الأخبارتقارير

بيان بمناسبة اليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا

نظرا للأهمية المحورية التي يكتسبها الحق في معرفة الحقيقة في إنهاء الإفلات من العقاب بخصوص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فضلا عن تحذير الآخرين من أنّ الانتهاكات المرتكبة لا يمكن أن تبقى طويلا في الخفاء، ووعيا بارتباط الحق في معرفة الحقيقة بحقوق أخرى على غرار؛ الحقّ في الوصول إلى المعلومة، والحق في محاكمة عادلة، والحق في جبر الضرر، والحقّ في الهوية، والحق في الحصول على إنصاف فعّال.

نظراُ لهذه الأهمية المحورية، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة[i] في 21 ديسمبر 2010، يوم 24 مارس “يومًا دوليًا للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا”. ويمر هذا اليوم على الضحايا وذويهم وكل المدافعين عن والمطالبين بكشف الحقيقة في ليبيا يوماً آخر من تنامي ظاهرة الإفلات من العقاب.

يمر هذا اليوم ولا تزال الغالبية العظمى من الانتهاكات الجسيمة في ليبيا تمر بدون أي تحقيقات، والذي ربما تسبب في تنامي الانتهاكات، مما يضع كل هذه “الحكومات”، التي حكمت أو لا زالت تتصارع على الحكم في ليبيا، في موقع التفريط الذريع في القيام بواجبها في حماية سكان ليبيا، مواطنين ووافدين.

التضامن، وبعد تذكيرها بهذا اليوم الدولي، تجدد مطالبتها للسلطات في ليبيا عن نتائج التحقيقات في كل الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والتي يرتقي بعضها لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومنها وعلى سبيل المثال لا الحصر:

  1. لماذا التعطيل في قضية مذبحة سجن أبو سليم[ii]؟ ولماذا التأجيلات المستمرة لجلسات المحاكمة؟ ولماذا لم يتم حتى الآن الكشف بشكل رسمي ومن جهة مسؤولة عن مصير ضحايا المذبحة؟ وماذا عن مصير المئات من ضحايا الاختفاء القسري على يد أجهزة النظام السابق ومصير جثامين ضحايا الإعدامات الصورية؟
  2. أين نتائج التحقيقات في مذبحة غرغور[iii]، والتي وقعت بتاريخ 15 نوفمبر 2013، والتي راح ضحيتها 47 شخص وإصابة 518 آخرين؟
  3. أين نتائج التحقيق في جريمة قتل[iv] سجناء مفرج عنهم من سجن “الرويمي”، بتاريخ 10 يونيو 2016 في العاصمة طرابلس؟ والذين بلغ عددهم إثني عشر سجين وجدوا جثث في مكب للنفايات ووعد النائب العام بفتح تحقيق ولم يصدر شي،
  4. لماذا لم يتم الإعلان عن نتائج التحقيقات في مقتل العشرات في مدينة بنغازي، والذين وجدت جثثهم في مكبات النفايات؟ أربعة عشر ضحية في منطقة الليثي[v]، وعشرة ضحايا في منطقة شبنة[vi]، وستة وثلاثون ضحية في منطقة الأبيار[vii]، والإعدامات الجماعية لعشرين ضحية في منطقة قنفوده[viii]، والإعدام الجماعي لعشرة ضحايا دون محاكمات أمام مسجد بيعة الرضوان[ix]، وقد تحدثت السلطات هناك على تحقيق ولجان للمتابعة، ولكن لم تتم إجراءات قانونية أو قضائية حتى الآن،
  5. أين التحقيقات في الجرائم الإرهابية التي حصدت عشرات الأرواح في أماكن متفرقة من ليبيا؟ تفجير الثانوية الفنية العسكرية[x] في بنغازي والذي أودى بحياة تسعة ضحايا وجرح سبع عشرة آخرين، وتفجير مركز تدريب خفر السواحل في زليتن[xi] والذي أودى بحياة 67 ضحية وخلف قرابة 100 جريح، وتفجير مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات[xii] في طرابلس والذي أودى بحياة إثني عشر ضحية، والتفجير الإرهابي في بلدة القبة[xiii] والذي أودى بحياة قرابة أربعين ضحية ونحو سبعين جريحا،
  6. ماذا عن نتائج التحقيقات في الهجوم على قاعدة براك الشاطي[xiv] والذي راح ضحيته ما لا يقل عن مائة شخص بينهم مدنيين؟ منذ مايو 2017 استكفت الحكومة بإقالة وزير الدفاع ولم تصدر أي نتائج تحقيقات،
  7. وماذا عن نتائج التحقيقات في الاعتداء على دار الرعاية الاجتماعية[xv] للبنات في مدينة بنغازي؟ والتي وقعت في سبتمبر 2018 ووعدت الحكومة المؤقتة بفتح التحقيقات في الاعتداء،
  8. ماذا عن نتائج التحقيقات في الانتهاكات الجسيمة لحقوق المهاجرين غير النظاميين، من تعذيب ومعاملة مهينة واستغلال؟ وماذا عن التحقيق في مزاعم قتل[xvi] عمد راح ضحيتها مهاجرين غير نظاميين ووجدت جثامينهم في “غابة الفنار” بالقرب من مدينة صبراته وعليها آثار إطلاق نار؟ ووعدت السلطات المحلية والمجلس البلدي في المدينة بنشر تقرير عن الحادثة والتحقيق في الأمر ولم يتم،
  9. ماذا عن جرائم الخطف والإفراج مقابل فدية مالية، التي قامت بها العصابات الإجرامية، وكثير منها قامت بها عصابات كانت تنشط في منطقة ورشفانة؟ كثير من ضحاياها كانوا أطفال، بعضهم قتلوا بعد خطفهم،
  10. ماذا عن التحقيق فنعمي جرائم العقاب الجماعي[xvii] التي ارتكبتها الأطراف المختلفة؟ لماذا لا يتم التحقيق فيها وكشف الحقيقة؟ بدءاً بما ارتكبته قوات وكتائب النظام السابق في الأشهر الأولى من الثورة وإلى آخرها التي ارتكبتها الجماعات الموالية لما يسمى “بعملية الكرامة” في مدينتي درنة ومرزق،
  11. أين التحقيقات في جرائم خطف وقتل خمس سيدات سودانيات تم العثور على جثتين منهما وعليهما آثار تعذيب، بينما لايزال مصير الثلاث النساء السودانيات الأخريات مجهول ولم يكشف حتي الآن عن الجناة أو إعلان نتائج التحقيق حول هذه الحوادث من قبل الأجهزة الأمنية والسلطات الرسمية المسيطرة على مدينة بنغازي التي تتمثل بوقتها في الحكومة المؤقتة التي تتبع مجلس النواب[xviii]،
  12. ماذا عن نتائج التحقيق في قضية المحامية المغدورة حنان البرعصي التي تم اغتيالها يوم 10 نوفمبر 2020 في أحد أكبر شوارع بنغازي واكثرها ازدحام بإطلاق الرصاص[xix] عليها بعد ظهورها في بث مباشر عبر صفحتها بفيسبوك انتقدت فيه صدام خليفة حفتر[xx]،
  13. ماذا عن نتائج التحقيقات في المقابر الجماعية في ترهونة، على الرغم من مطالبات متكررة من أهالي الضحايا لمكتب النائب العام[xxi] بضرورة الاسراع في الكشف عن نتائج التحقيق حول مصير أقاربهم،

منظمة التضامن لحقوق الإنسان:

  • تدعو السلطات الليبية إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة عن إنفاذ القانون، والحفاظ على حقوق الناس، وإنصاف الضحايا، وأول ما يُنصف به الضحايا هو الكشف عن الحقيقة،
  • تطالب وزارة العدل في حكومة الوحدة الوطنية أن تكون مكاتبها أكثر متابعة وإحاطة بكل ما يحدث وأن يجد فيها طالبي العدالة والإنصاف ضالتهم عند اللجوء لها،
  • تطالب مكتب النائب العام بالقيام بواجبه وفتح تحقيقات في جرائم القتل خارج نطاق القضاء[xxii]، وفي جرائم العقاب الجماعي من خطف وقتل وتهجير واعتداء على الأملاك، و
  • توصي أهالي الضحايا وأقاربهم أن يستمروا في المطالبة بالكشف عن الحقيقة، وأن يكونوا أكثر تفاعل وإلحاح في التواصل مع الجهات الحكومية والمنظمات الحقوقية والإنسانية، المحلية والدولية، للمناصرة والمساهمة في كشف الحقيقة.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

