منظمة التضامن لحقوق الإنسان تعتبر تصريحات الخارجية الليبية حول الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة غير القانونية نحو اوروبا انطلاقا من الأراضي الليبية ليس في مصلحة ليبيا. اعتراض المهاجرين في البحر وإعادتهم إلى ليبيا، وهو مخالف للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، سيؤدي إلى نامي أعداد المهاجرين العالقين في ليبيا. هو حل يخدم دول الاتحاد، ولكن انتهاك لحقوق الإنسان وتأزيم للوضع في ليبيا. والحديث عن تأمين حدود الجنوب لن يمنع تدفق المهاجرين، فهم يصلون ليبيا عبر الحدود الغربية والشرقية.
الاتحاد الأوروبي يعي جيدا ويعلم أن معالجة الهجرة غير القانونية تتطلب إجراءات وسياسات تتعلق بدول المصدر، الدول التي يقدم منها المهاجرون، وبدول العبور، منها مصر والسودان وتشاد والنيجر، وبدول المقصد، التي هي وجهة المهاجرين.
في دول المصدر، يجب معالجة الأسباب التي تدفع الناس إلى ترك أوطانهم والمخاطرة بحياتهم بالوقوع في براثن عصابات التهريب والإتجار بالبشر، وهي عصابات عابرة للحدود. هناك أسباب سياسية واقتصادية وأمنية تدفع الناس إلى الهجرة، وطالما استمرت هذه الأسباب، استمر وتنامى أعداد المهاجرين.
بالنسبة لليبيا، كدولة عبور، يجب معالجة الأسباب التي جعلت من ليبيا ساحة نشاط مفضلة بالنسبة لعصابات التهريب. الصراع السياسي والنزاعات المسلحة وانتشار السلاح والمليشيات المسلحة وانعدام سيادة القانون إلى جانب الفساد في أجهزة الدولة، كل ذلك أدى إلى تنامي الهجرة عبر ليبيا، وخاصة منذ خريف 2013.
بالنسبة لدول المقصد، دول الاتحاد الأوروبي، تحتاج لمراجعة سياساتها الخاصة بالهجرة واللجوء. الذي يدفع الناس للهجرة غير القانونية هو أن مسالك الهجرة القانونية إما محدودة جداً أو أبوبها موصده. كما تحتاج إلى مراجعة علاقاتها وسياساتها الخارجية. بعض دول الاتحاد الأوروبي تدعم أنظمة ديكتاتورية وحكومات فاسدة في دول المصدر، بل هناك دول (فرنسا نموذجا) متورطة في نهب ثروات دول المصدر والتدخل في شؤونها الداخلية. أضف إلى ذلك الازدواجية في التعامل مع ملف الفساد، الأموال الفاسدة التي ينهبها حكام وموظفون عموميون فاسدون لا زالت تتدفق الى بنوك أوروبا دون أي عوائق. عندما سقط موبوتو سيكو والقذافي وبن علي ومبارك وآخرين، اكتشف العالم أنهم كانت لديهم أرصدة بالمليارات في بنوك غربية.
من جهته يرى الباحث في منظمة التضامن الأستاذ أحمد القصير أنه “اعتراض المهاجرين في عرض البحر ليس حلاً لأزمة الهجرة، إنما هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى الحكومة الليبية أن تعي جيداً أنها شريكة في هذه الانتهاكات”، وأضاف “إن كان الاتحاد الأوروبي جاد في معالجة الهجرة غير القانونية، التي تشكل تحديات اجتماعية وأمنية واقتصادية لدوله، فعليه احترام القانون الدولي ومراجعة سياساته في إطار تعاون دولي يشمل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وليس في اتفاقيات فردية مع حكومة انتقالية. أعداد المهاجرين مرشحة إلى التزايد بسبب التغير المناخي وبسبب تنامي النزاعات المسلحة، ولن تجدي معها إلا سياسات شاملة تعالج الأسباب”.