجات الخاصة ) بخلاف القانون التونسي الفصل الرابع من الباب الثاني من القانون .

أبعد القانون بموجب نص خاص المظالم العقارية عن عمل هيئة تقصي الحقائق و المصالحة و أناط بها هيئة أخرى تسمى هيئة رد المظالم العقارية المادة الثامنة و العشرون من القانون .

كما أن الفساد المالي و الإداري غاب عن المعالجات المقررة بموجب الأحكام المقررة .

مدة سريان هذا القانون ( النطاق الزمني لأحكامه ) حددها في نص المادة الثالثة منه و هي الفترة الواقعة بين 1 سبتمبر من عام 1969 إلى إنتخاب الجسم التشريعي بناء على الدستور الدائم للدولة و لعل هذا التحديد الدقيق للمدة يعتبر أكثر وضوحا مما ورد في القانون رقم 17 بأن جعل مدة سريانه منذ 1 سبتمبر إلى تحقيق الاهداف المرجوة من هذا القانون .

الحقائق التي يطالها القانون رقم 29 لسنة 2013 بالتقصي و الكشف من خلال هيئة تقصي الحقائق و المصالحة  المنشئة بموجب نص المادة السابعة منه حددها في المادة الرابعة بكشف و توثيق أوجاع و معاناة المواطنين الليبيين في النظام السابق و في المادة الخامسة منه الكشف عن الحقائق ذات الطبيعة العامة و الجماعية و الحقائق الفردية دون بيان معنى لها.

  • ●  هيئة تقصي الحقائق والمصالحة :

انشئت هذه الهيئة بنص المادة السابعة من القانون و ما بعدها من مواد محدد طبيعتها واختصاصاتها وصلاحياتها و كيفية تشكيل إداراتها و اللجان التابعة لها  .

تتكون الهيئة من مجلس إدارة و عدد ست إدارات حددت إختصاصاتها وفق مكونات العدالة الانتقالية ويتكون مجلس الإدارة من عدد ثماني أعضاء يتم تعيينهم من قبل المؤتمر الوطني العام كما حدد القانون شروط عضوية مجلس الإدارة و الإدارات و اللجان التابعة للهيئة  و إن خص أعضاء مجلس الإدارة فقط بشروط الحياد و الكفاءة و الاستقلالية و لم يشترط توافرها في باقي الاعضاء كما لم يأت على ذكر شرط التخصصات المتنوعة كعلم القانون و علم الاجتماع و علم النفس و غيرها من العلوم التي لها علاقة بمهام عمل الهيئة  أو أن يكون من بين الاعضاء من يمثل أسر الضحايا أو من مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة المعنية بالمدافعة عن حقوق الانسان كما في هيئة الحقيقة و العدالة البارغواي و هيئة التلقي و الحقيقة و المصالحة بتيمور الشرقية أو التنصيص على وجود العنصر النسائي كما في هيئة الانصاف و المصالحة المغرب .

من العيوب التي شابت القانون فيما يتعلق بالهيئة و الإدارات التابعة لها عدم التنصيص على وجود فروع لها على الاقل ثلاثة فروع في الاقاليم الثلاثة حتى تسهل عملية  تواصل الضحايا و الشهود و المجتمع المدني مع الهيئة في حين ان القانون رقم 17 لسنة 2012 نص في المادة الرابعة منه على وجود فروع للهيئة في كل دائرة مجلس محلي  .

لعل المشرع اصاب عندما نص في المادة السادسة عشر منه على صلاحيات و سلطات واسعة للهيئة لتمكينها من أدوات تحقيق أحد أهم عناصر العدالة الانتقالية و هو الكشف عن الحقيقة فلها أن تأمر الأشخاص و تقوم بزيارة الأماكن التي لها علاقة بالإنتهاكات و تعمل على تفتيشها و تطلب المستندات والأدلة و للأعضاء المكلفين بذلك من قبل رئيس مجلس الادارة صفة مأمور الضبط القضائي .

كما لها أن تطلب من أي شخص أن يكشف عن أي وثيقة او معلومة لها علاقة بموضوع البحث و التقصي الذي تباشره و أن تعمل على توجيه اليمين القانونية و تستجوب الشهود ، كما لها الحق في الحصول على معلومات من أي دولة أخرى من خلال وزارة الخارجية التي تعمل على الحصول على موافقة تلك الدولة .

