“يُمثل الأطفال نسبة غير مقبولة من الضحايا المدنيين خلال الحرب. ووفقا لمنظمة إنقاذ الطفولة، ارتفع عدد الأطفال الذين أصيبوا أو قُتلوا في النزاعات بنسبة 300 في المائة على مدى العقد الماضي. ويدفع الأطفال ثمنا باهظا جدا خلال الحرب ويتعرضون للسجن والتشويه والقتل”[ii].
يحي العالم في الرابع من يونيو من كل عام “اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء”، بهدف الاعتراف بمعاناة الأطفال من ضحايا سوء المعاملة البدنية والعقلية والنفسية، ويؤكد هذا اليوم التزام الأمم المتحدة بحماية حقوق الأطفال وتسترشد في ذلك باتفاقية حقوق الطفل[iii]، وهي من أكثر معاهدة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية من حيث عدد الدول التي صادقت عليها، والتي صادقت عليها وانضمت إليها ليبيا بتاريخ 15 أبريل 1993.
تنص المادة (38) من اتفاقية حقوق الطفل[iv]، على احترام قواعد القانون الإنساني فيما يخص الأطفال الموجودين في مناطق الحرب، حيث يجب اتخاذ جميع التدابير التي تضمن عدم مشاركة أطفال لم يتعدوا سن الـ 15 سنة، في الحرب، أو إلحاقهم في الخدمة العسكرية.
كما تنص المادة (39) من نفس الاتفاقية[v]، على ضرورة اتخاذ الدول الأطراف كل التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل من أشكال الإهمال، أو الاستغلال، أو الإساءة، أو التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو المنازعات المسلحة.
وأشارت المدير التنفيذي لليونيسف[vi]، “أن 60 ألفاً من الأطفال اللاجئين والمهاجرين الذين كانوا متواجدين في المناطق الحضرية ابان الحرب الأخيرة التي دار رحها في غرب ليبيا أيضاً هم في غاية الهشاشة، خاصة الأطفال غير المصحوبين أو المحتجزين، والبالغ عددهم 15 ألف طفل. كان لهؤلاء الأطفال وصولا محدودا لخدمات الحماية والخدمات الأساسية أصلاً، ما يعني أن النزاع المتصاعد قد زاد من المخاطر التي يواجهونها”.
ولا زالت الألغام تشكل خطر كبير على حياة الأطفال في ليبيا بالأخص الألغام والمفخخات التي زرعت في المناطق السكنية والمرافق الصحية والخدمية في الضواحي الجنوبية من مدينة طرابلس والمناطق المحيطة بمدينة سرت وبنغازي، إضافة إلى المتفجرات من مخلفات الحرب في المدن التي شهدت اعمال قتالية. شهر مارس الماضي أدى انفجار لغم إلى مقتل طفلين في مدينة بنغازي حيث خلفت عشرات الضحايا من الأطفال أخرها مقتل طفلين في مدينة بنغازي وإصابة ثالث في مدينة سرت في شهر مارس الماضي[vii].
استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد والمفخخات لاستهداف المدنيين تدخل في إطار الأعمال التي تنضوي تحت جرائم الحرب التي تحرك المسئولية الجنائية الدولية[viii] بحق مرتكبيها. كما أنها تعيق العودة الآمنة للنازحين إلى بيوتهم ومناطقهم[ix]. كما لم يسلم الأطفال في مدينة ترهونة من ويلات الحرب، حيث أكدت لجنة المقابر الجماعية[x] التعرف على عدد من الأطفال تم العثور على جثامينهم في المقابر الجماعية في مدينة ترهونة ومحيطها.
في اليوم الدولي لضحايا العدوان على الأطفال الأبرياء، تطالب المنظمات الموقعة على هذا البيان جميع الأطراف في ليبيا باحترام قواعد القانون الإنساني، والالتزام بتوفير كامل الحماية والرعاية للأطفال واتخاذ التدابير المناسبة للحد من آثار العدوان المسلح على الأطفال، هذا العدوان الذي أصبحت شبح يهدد حياة الآمنين وبالأخص الأطفال منهم. كما تدعو المنظمات الدولية لوضع برامج وأنشطة تكون ذات صلة مباشرة بحماية الأطفال أوقات النزاعات، ومن بينهم أطفال المهاجرين وطالبي اللجوء وفاقدي السند والجنسية في ليبيا.
المنظمات الموقعة على هذا البيان:
- مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، صبراتة،
- مؤسسة الصحافة الحرة، صبراتة،
- جمعية الخير للأشخاص ذوي الإعاقة، صبراتة،
- جمعية بصمة أمل لأطفال التوحد، صبراتة،
- منظمة شموع لا تنطفي لذوي الإعاقة، صبراتة،
- منظمة حقوقيون بلا قيود، بنغازي،
- منظمة البريق لحقوق الطفل، طرابلس،
- منظمة احقاق للتنمية المستدامة لحقوق المرأة والطفل، طرابلس،
- الشبكة الليبية لحماية حقوق الطفل، طرابلس،
- منظمة التضامن لحقوق الإنسان، طرابلس،
- جمعية تبينوا لحقوق الإنسان، نالوت،
- المنظمة العربية الدولية لحقوق المرأة، طرابلس.
طرابلس – ليبيا
4 يونيو 2022
[i] موقع الأمم المتحدة: “اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء“.
[ii] مجلة الإنساني، مجلة تصدر عن اللجنة الدولية الصليب الأحمر: “لديهم القدرة على الصمود.. معاناة الأطفال في الحرب“، 18 يوليو 2019.
[iii] مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “اتفاقية حقوق الطفل“، تاريخ بدء النفاذ: 2 أيلول/سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49.
[iv] اتفاقية حقوق الطفل، المادة (38): “[1] تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد. [2] تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن ألا يشترك الأشخاص الذين لم يبلغ سنهم خمس عشرة سنة اشتراكا مباشرا في الحرب. [3] تمتنع الدول الأطراف عن تجنيد أي شخص لم تبلغ سنه خمس عشرة سنة في قواتها المسلحة. وعند التجنيد من بين الأشخاص الذين بلغت سنهم خمس عشرة سنة، ولكنها لم تبلغ ثماني عشرة سنة، يجب على الدول الأطراف أن تسعي لإعطاء الأولوية لمن هم أكبر سنا. [4] تتخذ الدول الأطراف، وفقا لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.”.
[v] اتفاقية حقوق الطفل، المادة (39): “تتخذ الدول الأطراف كل التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل من أشكال الإهمال، أو الاستغلال، أو الإساءة، أو التعذيب، أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، أو المنازعات المسلحة. ويجرى هذا التأهيل وإعادة الاندماج هذه في بيئة تعزز صحة الطفل، واحترامه لذاته، وكرامته”.
[vi] منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، تصريح صادر عن المديرة التنفيذية لليونيسف، 17 يناير 2020.
[vii] مكتب اليونيسيف ليبيا: “وفاة وإصابة أطفال بمتفجرات من مخلفات الحرب“، 27 مارس 2022. كما أصيب، يوم 21 مارس 2022، طالب جراء انفجار قذيفة من مخلفات الحرب داخل مدرسة نور اليقين بمحلة وادي جارف، في ضواحي سرت (رابط). لنا وريكات، القائم بأعمال الممثل الخاص لليونيسف في ليبيا “خلال العام الماضي، تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من مقتل أو إصابة 26 طفلاً على الأقل في ليبيا بسبب المتفجرات من مخلفات الحرب”.
[viii] الصليب الأحمر الدولي: “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17تموز/ يوليه 1998“. المادة (8): الفقرات (2-أ-3)، (2-أ-4)، (2-ب-1)، (2-ب-2)، (2-ب-9).
[ix] في ليبيا، يُقدر عدد النازحين داخليًا بـ 392،241 والعائدين بـ 493،716. احتمالية العودة الآمنة ضئيلة حتى يتم تنفيذ إجراء المسوحات غير الفنية و/أو الفنية، وتنفيذ المهام الموضعية للتخلص من الذخائر المتفجرة، و/أو تطهير مناطق المواجهات.
[x] لجنة المقابر الجماعية ترهونة: “رئيس اللجنة المختصة بالمقابر الجماعية بترهونة يسلم سبع جثث لذويهم بعد التعرف عليهم“، 5 مارس 2021، بينهم ثلاث أطفال.