الأمم المتحدة
إن التعاون بين بلدان الجنوب هو تجسيد للتضامن بين شعوب الجنوب وبلدانها مما يسهم في رفاهها الوطني واعتمادها على أنفسها ، والتعجيل في إحراز تقدم نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتحقيقها.
وبعد مرور أكثر من عام ونصف على انتشار وباء كورونا، غدا من الواضح أن عقودا من التقدم الإنمائي باتت مهددة وأننا نواجه مستقبلا تلفه الشكوك بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. والشراكة العالمية — بما في ذلك بالتعاون بين بلدان الجنوب — ضرورية للتغلب على تحديات الجائحة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي وقت نتحرك فيه نحو واقع ما بعد الجائحة والتعافي منها، سيساهم التعاون بين بلدان الجنوب في كسر حلقة الفقر والاضطراب والتفاوتات الإنمائية، وفي نفس الوقت تعزيز مبدأ الملكية الفعّالة لخطط التنمية الوطنية الشاملة.
وبالنظر إلى التهديد الذي تشكله جائحة كورونا (كوفيد – 19) والأزمات العالمية الأخرى مثل تغير المناخ، فإن بلدان الجنوب — وبدعم من الشركاء بما في ذلك بلدان الشمال والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص ومراكز الفكر وغيرها من أ صحاب المصلحة — تضع وتعزز السياسات وتخصص الوحدات أو الإدرات الوطنية لتعميم التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي وتعزيزهما.
يمكن العثور على أمثلة على هذه الروح التعاونية في استجابة مكتب الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب الذي يُعد جهة التنسيق التابعة للأمم المتحدة في ما يتصل بتعزيز وتسهيل التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي من أجل التنمية على الصعيد العالمي وعلى نطاق منظومة الأمم المتحدة. ويدعم المكتب بلدان الجنوب في جهودها لمكافحة الوباء وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية من خلال طرائق التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي.
ومن الواضح أن التعاون فيما بين بلدان الجنوب غدا أكثر أهمية من أي وقت مضى وسيظل كذلك. ولهذا السبب، يُراد من هذه المناسبة الأممية إذكاء الوعي بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي حدثت مؤخراً في مناطق الجنوب وبلدانه، وكذلك تسليط الضوء على جهود الأمم المتحدة للعمل على التعاون التقني فيما بين البلدان النامية.
من الأمثلة الرائعة على التعاون بين بلدان الجنوب: دعم كوبا في جهود مكافحة الإيبولا في غرب إفريقيا؛ وتجربة المكسيك في تنويع منتجات الذرة لتحسين الصحة والتغذية في كينيا؛ ومعرفة استراتيجيات الحد من الجوع التي تشترك فيها كولومبيا مع بلدان أمريكا الوسطى؛ والدروس المستفادة من تشيلي إلى دول الكاريبي بشأن وضع العلامات على المنتجات بوصفها إجراءات لإنهاء البدانة.
يجري التعاون في ما بين بلدان الجنوب من خلال إطار واسع من التعاون بينها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتقنية. وبمشاركة بلدين ناميين أو أكثر ، يمكن إقامة تعاون على أساس ثنائي أو إقليمي أو داخل منطقة معينة أو بين أقاليم بعينها. ومن خلال التعاون في ما بين بلدان الجنوب، تتبادل البلدان النامية المعارف والمهارات والخبرات والموارد لتحقيق أهدافها الإنمائية من خلال بذل الجهود المتضافرة.
الأهداف الأساسية للتعاون في ما بين بلدان الجنوب
- تشجيع اعتماد البلدان النامية على الذات عن طريق تعزيز قدراتها المبدعة على التوصل إلى حلول لمشاكلها الإنمائية تمشيا مع ما لديها من أماني وقيم واحتياجات خاصة؛
- تشجيع وتعزيز الاعتماد الجماعي على الذات في ما بين البلدان النامية عن طريق تبادل الخبرات في ما بينها وتجميع مواردها التقنية وتقاسمها والإفادة منها، وإنماء قدراتها التي تكمل بعضها بعضا؛
- تعزيز قدرة البلدان النامية على القيام معا بتحديد وتحليل القضايا الرئيسية لتنميتها وصياغة الاستراتيجيات اللازمة لتسيير علاقاتها الاقتصادية الدولية، وذلك عن طريق تجميع المعرفة المتوفرة في هذه البلدان واضطلاع المؤسسات القائمة بدراسات مشتركة بغية إقامة النظام الاقتصادي الدولي الجديد؛
- زيادة التعاون الدولي من حيث الكم وتعزيزه من حيث الكيف وتحسين فعالية الموارد المكرسة للتعاون التقني الشامل وذلك عن طريق تجميع الإمكانيات؛
- تعزيز القدرات التكنولوجية الموجودة حاليا في البلدان النامية، بما في ذلك القطاع التقليدي، وتحسين فعالية استخدام هذه الإمكانات وخلق قدرات وامكانات جديدة، والعمل، في هذا الصدد، على تشجيع نقل التكنولوجيا والمهارات التي تتلاءم مع ما تتمتع به البلدان النامية من موارد وطاقات إنمائية على نحو يؤدي إلى تعزيز اعتمادها الفردي والجماعي على الذات؛
- زيادة الاتصالات بين البلدان النامية وتحسينها، مما يؤدي إلى خلق مزيد من الوعي بالمشاكل المشتركة وزيادة فرص الحصول على المعارف والخبرات المتاحة، وكذلك خلق معرفة جديدة في ما يتعلق بمعالجة مشاكل التنمية؛
- تحسين قدرة البلدان النامية على استيعاب وتطويع التكنولوجيا والمهارات لتلبية احتياجاتها الإنمائية الخاصة؛
- التعرف على مشاكل ومتطلبات أقل البلدان موا، والبلدان غير الساحلية والجزرية النامية، وأشد البلدان تأثرا، والاستجابة لها؛
- تمكين البلدان النامية من تحقيق درجة أكبر من الاشتراك في الأنشطة الاقتصادية الدولية، وتوسيع التعاون الدول.