و حتى تكون هذه الصلاحيات و السلطات ذات جدوى جرم المشرع الممتنع عن مساعدة الهيئة في المادة الواحد و الثلاثون من القانون بأن (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على الف دينار كل من يمتنع عن تمكين الجهات المختصة بتنفيذ القانون من الإطلاع على أي أدلة أو مستندات في حوزته أو يرفض المثول أمام هيئة التقصي و المصالحة أو لجانها دون عذر مقبول )) .

كما يجوز للهيئة الإحالة للمحاكم المدنية أو الجنائية أو الإحالة الى لجان التحكيم و المصالحة و العفو المادة العشرون من القانون و سكت المشرع عن وضع معايير و ضوابط لهذه الإجازة و مدى التزام الجهة المحال لها بهذه الاحالة .

  • ●  لجان تقصي حقائق خاصة :

إلى جانب هيئة تقصي الحقائق و المصالحة وجدت العديد من اللجان الخاصة بالتقصي والتحقيق منها ما شكلت قبل إنشاء الهيئة ومنها ما شكل بعدها من هذه اللجان:

  • لجنة توثيق الجرائم المرتكبة من نظام القذافي المشكلة بموجب القرار رقم 2 لسنة 2011 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي،
  • لجنة توثيق و متابعة شؤون المحتجزين و المرتزقة و المفقودين المشكلة بموجب القرار رقم 3 لسنة 2011 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي،
  • لجنة إدارة الأزمة المشكلة بموجب القرار رقم 19 لسنة 2012 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي،
  • لجنة تقصي الحقائق و إستطلاع مسببات الشقاق  و النزاع في مناطق ( العجمية – الحوامد – تيجي – نالوت – العطف ) المشكلة بموجب القرار رقم 57 لسنة 2013،
  • لجنة النظر و التحقيق في مذبحة بوسليم المشكلة بموجب القرار رقم 59 لسنة 2013،
  • لجنة تقصي حقائق و جمع معلومات بشان صرف مبالغ مالية لوزارة الدفاع و المشكلة بموجب القرار رقم 1 لسنة 2014.

لم يحدد القانون علاقة هيئة تقصي الحقائق و المصالحة بهذه اللجان و غيرها.

حدد المشرع مدة عمل هيئة تقصي الحقائق و المصالحة في نص المادة التاسعة منه بأربع سنوات قابلة للتمديد سنة واحدة بطلب يقدم للسلطة التشريعية قبل إنتهاء مدتها بثلاثة أشهر كما ألزمها بتقديم تقارير عن الملفات التي تنهي العمل فيها و سكت عن وضع آليات إنفاذ التوصيات التي تخلص اليها الهيئة في تقاريرها و أكتفى بالإشارة في المادة 17 الفقرة د أن الهيئة تصدر (( توصيات بشأن طرق معالجة الانتهاكات أو حل المنازعات بما في ذلك إتخاذ إجراءات أو تدابير أو إحالة أشخاص أو وقائع إلى الجهة المختصة )) .

  • المحاسبة و المساءلة الجنائية :

تهدف المساءلة و المحاسبة في مسار العدالة الانتقالية إلى الحيلولة دون إفلات الجناة من العقاب و ترسيخ العدالة في المجتمع والمساهمة في كشف الحقيقة و حفظ الذاكرة الوطنية كما أن العدالة الانتقالية تسعى لمعالجة أسباب الانتهاكات بينما يقتصر دور العدالة التقليدية على معاقبة الجاني و إنصاف المجني عليه و من ثم فأنه يؤخذ على القانون رقم 29  لسنة 2013 و من قبله القانون رقم 17 لسنة 2012 المادة الثانية عشر منه أن المشرع  اختزل المحاسبة و المساءلة في مجرد الإشارة إلى المساءلة الجنائية دون بيان لكيفية إجراء هذه المساءلة و المحاسبة بتحديد إطارها التشريعي  و طبيعة المحاكم التي تباشر النظر في هذه الإنتهاكات إذ نص في القانون رقم 29 لسنة 2013 المادة الخامسة الفقرة الرابعة  (( يقوم تحقيق العدالة الانتقالية في ليبيا على الجوانب التالية : …4 – المحاسبة الجنائية )) و بينت المادة الرابعة الفقرة الثالثة منه من هم الذين تطالهم المساءلة (( المحاسبة على إنتهاكات حقوق الإنسان التي إرتكبت تحت غطاء الدولة أو إحدي مؤسساتها أو الأفراد الذين يتصرفون بالإستمداد منها )) فهذه الإشارة تقودنا للتساؤل حول عدم تناول المشرع للتدابير القضائية مع غير القضائية لمعالجة تركة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد المالي و الإداري لينتهج مسار عدالة إنتقالية بعيدا عن المساءلة أم هو قصور تشريعي و إعتقادا منه بأن الوعاء التشريعي و المؤسسي القائم قادر على التصدي للإنتهاكات التي حدثت في ليبيا منذ قرابة النصف قرن ؟

و لعل ما نص عليه المشرع التونسي في القانون رقم 53 لسنة 2014 بشأن إرساء قواعد العدالة الانتقالية في الفصول من السادس إلى التاسع من الباب الثالث إذ حدد تدابير المساءلة الجنائية و بين معالمها و اطارها التشريعي ففي الفصل السابع نص على أن الاختصاص ينعقد للقضاء الوطني وفقا للتشريعات السارية ((  المساءلة والمحاسبة من إختصاص الهيئات والسلطات القضائية والإدارية حسب التشريعات الجاري بها العمل )) و بين في الفصل الثامن أن الدوائر التي تتصدى للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان هي دوائر ابتدائية تابعة لمحاكم استئنافية و أن القضاة يشترط فيهم عدم المشاركة في محاكمات ذات صبغة سياسية – محاكم الشعب في ليبيا – على أن يتم إعدادهم في مجال العدالة الإنتقالية و يتم النظر في هذه القضايا وفق الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية و حدد القانون بعض تلك الإنتهاكات  لأهميتها منها :  القتل العمد – الإغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي – التعذيب – الإختفاء القسري –  الإعدام دون توفر ضمانات المحاكمة العادلة – كما تتعهد هذه الدوائر بالنظر في الانتهاكات المتعلقة بتزوير الإنتخابات وبالفساد المالي و الإعتداء على المال العام والدفع إلى الهجرة الاضطرارية لأسباب سياسية المحالة عليها من الهيئة .

  • ●   التعويض وجبر الضرر :

خصص المشرع الفصل الرابع من القانون لعنصر التعويض محددا مستحق التعويض و هو كل من تعرض لإنتهاك جسيم و بين أنواعه في المادة الثالثة و العشرون منه و هي التعويض المادي و العلاج و إعادة التأهيل و تقديم الخدمات الإجتماعية و التعويض المعنوي في تخليد الذكرى أو أي صورة أخرى من صور التعويض تتقدم بإقتراحها الهيئة لمجلس الوزراء .

ترك القانون أمر تقدير قيمة التعويض للجنة خاصة بالتعويضات و التي يتم تعيينها من قبل مجلس الإدارة برئاسة قاضي و يعتمد قرارها من قبل الهيئة المادة الرابعة و العشرين و ترك المشرع أمر الضوابط التي يتم على أساسها إحتساب التعويضات و تقديرها و كيفية صرفها و مواعيد هذا الصرف للقرار الذي يصدر بإنشاء صندوق تعويض الضحايا المادة الخامسة و العشرين منه .

لم يوضح المشرع في القانون رقم 29 لسنة 2013 بشان العدالة الانتقالية فيما يتعلق بعنصر التعويض طبيعة العلاقة بين هذا القانون و القوانين و القرارات الصادرة عن المجلس الوطني الإنتقالي و المؤتمر الوطني بشأن تعويض فئات معينة كالسجناء السياسيين و أسر الشهداء والمفقودين والجرحى في ثورة 17 فبراير كالقانون رقم 50 لسنة 2012 بشأن تعويض السجناء السياسيين – القانون رقم 1 لسنة 2014 بشأن رعاية أسر الشهداء و المفقودين بثورة 17 فبراير – القرار رقم 28 لسنة 2012 بشأن تنظيم الجهاز الإداري لوزارة رعاية أسر الشهداء و المفقودين – القرار رقم 85 لسنة 2012 بشأن رعاية و تكريم أسر الشهداء و المفقودين و غيرها من التشريعات.

