uncategorizedالأخبارتقارير

درنة بعد عام من كارثة الفيضان 

فشل ذريع في تحقيق العدالة وإعادة إعمار المدينة

في مثل هذا اليوم،  11 سبتمبر، استيقظ العالم العام الماضي على أخبار كارثة الفيضان الذيحصد آلاف الأرواح في مدينة درنة  .لقد كان من   الممكن تجنب  معظم الخسائر البشرية 1، بلوتقليل الخسائر المادية لولا الانقسام السياسي 2 والفساد والفشل الذريع في أداء الواجب. منذأكثر من عقدين من الزمان توالت التحذيرات من خطر انهيار سدي وادي درنة، ولكن لا السلطات قبل ولا بعد ثورة 17 فبراير 2011 قامت بواجبها لحماية المدينة .

مكتب النائب العام اكتفى بالتحقيق في فشل السلطات التنفيذية في تنفيذ الصيانة المطلوبةلسدي وادي درنة، ولم يتطرق إلى التحقيق في فشل السطات التنفيذية في إجراءات الاستجابةلمخاطر الإعصار الاستوائي، إعصار دانيال، رغم أن التحذيرات من مخاطر هذا الإعصار سبقت فيضان وادي درنة بأسبوع، أي منذ يوم 4 سبتمبر 3. لقد كان لديهم الوقت الكافي لتحذير السكانمن مخاطر حدوث فيضان، واتخاذ إجراءات إخلاء المنطقة القريبة من الوادي، ولكن لم يقوموا بأيشيء من ذلك، بل فرضوا حظر تجول يوم 10 سبتمبر. التحقيقات التي أجراها مكتب النائب العام ،وصحيفة الاتهام التي شملت 16 شخصاً والأحكام التي صدرت في حق إثني عشر منهم، ل متمس الطبقة  السياسية المتجذرة 4 والتي تسببت بشكل مباشر في جسامة الخسائر فيالأرواح والدمار الكبير الذي طال المدينة.

واليوم ومع مرور عام على الكارثة، لا يزال مصير أكثر من ثلاثة آلاف شخص غير معروف، ولا يزالعشرات الآلاف من سكان المدينة نازحين، ولم يتحقق أي شيء حقيقي5 من أعمال إعادة إعمارالمدينة، رغم رصد ما يعادل  2.5  مليار دولار أمريكي6، ولا توجد أي استراتيجية واضحة لإعادةإعمار المدينة. مدينة درنة، التي كانت البنية التحتية والخدمات فيها متهالكة حتى قبل الكارثة،لم يتم أي تطور فيها. المدينة فقدت ستة جسور 7، كانت تربط شقي المدينة على ضفاف الوادي،لم يتم إعادة بناء أي منها. السبب في عدم تحقق أي أعمال إعادة إعمار وغياب استراتيجية لها سببه الفساد السياسي الذي قام بتولية إدارة “صندوق إعادة الإعمار” إلى شخص غير مؤهل.والمخاوف من إهدار الأموال وضياعها واستمرار معاناة سكان المدينة حقيقية وشبه محتومة فيظل الإفلات من العقاب، وغياب المحاسبة8.

حتى تاريخ اليوم لا توجد إحصائية رسمية معلنة عن الخسائر في الأرواح. وفقاً لإدارة الهيئة العامةللبحث والتعرف على المفقودين 9، حتى تاريخ 1 سبتمبر 2024، بلغ عدد الضحايا الذين تم تحديد هويتهم ثلاثة آلاف وسبعمائة وأربعة وثلاثون) 3734(، عدد الليبيين) 2830( والوافدين) 904(. عددالمفقودين، المبلغ عنهم من ذويهم) 3028( ليبيين، وافدين) 198(.

إضافة إلى الخسائر في الأرواح والبنية التحتية، تعرض الإرث الثقافي والحضاري والعلمي لأضرارجسيمة. دُمرت العديد من المكتبات العامة والخاصة، مثل المكتبة العامة ببلدة القيقب والمكتبةالعامة الملحقة بمسجد الصحابة بمدينة درنة 10، ومكتبة الملك إدريس بمدينة درنة، التي كان منالمقرر افتتاحها قبل نهاية العام. رغم صمود المبنى أمام تأثير الفيضان، إلا أن فقدان جميع الكتب التي كانت في غرفة التخزين، يمثل خسارة كبيرة للمدينة. كما” فقدت آلاف الكتب والمراجع والدوريات الثمينة التي حوتها المكتبات الخاصة وفي مقدمتها مكتبة الشيخ مصطفى الطرابلسيالتي لا تعوّض، ومكتبة الشيخ مكي حسان، والشيخ محمد القديري وغيرهم”. هذا إلى جانب الآلاف من الوثائق التاريخيةّ والاجتماعية التي حوتها الخزائن الشخصية وذهبت إلى عرض البحر.

على سبيل المثال” فقد في مكتب محرر العقود، الاستاذ نوري اكويساه، وحده ما يقرب من 3000  وثيقة من وثائق البيوع والمصالحات والحجج التي تمتد إلى مئات السنين وتشكل رافدا أساسيا لذاكرة المدينة والدراسات التي يمكن أن تقوم عليها”11

بدون تحقيق دولي مستقل في الفشل الذريع  للسلطات  في أداء واجبها في الأيام السابقة للفيضان، وبدون هيئة مستقلة من الخبراء تقوم بإعداد استراتيجية شاملة لإعادة إعمار مدينة درنة وهيئة مستقلة من ذوي الخبرة، لن تتحقق العدالة لآلاف الضحايا الذين فقدوا حياتهم ذلك اليوم ولا مستقبل لذويهم.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان  طرابلس – ليبيا 

11 سبتمبر 2024

  • في حديثه للصحفيين في جنيف، بتاريخ 13 سبتمبر 2023، قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصادالجوية بيتري تالاس إن التحدي الرئيسي الذي تواجهه ليبيا في إدارة عواقب الفيضانات التي قتلت الآلافهو أن الحكومة “لم تكن تعمل بشكل طبيعي. لو كانت هيئة الأرصاد الجوية تعمل بشكل طبيعي، لكانبإمكانها إصدار تحذيرات. ولتمكنت سلطات إدارة الطوارئ من إجلاء الناس. وكان بإمكاننا تجنب معظمالخسائر البشرية. بالطبع، لا يمكننا تجنب الخسائر الاقتصادية بشكل كامل، لكن كان بإمكاننا تقليل تلك الخسائر ]الاقتصادية[ من خلال توفير الخدمات الخاصة بالأرصاد الجوية المناسبة“.

وكالة رويترز للأنباء:” رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: كان من الممكن تجنب الخسائر في فيضانات ليبيا بنظام إنذار“، 14 سبتمبر 2023.

  • World Meteorological Organization (WMO): “Libya floods show need for multihazard early warnings, unified response, September 14, 2023. “The fragmentation of the country’s disaster management and disaster response mechanisms, as well as deteriorating infrastructure, exacerbated the enormity of the challenges. The political situation is a driver of risk, as we are seeing in many countries currently,” said Prof. Taalas, WMO Secretary-General. The National Meteorological Center faces major gaps in its observing systems. Its IT systems are not functioning well and there are chronic staff shortages. The National Meteorological Center is trying to function, but its ability to do so is limited. The entire chain of disaster management and governance is disrupted,” he said.
  • Wales on line: “Greece, Italy and Malta severe warning issued as major weather event expected, September 5, 2023.

Excerpt: “But the verdict left untouched Libya’s entrenched political class, which many Libyans blame for a decade of political stagnation, corruption, violence and chaos that, directly or

indirectly, probably contributed to the catastrophe, in which two dams collapsed.”.

  • الباحثة كلاوديا غاتزينيClaudia Gazzini في مجموعة الأزمات الدولية) International Crisis Group(أشارت إلى نموذج من نماذج الصيانة “في شارع الفنار تم طلاء المباني من الخارج بالطلاء الأبيض ولكنالمباني من الداخل لم يتم صيانتها،” رابط الفيديو .
  • العربي الجديد:” ليبيا: مخاوف من إهدار أموال إعادة الإعمار“، 20  سبتمبر  2023. “رصدت الحكومةالمكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد ملياري دولار لهذا الملف، وفي المقابل أعلنت حكومةالوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تخصيص 418 مليون دولار لصندوق إعادة إعمار درنة. “
  • BBC: Libya floods: Why damage to Derna was so catastrophic, September 14, 2023. Photo Nr. 7 “Damage and Destruction in Derna”.
  • Journalist, Mary Fitzgerald: ““Our criteria for transparency is the results on the ground. And they are visible to all.” Novel take from Haftar’s son Belgasim who heads the Libyan Development & Reconstruction Fund when questioned by Jeune Afrique about the opacity of its contracts”, (Link).
  • هذه الاحصائيات تحصلت التضامن عليها من خلال اتصال مباشر بإدارة الهيئة. الهيئة العامة للبحثوالتعرف على المفقودين قامت، ولا تزال تقوم، بجهود كبيرة في توثيق ضحايا الفيضان. الهيئة قامتبانتشال )2601( رفات من مقبرتي الظهر الأحمر ومرتوبة، وانتشال) 235( جثمان من البحر، كما قامتبإعادة دفن) 2876( في مقبرة الفتائح بعد التوثيق والإجراءات القانونية من شهادة وفاة وتصريح دفن منالسلطات المعنية.  الهيئة العامة للبحث والتعرف عن المفقودين:” ملخص احصائيات عمليات استخراج الجثامين مجهولة الهوية في مدينة درنة )اعصار درنة( مع عدد ملفات الأهالي، حتى 31 يناير 2024“، 1فبراير 2024.
  • موقع بوابة الوسط:” حصر المواقع التراثية والثقافية المتضررة جراء «دانيال» في درنة“، 27  سبتمبر

 .2023

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى