الأخبارتقارير

المسئولية الجنائية للقادة والرؤساء عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في ليبيا

أعربت منظمة التضامن لحقوق الإنسان (منظمة التضامن)، في بيان لها صدر يوم الأحد الموافق 26 يونيو بمناسبة إحياء اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب[i]، عن قلقها من تصريحات المسؤولين عن إنفاذ القانون في ليبيا – بمن فيهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء[ii]، والنائب العام[iii]، ووزيرة العدل[iv] – بأن الادعاء الوطني والقضاء الوطني لديه القدرة على التحقيق في الجرائم الخطيرة ومقاضاة مرتكبيها. هذه التصريحات تأتي مناقضة للواقع في ليبيا. الواقع في ليبيا أن أغلب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؛ من القتل، والتعذيب، والاعتقال التعسفي، والاغتصاب، والاختفاء القسري، تُرتكب في إفلات تام من العقاب. 

خلال السنوات الماضية تم توثيق العشرات من جرائم القتل خارج نطاق القضاء[v]، بعضها كانت جرائم قتل جماعي، لم يصدر عن مكتب النائب العام أي نتائج تحقيقات ولم يتم الإعلان عن محاكمة أي أشخاص في هذه القضايا. في شهر يونيو 2016 نُشر تصوير مرئي لأول جريمة قتل خارج نطاق القضاء ارتكبها محمود الورفلي[vi] لشخص أسير، وأستمر في ارتكاب جرائم قتل خارج نطاق القضاء، أغلبها موثقة بالتسجيلات المرئية، حتى آخر جريمة قتل جماعي لعشرة أشخاص أمام مسجد بيعة الرضوان في مدينة بنغازي بتاريخ 30 يناير 2018. جرائم القتل التي ارتكبها الورفلي، والموثقة بالتسجيلات والصور، عدد ضحاياها بلغ 44 شخص خلال تقريباً 19 شهراً، لم يصدر عن مكتب النائب العام ولا النيابة العامة في بنغازي أي مذكرات قبض ضد الورفلي.

كما أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السجون والمعتقلات في ليبيا، بما فيها مراكز اعتقال الهجرة غير الشرعية[vii]؛ الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاغتصاب، تُرتكب في السجون والمعتقلات في ليبيا بشكل ممنهج وعلى نطاق واسع، وهو ما أكدته تقارير صادرة عن عدة جهات دولية.

لقد وثقت منظمة التضامن، ومنظمات محلية ودولية، انتهاكات جسيمة في سجن معيتيقه في طرابلس وسجن قرناده في ضواحي مدينة البيضاء، إضافة إلى سجون ومعتقلات أخرى، انتهاكات جسيمة لمئات السجناء في هذه السجون في معزل عن العالم.

سجن معيتيقه تديره بالكامل جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة (قوة الردع الخاصة)، وعدد المعتقلين فيه ربما يزيد عن 3 آلاف معتقل[viii]، بينهم نساء وأطفال. لا أحد يعرف تحديداً عدد المحتجزين في قاعدة معيتيقه ولا أماكن احتجازهم، وهذا باعتراف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني[ix]، ولم تتمكن أي هيئة مستقلة، وطنية أو دولية، من زيارة السجن، كما لم يُسمح لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ولا للبعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا بزيارة السجن.

منذ تقريرها الخاص حول الانتهاكات في سجن معيتيقه[x]، في شهر أغسطس 2020، تحصلت التضامن على وثائق وشهادات لضحايا الاعتقال التعسفي في سجن معيتيقه، وكذلك نسخ من أوامر إفراج صادرة عن مكتب النائب العام موجهة الى سجن معيتيقه للإفراج عن معتقلين أثبتت تحقيقات النيابة العامة براءتهم مما نسب اليهم، وكذلك نسخ من أحكام صادرة عن محكمة استئناف طرابلس ببراءة متهمين أحالتهم النيابة العامة الى المحكمة، ولكن إلى الآن ترفض قوة الردع الخاصة الإفراج عنهم[xi].

سجن قرناده، في ضواحي مدينة البيضاء، تسيطر عليه مليشيا مسلحة موالية لخليفة حفتر. التقديرات أنه يوجد ما يقارب 1100 سجين في سجن قرناده، تحصلت التضامن على قائمة أسماء أكثر من 600 سجين، أغلبهم من المنطقة الشرقية ما عدا مجموعة من السجناء من المنطقة الغربية، تم اعتقالهم اثناء العدوان على مدينة طرابلس في الفترة من أبريل 2019 إلى يونيو 2020. الغالبية العظمى من المعتقلين، لم توجه اليهم تهم، وبعضهم، خاصة أولئك من مدينة درنة، تم اعتقالهم على الهوية. منذ شهر يناير الماضي، ساءت أوضاع المعتقلين في قرناده بشكل خطير جداً، فيما يبدو رد فعل انتقامي من المليشيا التي تسيطر على السجن بعد فرار 5 سجناء من السجن يوم الأحد 16 يناير 2022. وفق معلومات من مصادر موثوقة يتعرض السجناء لسياسة قتل بطئ من خلال تكثيف العقوبات والتعذيب، والتجويع.

عجز مكتب النائب العام والقضاء الليبي على التحقيق في ومحاكمة الجناة الذين ارتكبوا جرائم خطيرة حقيقة واقعة. انتشار السلاح وسطوة المليشيات المسلحة، والانقسامات بين الأجهزة الحكومية والأمنية في الغرب والشرق والذي أدى إلى وجود مؤسسات وأجهزة موازية، والفراغ الأمني في الجنوب، إضافة إلى تعرض العاملين في المهن القانونية ومكاتب الادعاء العام والمحاكم للاعتداءات المتكررة[xii]، منها جرائم خطف واغتيال واخفاء قسري[xiii]، كل ذلك هو من الأسباب الرئيسية في تنامي ظاهرة الإفلات من العقاب.

منظمة التضامن، مع إقرارها باختصاص الادعاء العام والقضاء الوطني في التحقيق في ومحاكمة المتهمين في ارتكاب هذه الجرائم، إلا أن الإصرار على الزعم بقدرة الادعاء العام والقضاء الوطني للحد من الإفلات من العقاب في الجرائم الخطيرة فهذا أمر غير مقبول. الاختصاص مسألة أصيلة من مسائل السيادة، أما القدرة فهي تتعلق بالظروف المتعلقة بالمؤسسات والظروف التي تعمل فيها.

والأمر هنا لا يتعلق بعلاقة القضاء الوطني والقضاء الدولي، المتمثل في المحكمة الجنائية الدولية. نعم دور المحكمة الجنائية الدولية دورها تكميلي فيما يتعلق بالجرائم التي تقع ضمن اختصاصها، وقد التزمت المحكمة بهذا الدور في القضايا التي حققت فيها في ليبيا[xiv]. ورغم امتلاك المحكمة الجنائية الدولية الولاية القضائية، للتحقيق في الجرائم الخطيرة، بموجب قرار الإحالة من مجلس الأمن الدولي، إلا أنها هي الأخرى لم تحقق أي نتائج تُذكر للحد من ظاهرة الإفلات من العقاب في ليبيا، بالرغم من إصدارها 6 مذكرات قبض ضد 5 متهمين. إنما الأمر يتعلق بخطورة مزاعم لا تمت للواقع بصلة. 

يجب على السلطات المعنية في ليبيا، التنفيذية والقضائية[xv]، تدارك الوضع. ويبدأ بالتوقف عن إسباغ الشرعية على هذه المليشيات السيئة السمعة، وعلى رأسها ما يسمى جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وجهاز دعم الاستقرار (ميليشيا الردع والدعم المركزي – أبو سليم سابقاً) وجهاز الأمن الداخلي بفروعه في الشرق والغرب. يجب على حكومة الوحدة الوطنية وقف دعم هذه المليشيات بالميزانيات والعتاد، ووقف الاعتراف بها كأجهزة تابعة لوزارة الداخلية. كما يجب على السلطتين، التنفيذية والقضائية، وقف التعامل مع هذه المليشيات كلياً.

إن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عندما تُرتكب على نطاق واسع أو منهجي كجزء من سياسة أجهزة الدولة أو مليشيات مسلحة لارتكاب هذه الانتهاكات، يمكن أن تُشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب أثناء السلم أو النزاع.. وأي سلطات تتعامل مع هذه المليشيات على أنها تابعة لها، وتقوم بتمويلها من خلال مرتبات وميزانيات وما إلى ذلك، تتحمل مسؤولية الجرائم الخطيرة التي ترتكبها هذه المليشيات وفقاً للقانون الدولي[xvi].

في ظل عجز القضاء الوطني عن القيام بواجبه لإنهاء الإفلات من العقاب، وعدم تحقيق أي تقدم في القضايا والتحقيقات التي تولاها ويقوم بها مكتب مدعي المحكمة الجنائية الدولية، فإن منظمة التضامن لحقوق الإنسان، وبمساعدة مكاتب محاماة متخصصة في الجرائم الخطيرة، تعكف على إعداد مذكرات شكوى ضد القيادات المدنية والعسكرية والأمنية في الدولة الليبية أمام لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وأمام القضاء الوطني للدول التي اعتمدت مبدأ الولاية القضائية العالمية[xvii] على الجرائم الخطيرة.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

26 يونيو 2022

[i] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب“، 26 يونيو 2022.

[ii] رسالة رئيس المجلس الأعلى للقضاء إلى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية بتاريخ 14 يوليو 2021، والتي طالب فيها “المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية التأكيد على هذا الاختصاص [اختصاص القضاء الوطني الأصيل والمانع بالمحاكمة على الجرائم المرتكبة فوق الإقليم الليبي أياً كان وصف هذه الأفعال والجرائم] وعلى قدرة القضاء الوطني على المحاكمة طبقاً للقانون وأمام المحاكم الليبية“. موقع عين ليبيا الإخباري: “جمعية أسر الشهداء تستنكر مطالب كف يد الجنايات الدولية عن التحقيق في جرائم الحرب“، 17 يوليو 2021.

[iii] مكتب النائب العام – دولة ليبيا: “لقاء السيد المستشار النائب العام بالسيدة نائبة المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية“، 21 يونيو 2022. اقتباس: “وتابع تأكيد مقدرة الادعاء العام الوطني على النهوض بما يقع على عاتقه وفقاً لمقتضيات النظام القانوني الداخلي؛ وقواعد القانون الدولي للتحقيق في الجرائم الخطيرة؛ ومقاضاة مرتكبيها؛ وأن النيابة الليبية تدرك أهمية البحث عن السبل الفضلى المفضية إلى تحقيق العدالة لمصلحة الضحايا، كما تؤمن بأن لوازم تحقيق العدالة تحتّم التصدي لضروب الجرائم شديدة الخطورة التي تجسد انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الإنساني الدولي”.

[iv] وزارة العدل – ليبيا: “بيان للرد على تهم وردت في تقارير المنظمة الدولية“، 19 مايو 2022. اقتباس: “نؤكد على أننا ضد الإفلات من العقاب في حالة أثبتت التحقيقات في ذلك، إن القضاء الليبي قادر على الفصل في كل القضايا“. بيان وزارة العدل جاء رداً على تقرير منظمة العفو الدولية “ليبيا: حاسِبوا قادة ميليشيا جهاز دعم الاستقرار”، 4 مايو 2022. الملفت للنظر أن بيان وزارة العدل جاء بعد يوم من استقبال وزيرة العدل لوفد من جهاز دعم الاستقرار، “وزيرة العدل تستقبل أعضاء جهاز دعم الاستقرار“.

[v] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “بيان بمناسبة اليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا“، 24 مارس 2022. منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “المساواة والدفع قُدُما بإِعمَال حقوق الإنسان“، 10 ديسمبر 2021.

[vi] محمود الورفلي كان ضابط برتبة نقيب في كتيبة الصاعقة الموالية لخليفة حفتر. بتاريخ 15 أغسطس 2017 أصدرت ضد المحكمة الجنائية الدولية مذكرة قبض بتهمة ارتكاب جرائم الحرب، القتل العمد لعدد 34 شخص في مدينة بنغازي ومحيطها (مذكرة اقبض الأولى). ثم أصدرت مذكرة قبض ثانية، بتاريخ 4 يوليو 2018 بتهمة ارتكاب جريمة حرب، القتل العمد لعدد 10 أشخاص أمام مسجد بيعة الرضوان في بنغازي (مذكرة القبض الثانية). المحكمة الجنائية الدولية قررت إنهاء الإجراءات ضد الورفلي بتاريخ 15 يونيو 2022 (قرار إنهاء الدعوى ضد السيد محمود مصطفى بوسيف الورفلي)، بعد مقتله في مدينة بنغازي بتاريخ 24 مارس 2021 (اغتيال محمود الورفلي القائد العسكري في شرق ليبيا المطلوب من الجنائية الدولية).

[vii] وفقاً لأحدث تقرير لفريق الخبراء الدولي المعني بليبيا، المنشأ عملاً قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 (2011)، فإنه يوجد 24 مركز احتجاز في ليبيا تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، معنية باحتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء، وتتراوح أعداد المحتجزين فيها من 1500 إلى 2000 شخص. بعض المراكز التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية تسيطر عليها مجموعات موالية لرئيس الجهاز السابق، العقيد المبروك عبد الحفيظ. مجلس الأمن الدولي: “التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بليبيا المقدم وفقاً للقرار 2571 (2021)“، 27 مايو 2022. كما تفاقمت أوضاع المهاجرين بعد قيام “جهاز دعم الاستقرار” بإنشاء إدارة سماها “إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والتوطين”. أغلب المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر يتم اعتقالهم من طرف جهاز دعم الاستقرار وإيداعهم في معتقل أنشأه في منطقة المايا غرب طرابلس، ووفقا لبيانات “جهاز دعم الاستقرار”، معتقل المايا يتسع لعدد 8000 معتقل. وحيث أن “معتقل المايا” لا يتبع الجهة الرسمية في الدولة، جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، فإن المفوضية السامية لشؤون المهاجرين لا تستطيع تقديم خدمات دعم للاجئين وطالبي اللجوء المعتقلين فيه. منظمة العفو الدولية: “ليبيا: حاسِبوا قادة ميليشيا جهاز دعم الاستقرار“، 4 مايو 2022.

[viii] تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، مجلس حقوق الإنسان، الدورة (43): “حالة حقوق الإنسان في ليبيا ومدى فعالية تدابير المساعدة التقنية وبناء القدرات التي تلقتها حكومة ليبيا“، 23 يناير 2020. وفق تقرير المفوضة السامية ونقلا عن وزارة العدل في حكومة الوفاق الوطني عدد السجناء في نوفمبر 2019 كان 3600 سجين في معيتيقه.

[ix] وكالة الأنباء الليبية: “المجلس الرئاسي يصدر قرار بشأن إعادة تشكل لجنة تقصي وضع الموقفين بمؤسسة الإصلاح بقاعدة معيتيقه“، 18 سبتمبر 2018. قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني رقم (1307) لسنة 2018 “بتقرير بعض الأحكام بقراره رقم (1301) لسنة 2018″، 17 سبتمبر 2018، المادة رقم (2) نصت على “تتولى اللجنة المشكلة بالمادة رقم (1) من هذا القرار مباشرة أعمال التقصي عن وضع الموقوفين بمؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسية بقاعدة معيتيقه الجوية وأي مكان احتجاز آخر قد يكون بها والتثبت من إجراءات إيقافهم وحبسهم ومدى موافقتها للتشريعات الجنائية النافذة”. منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “التضامن تنشر بالتفاصيل والصور تقرير عن سجن معيتيقه“، 20 أغسطس 2018.

[x] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “آن الأوان لحكومة الوفاق الوطني لتحدد موقفها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سجن معيتيقه“، 10 أغسطس 2020.

[xi] وثقت منظمة العفو الدولية في تقريرها “ليبيا: مصير السياسية المختطفة لا يزال مجهولاً بعد مضي عام في خضم حالات الاختفاء المستمرة” الصادر بتاريخ 17 يوليو 2020، تحت عنوان فرعي “لا سلطة فوق سلطة الردع” عدم امتثال قوة الردع الخاصة لأوامر الإفراج والزيارات الموجهة إليها من مكتب النائب العام. اقتباس: “طلبات النائب العام بإحالة المحتجزين إلى الهيئات القضائية أو الإفراج عنهم يتم تجاهلها بشكل منتظم من قِبَل قوة الردع”.

[xii] مجلس حقوق الإنسان، الدورة الاعتيادية (49): “تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا“، 23 مارس 2022.

[xiii] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “الانتهاكات في ليبيا والاستعراض الدوري الشامل: فشل تام في تنفيذ التوصيات منذ 2015“، 2 أبريل 2020. اقتباس: “النظام القضائي الوطني لم يعد قادرًا على ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، بعدما تعرض لاستهداف شل من قدرته على محاسبة الأفراد الضالعين بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. فقد تم رصد هجمات من المجموعات المسلحة شبه العسكرية على القضاء، منها سبع هجمات على مقار النيابة العامة والمحاكم الليبية، فضلاً عن عشر حالات خطف ومعاملات غير إنسانية خلال الاحتجاز تعرض لها أفراد من الهيئات القضائية في سياق مرتبط بعملهم على قضايا جنائية. هذا بالإضافة إلى مقتل ثلاث من أعضاء الهيئات القضائية في عملية اغتيال. وفي 7 أغسطس / آب 2019، اختطفت جماعة مسلحة مسئولاً في وزارة العدل، تم العثور عليه ميتًا بعد بضعة أيام. كما لا تزال الدكتورة سهام سرقيوه، نائبة مجلس النواب في طبرق قيد الاختفاء القسري منذ 18 يوليو 2019 في بنغازي؛ وقد تم اختطفها من مدينة بنغازي مباشرة بعد أن تحدثت علانية عن وجود الجماعات المسلحة المتطرفة في غرب وشرق ليبيا. يأتي هذا بينما لا يزال مكان محمد بن عمر مجهولاً، وهو قاض تعرض للاختفاء القسري، بعد اختطافه من منزله في بلدة القرة بولي (62 كيلومترًا من العاصمة طرابلس) في 26 فبراير / شباط 2020”.

[xiv] المحكمة الجنائية الدولية وافقت، على طلب الدولة الليبية إيقاف الإجراءات ضد المتهم عبد السنوسي، عندما ثبت لديها قدرة القضاء الوطني على محاكمة المتهم في ليبيا. وفي ذات الوقت رفضت طلب الدولة الليبية وقف الإجراءات ضد المتهم سيف الإسلام القذافي لأن المتهم لم يكن في قبضة السلطات الليبية وإنما كان في خارج سلطتها في حماية مليشيا في مدينة الزنتان يقودها المدعو العجمي العتيري.

[xv] في ظل الانقسام السياسي وإصرار مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على الاستمرار في مواقعهما، وبهذا تعطيل المؤسسة التشريعية، المسؤولية الآن تقع على كاهل السلطتان التنفيذية والقضائية.

[xvi] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17يوليه 1998. المادة (28) “مسئولية القادة والرؤساء الآخرين. الفقرة (1) “يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلاً بأعمال القائد العسكري مسئولاً مسئولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين, حسب الحالة، نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة.”، الفقرة (2) “فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس غير الوارد وصفها في الفقرة 1، يسأل الرئيس جنائياً عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين نتيجة لعدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة”.

[xvii] مبدأ الولاية القضائية العالمية (Universal Jurisdiction): يسمح هذا المبدأ المتأصل في القانون الدولي بملاحقة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة، في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن جنسية المرتكب وجنسية الضحية، وكذلك عن مكان وقوع الجريمة. الجرائم الخطيرة التي يمكن ملاحقتها تحت هذا المبدأ هي جرائم القتل الجماعي (الإبادة) والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى