غدا الإربعاء، الموافق 18 أغسطس 2021، تنعقد الجلسة الأولى من إعادة محاكمة المتهمين في جريمة القتل الجماعي التي ارتكبها نظام القذافي صباح يوم 29 يونيو 1996، والتي راح ضحيتها قرابة 1200 سجين من سجناء الرأي والسجناء السياسيين. هذ المرة ستنظر دائرة الجنايات الأولى من محكمة استئناف طرابلس الدعوى، بعد أن نقضت المحكمة العليا في شهر مايو الماضي الحكم الصادر عن دائرة الجنايات التاسعة من محكمة استئناف طرابلس.
تشكل جريمة مذبحة سجن أبو سليم إحدى أكبر الجرائم التي ارتكبها نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا خلال سنوات حكمه الأنين وأربعين، حيث راح ضحيتها نحو 1200 معتقل في سجن أبو سليم في العاصمة طرابلس.
تعود أحداثها إلى عام 1996، حين قامت قوات أمن النظام، صباح يوم 29 يونيو/حزيران من ذلك العام السجن الواقع في ضواحي العاصمة طرابلس، بإطلاق النار على السجناء بدون أي مبرر، قبل أن تخفي جثثهم في قبر جماعي داخل أسوار السجن.
هذه المذبحة والقضية بقيت حبيسة أروقة المحاكم من حينها حتى صدر حكم من محكمة استئناف طرابلس في ديسمبر من عام 2019 أسقط بموجبه التهمة عن المتهمين في القضية بدعوى انقضاء مدة الخصومة.
المحكمة العليا قضت، بتاريخ 2 مايو من هذا العام، بقبول طعن النيابة العامة في الحكم الذي صدر عن محكمة استئناف طرابلس، وقضت بنقض حكم محكمة الاستئناف، وأمرت بإعادة “الدعوى إلى محكمة استئناف طرابلس – دائرة الجنايات، لنظرها من هيئة أخرى”.
المحكمة العليا أكدت في حكمها المُشار اليه أن “واقعة مذبحة سجن أبو سليم جريمة إبادة جماعية، ومن أوضح صور الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية”، وأن “أحكام التقادم لا تسري على جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، سواء في زمن الحرب أو زمن السلم”. يُجدر الإشارة إلى أن الدائرة الجنائية التاسعة من محكمة استئناف طرابلس في حكمها، ديسمبر 2019، اعتبرت أن جريمة القتل الجماعي في سجن أبو سليم، التي راح ضحيتها 1200 سجين، ليست جريمة ضد الإنسانية، رغم أن القانون رقم (31) لسنة 2013، الصادر عن المؤتمر الوطني العام، نص على أن “مذبحة سجن أبو سليم جريمة ضد الإنسانية”، والقانون رقم (29) لسنة 2013 والذي نص على “لا تسقط الجرائم التي اُرتكبت قبل نفوذ القانون رقم (11) لسنة 1997م والتي اُرتكبت لدوافع أمنية أو سياسية أو عسكرية ولا تنقضي الدعوى الجنائية بشأنها بمضي المدة”، إضافة الى القرار رقم (59) لسنة 2013 الذي عَدَّ “مذبحة سجن أبو سليم من جرائم الإبادة الجماعية”.
التضامن تابعت القضية منذ بدايتها وتأمل أن تتحقق العدالة وتُنصف المحكمة الضحايا وتنهي معاناة أسرهم التي تجاوزت ربع قرن منذ فقدانهم ذويهم. وفي تصريح لرئيس جمعية التضامن الأستاذ جمعة العمامي “لقد تابعنا هذه القضية منذ بداياتها، وطالبنا في كل مناسبة التحقيق المستقل فيها، وهذا موثق في قرارات لجنة حقوق الإنسان الدولية في ثلاثة قضايا تقدم بها أقارب ثلاثة ضحايا من ضحايا المذبحة. ولكن النظام السابق رفض وأصر على الرفض. الإنصاف في هذه القضية طال انتظاره، إنصاف الضحايا الذين تم قتلهم بدون أي مبرر إلا أنهم طالبوا بإنهاء اعتقالهم التعسفي بدون محاكمة”.