24 مارس 2022

[i] الأمم المتحدة، الجمعية العامة: “إعلان يوم 24 آذار/مارس يوما دوليا للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا [A/RES/65/196]“. الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان: “إعلان يوم 24 آذار/مارس يوما عالميا للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا [A/HRC/RES/14/7]“.

[ii] التضامن لحقوق الإنسان: “في الذكرى 25 لمذبحة سجن بو سليم: ماذا بعد نقض المحكمة العليا حكم محكمة استئناف طرابلس؟“، 29 يونيو 2021. التضامن لحقوق الإنسان: “قضية مذبحة سجن بو سليم، بعد 24 عاما من الانتظار، إخفاق ذريع في تحقيق العدالة“، 29 يونيو 2020. التضامن لحقوق الإنسان: “مذبحة سجن أبو سليم 22 عاما مضت على مقتل 1161 سجين في أسوأ عملية قتل جماعي في تاريخ ليبيا ولم تتحقق العدالة بعد“، 29 يونيو 2018. التضامن لحقوق الإنسان: “مذبحة سجن أبو سليم“، 29 يونيو 2019. التضامن لحقوق الإنسان: “قوائم ضحايا مذبحة سجن أبو سليم، طرابلس، ليبيا، 30 يونيو 2017.

[iii] الجزيرة نت: “47 قتيلا حصيلة أحداث “غرغور” في ليبيا“، 18 نوفمبر 2013.

[iv] التضامن لحقوق الإنسان: “التضامن تستنكر جريمة قتل السجناء المفرج عنهم من سجن الرويمي وتعتبرها جريمة قتل خارج نطاق القضاء“، 13 يونيو 2016.

[v] التضامن لحقوق الإنسان: “جريمة حرب: قتل أربعة عشرة ضحية خارج نطاق القضاء“، 1 أغسطس 2016.

[vi] التضامن لحقوق الإنسان: “جريمة جديدة من سلسلة جرائم القتل خارج نطاق القضاء“، 31 أكتوبر 2016.

[vii] التضامن لحقوق الإنسان: “بيان بشأن جريمة إعدام خارج نطاق القضاء لستة وثلاثين مواطن في منطقة الأبيار“، 30 أكتوبر 2017.

[viii] ليبيا الخبر: “الورفلي يظهر في تسجيل جديد يقوم فيه بإعدام 20 شخصا في بنغازي“، 23 يوليو 2017.

[ix] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “بيان بشأن جرائم القتل خارج نطاق القضاء في مدينة بنغازي“، 31 يناير 2018.

[x] قناة الحرة: “ليبيا.. قتلى وجرحى في تفجير مزدوج في بنغازي“، 17 مارس 2014.

[xi] الجزيرة نت: “عشرات الضحايا بتفجير زليتن وطرابلس تعلن الحداد“، 7 يناير 2016.

[xii] هيئة الإذاعة البريطانية (BBC): “مقتل 12 شخصا في هجوم انتحاري على مفوضية الانتخابات في ليبيا“، 2 مايو 2018. والهجوم على مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، والذي أودى بحياة شخصين وجرح عشرة، قناة فرنسا 24: “ليبيا: قتلى وجرحى في هجوم استهدف مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس“، 10 سبتمبر 2019. وكذلك الهجوم على مقر وزارة الخارجية في طرابلس الذي خلف 3 قتلى و10 جرحى، فرنسا 24: “ليبيا: هجوم انتحاري يستهدف وزارة الخارجية في طرابلس“، 25 ديسمبر 2018.

[xiii] الجزيرة نت: “تنظيم الدولة يتبنى تفجيرات القبة وقوات حفتر تقصف درنة“، 20 فبراير 2015.

[xiv] التضامن لحقوق الإنسان: “التضامن لحقوق الإنسان تطالب بتحقيق دولي مستقل في الهجوم على قاعدة براك الشاطي“، 24 مايو 2017.

[xv] بوابة الوسط: “تشكيل لجنة للتحقيق في واقعة الاعتداء على دار الرعاية للبنات في بنغازي“، 28 سبتمبر 2018.

[xvi] موقع “إيوان ليبيا”: “أمن صبراتة تحقق في جريمة قتل مهاجرين، وتكشف عن عملية دفن جثث بطريقة غير صحيحة“، 9 مارس 2017.

[xvii] عدم قيام السلطات الليبية المتعاقبة بالتصدي لجرائم العقاب الجماعي وملاحقة مرتكبيها، هو السبب الرئيس، ليس فقط وراء تنامي هذه الجرائم وازديادها، بل وفي تمادي أطراف عديدة، منهم شخصيات رسمية منتخبة، على التحريض العلني والدعوة في العلن لارتكاب المزيد منها.

[xviii] موقع العربي الجديد: “خطف النساء يتزايد في شرق ليبيا“، أسامة علي، 5 نوفمبر2019.

[xix] تم اغتيالها بعد فشل محاولة خطفها على يد مجموعة مسلحة بعد خروجها المتكرر للحديث عن الاستغلال والانتهاكات الجنسية التي تتعرضن لها النساء بمدينة بنغازي على يد الأجهزة الأمنية الرسمية والمليشيات، وتطرقها لقضايا الفساد وابتزاز السجناء والاستيلاء على الاملاك العامة للدولة الليبية على يد مجموعات مسلحة تتبع للصاعقة المنضوية تحت قوات ما يعرف بالقيادة العامة (قوات عملية الكرامة) بآمرة الضابط المتقاعد خليفة حفتر. وفي آخر بث مباشر لها قبيل مقتلها ببضع ساعات صرحت بإنها ستتناول فساد صدام خليفة حفتر المسؤول في كتيبة طارق بن زياد التي ينتمي معظم افرادها للتيار المدخلي ويرفضون الاعتراف بأي دور للمرأة في الحياة العامة. وفي تسجيل منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر احد افراد الكتيبة وهو يتحدث بلغة تحقيريه تنال من كرامة وسمعة المحامية المغدورة.

[xx] قناة (CNN) بالعربي: “بعد يوم من انتقادها ابن خليفة حفتر.. مقتل المحامية الليبية حنان البرعصي يثير ضجة“، 13 نوفمبر2020.

[xxi] وجّه نائبان من المدينة في مجلس النواب خطاباً إلى مكتب النائب العام يطالبان فيه بضرورة الكشف عن نتائج التحقيق في قضية المقابر. ومنذ منتصف العام 2020، كُشف عن عدد من الجثث المدفونة في مقابر جماعية في مدينة ترهونة، جنوب شرق طرابلس، خلّفتها المليشيات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر في المدينة قبيل انسحابها منها، بعد انكسار حملة حفتر العسكرية للسيطرة على طرابلس. واشتكى النائبان محمد العباني وأبو بكر سعيد، في خطاب مشترك للنائب العام، منتصف شهر يوليو2021، من “وجود تقصير وبطء شديدين في اتخاذ الإجراءات المفترض القيام بها في القضية، على الرغم من العدد الهائل من البلاغات المقدمة من أهالي الضحايا والمتضررين والذي تجاوز مئات البلاغات”، مؤكدين أنّ الكثير من الضحايا لا يزال مصيرهم مجهولاً بانتظار اكتشاف مقابر جديدة. موقع العربي الجديد: “مطالب ليبية للتحقيق بقضية المقابر الجماعية في ترهونة“، 19 يونيو2021.

[xxii] لم يصدر عن مكتب النائب العام أنه قام بفتح تحقيق في الجرائم التي ارتكبها النقيب محمود الورفلي، والتي صدرت بخصوصها فيها مذكرتي اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ضد الورفلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى