اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق[i]
إصابات المرور على الطرق: السبب الرئيس للوفيات بين الفئة العمرية من 5 إلى 29 سنة
“حوادث الطرق في ليبيا تسببت في وفاة ما يقرب من ثمانين ألف شخص (80’000) ضحية في الفترة من 1973 إلى 2025”[ii]
في ظل الانقسام السياسي وعدم استقرار مؤسسات الدولة، التشريعية والتنفيذية، توجد صعوبة كبيرة في الحصول على إحصائيات دقيقة حول حوادث الطرق، حيث إن وزارة الداخلية لا تقوم بواجبها بنشر الاحصائيات الرسمية بشكل دوري ومستمر. فلم تقم الوزارة بنشر تقارير عن عدد حوادث الطرق والضحايا لعامي 2021 و2022، ونشرت احصائيات غير كاملة لعامي 2019 و2020، إلا أن الوزارة نشرت تقرير[iii] في شهر نوفمبر 2023 أعلنت فيه أن “الحوادث المرورية خلال خمس سنوات، وهي الفترة من 2018 إلى 2022، أدت إلى سقوط 245’9 قتيلا، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات بليغة 532’11 شخصا”. وبالنسبة لعام 2023 فالبيانات المتوفرة تتعلق فقط بالنصف الأول من العام. وفق بيان[iv] وزارة الداخلية، في حكومة الوحدة الوطنية، حوادث الطرق حصدت أرواح 279’1 شخص في النصف الاول من عام 2023. وبالنسبة لعام 2024، حوادث طرق تسببت في وفاة 2441 شخص وإصابة 4139 شخص بإصابات بليغة[v]. وأدت حوادث الطرق في النصف الأول من عام 2025 إلى مقتل 279’1 شخص وإصابة 996’1 شخص بإصابات بليغة.
وزارة الصحة، في حكومة الوحدة الوطنية، نشرت بيان[vi] بتاريخ 10 أكتوبر 2022، عن ندوة عُقدت في مركز المعلومات والتوثيق بوزارة الصحة “حول إعداد التقرير العالمي الخامس لحوادث الطرق، والتي اعتمد خلالها تقرير ليبيا لحوادث الطرق”. ورد في البيان أن ليبيا “تتصدر القائمة الدولية لوفيات حوادث المرور بنسبة 73.4% حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة” ولم يوضح في أي سنة ارتفعت هذه النسبة. ولكن وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية[vii] نسبة حالات الوفاة من حوادث الطرق لكل 100 ألف نسمة في ليبيا في عام 2013 بلغت 60.1، وفي عام 2014 بلغت 73.4 وكان ذاك الأعلى عالميا[viii].
ولكن منذ عام 2015 تراجعت نسبة حالات الوفاة من حوادث الطرق لكل 100 ألف نسمة إلى متوسط 30 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة خلال الأعوام 2017 – 2020، ورغم هذا التراجع في المعدلات إلا أنها لا تزال تعتبر مرتفعة جدا مقارنة مع المتوسط العالمي[ix].
حوادث الطرق في ليبيا تسببت في وفاة ما يقارب ثمانون ألف شخص (000’80) شخص في الفترة من 1973 إلى 2025. فحسب احصائيات الحكومة الليبية[x] في عام 2014، فإن حوادث الطرق في ليبيا تسببت في وفاة ما يزيد عن خمسين ألف (50’000) ضحية خلال الفترة (1973 – 2013)، وخلال الفترة من عام 2014 إلى 2025 تسببت حوادث الطرق في وفاة ما يقارب 30 ألف شخص، كما هو موضح في الجدول المرفق أدناه.
تقصير السلطات في أداء واجبها لا يتوقف عند عدم توفير المعلومات والبيانات بشكل منتظم، بل يشمل التقصير في توفير الميزانيات وغياب البرامج والمشاريع الخاصة بجعل الطرق أكثر أماناً، وهو الأهم. حيث يشير تقرير منظمة الصحة العالمية للعام 2018 [xi]، إلى عدم وجود أموالاً مخصصة في ميزانية ليبيا لوضع استراتيجيات لأمان الطرق[xii]. وعلى مقياس 10 درجات تحصلت ليبيا على درجتين فقط في مقياس تطبيق القانون في مجال الحد من السرعة الزائدة، ودرجة واحدة فقط في مقياس إلزام سائقي الدراجات الهوائية والنارية باستخدام الخوذات، كما يشير التقرير إلى عدم وجود معايير قياسية للمركبات.
إن الجهات الحكومية ذات العلاقة تبقى المسؤول الأول عن سلامة الطرق ونفاذ القانون، كما يقع على عاتق المؤسسات الإعلامية والتعليمية دور أساسي في التوعية بمخاطر سوء استعمال الطرق وعدم التقيد بمعايير السلامة. ولا يزال تفاعل الجهات الحكومية ذات العلاقة والمؤسسات الإعلامية والعلمية ضعيفا ولا يتناسب مع حجم المشكلة.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان تدعو الحكومة ومؤسسات إنفاذ القانون في ليبيا إلى ضرورة الاهتمام بتنفيذ النقاط التالية:
- إنفاذ القانون فيما يخص السرعة القانونية على الطرق، واحترام إشارات المرور.
- الإلزام باستخدام حزام الأمان، واستعمال كراسي وأحزمة الأمان للأطفال داخل المركبات[xiii]، وإلزام استخدام خوذة الرأس لمستخدمي الدراجات، الهوائية والنارية[xiv].
- منع القيادة تحت تأثير الكحول والمؤثرات العقلية الأخرى[xv]، ومنع استخدام الهواتف أثناء القيادة.
- عدم السماح بقيادة القاصرين للمركبات الالية وتشديد العقوبة على من يقوم بتزوير رخص القيادة وتطوير طرق وأساليب التدريب على قيادة المركبات.
- المتابعة والتقييم المستمرين لحالة سلامة الطرق والاهتمام بصيانتها وتطبيق معايير السلامة المعتمدة.
- عدم السماح بتوريد أو استعمال مركبات متهالكة وغير آمنة الاستخدام، والاهتمام بمعايير صلاحية المركبات على الطرق من خلال الكشف الفني الدوري على المركبات.
- مراجعة وتطوير القوانين المتعلقة بحركة المرور بشكل يتلاءم مع تطورات العصر.
- التأكيد على وزارة الداخلية أن تضع برامج توعية وتثقيف حول أهمية تدابير السلامة، واحترام قواعد وإشارات المرور، والتعاون مع رجال المرور في آداء مهامهم، وبث وتنفيذ هذه البرامج من خلال القنوات الإعلامية والمؤسسات التعليمية وبشكل مستمر.
- التأكيد على وزارة الداخلية أن تهتم أكثر بتوثيق ونشر الاحصائيات المتعلقة بمؤشرات السلامة على الطرقات[xvi]، ونشر الاحصائيات الرسمية، بانتظام، لحوادث الطرق والوفيات والإصابات والأضرار الناجمة عنها.
- ضرورة وضع استراتيجيات وطنية للحد من ضحايا حوادث الطرق ورصد الميزانيات المالية المناسبة لذلك.
إن حوادث الطرق تتسبب في مآسي إنسانية ومجتمعية وهدر لفئة مهمة من فئات المجتمع، فئة الأطفال والشباب، فالسبب الأول في الوفيات على مستوى العالم في الفئة العمرية من 5 إلى 29 عام هو حوادث السير، ولذا يجب العمل بكل جدية لوقف هذا النزيف. إن معالجة حوادث الطرق لن يأتي بمجرد تطبيق القوانين واللوائح، يجب العمل على بلورة استراتيجية وطنية شاملة ومتعددة القطاعات، تعالج السلوكيات ببرامج توعوية تشمل كل فئات المجتمع، وتطور الطرق والقوانين، استراتيجية وطنية يتم تمويلها بشكل كافٍ، ودعمها على أعلى المستويات السياسية.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان
طرابلس – ليبيا
17
[i] الجمعية العامة للأمم المتحدة: “قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (5/60) بشأن تحسين السلامة على الطرق في العالم“، 26 أكتوبر 2005، دعت فيه الجمعية العامة الدول الأعضاء إلى الاعتراف بثالث يوم أحد من شهر نوفمبر من كل عام كيوم عالمي لإحياء ذكرى ضحايا حركة المرور على الطرق، باعتبار ذلك وسيلة مناسبة لتكريم ضحايا المرور وأسرهم.
[ii] خلال أربعين (40) عاما (1973 – 2013)، حوادث الطرق تسببت في مقتل (50’000) شخصا، وخلال العشرة سنوات الماضية (2014-2023) تسببت حوادث الطرق في مقتل (23’949)، علما بأن بيانات عام 2023 تتعلق بالنصف الأول من العام. لذا خلال 50 عاما (1973-2023) حوادث الطرق تسببت في مقتل ما يقرب من (73’949) شخصا حسب البيانات المتوفرة.
[iii] صحيفة العرب: “ضحايا الطرقات في ليبيا أكثر من ضحايا الحروب ولا حلول في الأفق“، 23 نوفمبر 2023. اقتباس “الحوادث المرورية خلال خمس سنوات، وهي الفترة من 2018 إلى 2022، أدت إلى سقوط 245’9 قتيلا، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات بليغة 532’11 شخصا كما بلغ عدد المركبات المتضررة 618’39 سيارة بخسائر مادية تقدر بحوالي ـ218 مليون دينار”.
[iv] وكالة الأنباء الليبية: “وزارة الداخلية: حوادث المرور تحصد ارواح (1279) مواطنا في النصف الاول من العام الجاري“، 24 أغسطس 2023.
[v] موقع عين ليبيا الإخباري: “حوادث المرور في أرقام… وزارة الداخلية تُطلق حملة للتوعية“، 4 مايو 2025. اقتباس “أشارت الإحصائيات المرورية إلى تسجيل 9916 حادثًا مروريًا خلال عام 2024، أسفرت عن 2441 حالة وفاة و4139 إصابة بليغة”.
[vi] مركز المعلومات والتوثيق بوزارة الصحة الليبية: “ندوة حول إعداد التقرير العالمي الخامس لحوادث الطرق“، 10 أكتوبر 2022.
[vii] منظمة الصحة العالمية: “التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2018“، تاريخ نشر التقرير 17 يونيو 2018.
[viii] موقع عين ليبيا الإخباري: “ليبيا تسجل أعلى معدل لحوادث الطرق بالعالم“، 29 فبراير 2016.
[ix] منظمة الصحة العالمية: “التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2015“، أكتوبر 2015. وفقا لتقرير المنظمة، معدل الوفيات نتيجة حوادث الطرق في ليبيا في عام 2013 بلغ 73.4 لكل 100 ألف، وهو أعلى معدل بين دول العالم في ذلك العام، جاءت تايلاند في الترتيب الثاني بمعدل 36.2 فيما كان المتوسط العالمي 17.4.
[x] موقع بوابة أفريقيا الإخبارية: “ضحايا حوادث المرور في ليبيا أكثر من ضحايا الحرب والسلاح“، 2 سبتمبر 2014.
[xi] منظمة الصحة العالمية: “التقرير العالمي عن حالة سلامة الطرق 2018“، القسم الثاني – البيانات الوطنية – صفحة 182،
[xii] بحسب توضيح المهندس حسين سويدان، رئيس مصلحة الطرق والجسور في وزارة المواصلات، التي تتبع مجلس الوزراء لـ”العربي الجديد”: “أن ميزانية مصلحة الطرق والجسور في السنوات من 2014 إلى 2016 كانت صفراً، وعام 2017 كانت 4 ملايين دينار (897,518 دولاراً أميركياً)، ولم نتمكن حتى من إصلاح أبسط الأضرار، وعام 2018 كانت 40 مليون دينار (8,975,188 دولاراً) أُنفِقَت على صيانة الطرق والجسور التي تضررت وانهارت من الأمطار العنيفة، “بهذه الميزانيات الضعيفة أصبحنا نعمل في الحالات الطارئة فقط، وليس لتطوير الشبكة العامة وتنفيذ المتطلبات الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وما تنص عليه معاهدة ستوكهولم (معاهدة دولية تهدف إلى القضاء على الملوثات العضوية، ومنها الغازات المنبعثة من السيارات والمصانع)”. رضا فحيل اليوم وربيعة حباس، العربي الجديد:” فوضى الطرق الليبية… ضحايا الحوادث المرورية يفوقون الحرب“، 20 مايو 2021.
[xiii] بالرغم من وجود تشريع يلزم استخدام حزام الأمان لكل ركاب المركبة، السائق والمسافرين، إلا أن إنفاذ القانون، بإلزام استخدام الحزام، ضعيف. كما أنه لا يوجد تشريع بخصوص الأطفال، استعمال كراسي وأحزمة الأمان للأطفال وحظر جلوس الأطفال في المقعد الأمامي بجوار السائق.
[xiv] حسب تقرير منظمة الصحة العالمية، 3% من الوفيات في حوادث الطرق في ليبيا في عام 2013 كانت من فئة الدرجات الهوائية والنارية.
[xv] حسب تقرير منظمة الصحة العالمية، الخمر كانت سبب في 2% من الوفيات في حوادث الطرق في ليبيا في عام 2013.
[xvi] وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية لم تنشر حتى الآن تقرير حول إحصائيات حوادث المرور لعام 2021 كما لم تنشر تقارير شهرية أو ربع سنوية لعام 2022، قارن هذا مع تقارير المرصد الوطني لسلامة الطرق في تونس، الذي يوفر تقارير تفصيلية لأنواع وأعداد حوادث الطرق وأعداد الجرحى والوفيات لكل عام، من عام 2001 إلى عام 2022، ويوفر خدمة تحميل الإحصائيات كملفات Microsoft Excel لتمكين الباحثين من تحليل ودراسة البيانات.



