اليوم العالمي للمعلمين
“قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّه التَبجيلا … كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي … يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا”[i]
منظمة التضامن تحذر: تفاقم أزمة المعلمين يهدّد مستقبل التعليم في ليبيا
يوافق يوم الأحد 5 اكتوبر اليوم العالمي للمعلمين[ii] الذي أقرته الدورة (27) للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)[iii] في عام 1993، الذي يُنظم سنويا منذ عام 1994 لإحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين. وتضع هذه التوصية مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق ومسؤوليات المعلمين، ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وحشدهم، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم.
هذا العام جعلت منظمة اليونسكو، بالشراكة مع منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الدولي للمعلمين، موضوع اليوم العالمي “إعادة صياغة مهنة التدريس باعتبارها مهنة تعاونية“، مسلطة الضوء على “قدرة التعاون على إحداث تحول بالنسبة إلى المعلمين والمدارس والنظم التعليمية. إنَّ إعادة صياغة التعليم باعتباره تعاونياً بطبيعته، ومدعوماً بالسياسات والممارسات والبيئات التي تقدِّر الدعم المتبادل ومشاركة الخبرات وتحمل المسؤوليات المشتركة، لهي أمر ضروري من أجل تعزيز مهنة التعليم والتعلم وتحقيق الازدهار المهني للمعلمين”[iv].
في ليبيا، تواجه البنية التحتية التعليمية في ليبيا تحديات كبيرة، فبحسب تقرير دولي[v] صدر في أبريل 2024، يحتاج نحو 160,000 طفل و5,600 معلم إلى دعم عاجل يتعلق بإمكانية الوصول إلى التعليم أو جودته، خاصة في المناطق المتضررة من النزاعات وتراجع الخدمات التعليمية. وأكد تقرير رسمي صادر عن مفوضية الإتحاد الأوروبي، أن النقص في المعلمين يمثل أحد أبرز التحديات البنيوية أمام تطوير التعليم في البلاد، مشيراً إلى أن استمرار غياب الخطط الحكومية والموارد اللازمة للتوظيف والتدريب يُفاقم من حجم الأزمة عامًا بعد آخر[vi]. وفي إحدى البلديات في الغرب الليبي، أشار مختار المحلة لوسائل إعلام إلى استمرار العجز رغم وجود 2,000 معلم احتياط، لكن لم يتم توزيعهم لسد الفجوة الفعلية في الفصول[vii]. كما ورد أن في مناطق مثل ربيانه، يصل النقص إلى درجة أن أكثر من 90٪ من المدارس لا تتمكن من تغطية الحصص الدراسية بسبب غياب المعلمين[viii].
وتبقى أزمة رفع كفاءة المعلمين من أبرز القضايا الملحّة التي تطفو على سطح المشهد التربوي في ليبيا. فعلى الرغم من إعلان المركز العام للتدريب وتطوير التعليم[ix] التابع لوزارة التربية والتعليم بحكومة «الوحدة الوطنية» عن “نجاحه في تدريب نحو 10 آلاف معلم خلال عام 2024، رغم التحديات المالية التي تواجه القطاع”، إلا أن المركز أكد عدم توفر ميزانية مخصصة للتدريب منذ عام 2013، وهو ما يفاقم من صعوبة تنفيذ البرامج التدريبية بصورة منتظمة ومستدامة، ويُبقي تطوير القدرات التعليمية رهين المبادرات المحدودة والدعم الخارجي.
بمناسبة اليوم العالمي للمعلمين، تدعو منظمة التضامن السلطات الليبية والمؤسسات الشريكة إلى:
- وضع خطة وطنية عاجلة لمعالجة النقص في أعداد المعلمين وضمان التوزيع العادل لهم في مختلف المناطق، ولا سيما النائية والمتضررة من النزاعات، بما يضمن استمرارية العملية التعليمية لجميع الأطفال دون تمييز،
- تخصيص ميزانية مستقلة للتدريب والتأهيل المهني المستدام للمعلمين، وتمكين المركز العام للتدريب وتطوير التعليم من أداء مهامه بفعالية، بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية مثل اليونسكو واليونيسف ومنظمة العمل الدولية.
- تحسين أوضاع المعلمين المعيشية والمهنية من خلال مراجعة سلم الرواتب وضمان الاستقرار الوظيفي، بما يعزز مكانة المعلّم ودوره المحوري في بناء الإنسان والمجتمع،
- العمل على تحقيق أهداف المؤتمر الإفريقي الشامل لتعليم المعلّمين، ولا سيما تلك المتعلقة بتعزيز التقدير الاجتماعي للمعلمين باعتبارهم عوامل تغيير أساسية في إصلاح التعليم، وزيادة الاعتراف بالمعلمين المتميزين وإبراز دورهم الريادي في النهوض بالقطاع التربوي على مستوى القارة.
- إشراك النقابات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني في إصلاح السياسات التعليمية ورصد تنفيذها، لضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد والبرامج المخصصة للقطاع التربوي.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان
طرابلس – ليبيا
5 اكتوبر 2025
[i] ديوان الشعر العربي: أمير الشعراء أحمد شوقي “قم للمعلم وفه التبجيلا“، (YouTube).
[ii] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو): “اليوم العالمي للمعلمين، 5 تشرين الأول/أكتوبر“.
[iii] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو): “قرار الدورة (27) للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)“، 1993.
[iv] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو): رسالة مشتركة من المديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أزولاي، والمدير العام لمنظمة العمل الدولية السيد جيلبرت هونغبو، والمديرة التنفيذية لليونيسف السيدة كاثرين راسل، والأمين العام للاتحاد الدولي للمعلمين السيد ديفيد إدواردز بمناسبة اليوم العالمي للمعلمين: “إعادة صياغة مهنة التدريس باعتبارها مهنة تعاونية“، 5 تشرين الأول/أكتوبر 2025.
[v] Relief Web: “Barriers and Enablers to Education in Libya – Situation Overview”, April 2024.
[vi] مفوضية الإتحاد الأوروبي، دول الجوار في الجنوب: “أهمّ التطوّرات في السياسات في مجالات التعليم والتدريب والتوظيف – ليبيا 2024“، أغسطس 2025.
[vii] جسور بوست: “مدارس من صفيح ومعلمون بلا أجور.. واقع متدهور للتعليم في ليبيا وسط غياب الحلول“، إيمان بن عامر، 17 مارس 2025.
[viii] العربي الجديد: “نقص المعلمين أزمة إضافية لطلاب ليبيا“، أسامة علي، 21 مارس 2023.
[ix] بوابة الوسط: “مدير مركز تطوير التعليم لـ«بوابة الوسط»: تدريب 10 آلاف معلم في 2024 رغم غياب الميزانية“، 28 فبراير 2025.