  • الإصلاح المؤسسي :

 و هو إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بحيث تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على سيادة القانون، وتخضع للمحاسبة والإصلاح، بالإضافة إلى تعطيل البنى والأسس التي أتاحت حدوث هذه الانتهاكات و الإصلاح يشمل التشريعي و الإداري والمؤسسي حتى يُضمن عدم تكرار إنتهاك حقوق الانسان  و اكتفى المشرع الليبي بذكر الإصلاح المؤسسي من ضمن الأهداف الرئيسية التي يسعى لها في المادة الأولى من القانون دون تخصص مواد تتعلق بهذا الاصلاح الا فيما تعلق بالإصلاح التشريعي من خلال تكليف إدارة مراجعة التشريعات ذات الصلة بموضوع العدالة الانتقالية.

من المثالب التي شابت القانون رقم 29 لسنة 2013 ما نص عليه من بطلان التشريعات الظالمة و عدم مشروعيتها المادة السادسة منه (( يعد ظلما و عدوانا تعطيل الحياة الدستورية في ليبيا و تعد التشريعات التي أصدرها النظام السابق تعبيرا عن رغبته و دون أساس شرعي أو دستوري من التشريعات الظالمة و تعتبر لاغية و غير دستورية منذ صياغتها و لا يصح التذرع بها في مواجهات الحقوق الثابتة و يجب معالجة آثارها السلبية على الفرد و المجتمع )) لعل المشرع في هذا النص عني بالتشريعات التي مست الحياة الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية كقانون تجريم الحزبية الذي ألغي بموجب القانون رقم 2 لسنة 2012 و القوانين المستندة إلى مقولات الكتاب الأخضر وإن كان المشرع قرر البطلان لتلك القوانين لعدم صحة وجودها مما يؤدي لانعدامها ناصا على وجوب معالجة آثارها السلبية على صعيد الفرد الذي انتهك حقه و على صعيد المجتمع إلا أنه كان على المشرع بالإضافة إلى النص صراحة ببطلان هذه التشريعات أن يحددها تحديدا نافي للجهالة لا أن يكتفي بوضع معيار الظلم و العدوان المتمثل في تعطيل الحياة الدستورية و أن يضع آليات معالجة الآثار( الاقتصادية –  الاجتماعية – القانونية) المترتبة على هذا البطلان منها على سبيل المثال القانون رقم 4 لسنة 1974 المستند لمقولة البيت لساكنه و الذي بموجبه اغتصبت حقوق الملكية من أصحابها و أنشئت حقوق لأشخاص آخرين .

تتوجه التجارب الحديثة للعدالة الانتقالية إلى تجنب استعمال مصطلح التطهير الذي يعمد إلى الإقصاء و يتضمن مفهوما قديما للإصلاح المؤسسي في حين أن الغربلة تمثل آلية جديدة للإصلاح من خلال تقييم لكل حالة على حدة و بيان مدى أهلية الشخص لمنصبه استنادا لسلوكه الفعلي و قد أنتهج المشرع التونسي هذا المسار عندما نص في الفصل الرابع عشر من القانون رقم 53 لسنة 2014 على ((ويقتضي إصلاح المؤسسات خاصة مراجعة التشريعات وغربلة مؤسسات الدولة ومرافقها ممن ثبتت مسؤوليته في الفساد و الانتهاكات وتحديث مناهجها وإعادة هيكلتها وتأهيل أعوانها )) في حين أنتهج المشرع الليبي مسار التطهير و الإقصاء في إصلاح مؤسسات الدولة من خلال القانون رقم 13 لسنة 2013 بشان العزل السياسي و الإداري  .

  • المصالحة:

مما يؤخذ على القانون رقم 29 لسنة 2013 بشان العدالة الانتقالية أن مصطلح المصالحة ورد بأكثر من صيغة تارة مصالحات مجتمعية نص المادة الرابعة و مرة المصالحة الاتفاقية المادة الخامسة مما سبب في عدم وضوحه

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى