بيان بشأن جرائم القتل خارج نطاق القضاء في مدينة بنغازي
منذ التفجير الإرهابي، والذي وقع مساء الثلاثاء الموافق 23 يناير والذي أدى إلى مقتل سبعة وثلاثون، بينهم طفلان، وجرح سبعة وثمانون آخرين في مدينة بنغازي[i]، قتل في المدينة وضواحيها ما يقارب عن تسعة وعشرون[ii] شخصا في اعدامات صورية خارج نطاق القضاء. منظمة التضامن تحصلت على معلومات تتعلق بخمسة من الضحايا تفيد بأنهم تم اعتقالهم ما بين مساء الاربعاء ومساء الخميس الموافق 25 يناير 2018.
حتى تاريخ اليوم، الموافق 30 يناير 2018، لم يصدر لا عن مجلس النواب ولا مكتب اللواء المتقاعد خليفة حفتر أي بيان يوضح موقفها من هذه الجرائم والإجراءات التي اتخذتها من أجل وضع حد لها وتقديم المسؤولين عنها أمام العدالة.
وإذ تعتبر منظمة التضامن صمت مجلس النواب و”القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية” وعدم تحركهم لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، يرتقي إلى تواطؤ ومشاركة في الجريمة، فإنها تحملهما المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، حيث أنها تُرتكب في مناطق يُفترض أنها تحت نفوذ وسيطرة القوات التابعة “للقيادة العامة” و”الحكومة المؤقتة”، التابعة لمجلس النواب، وتقوم بارتكابها قوات ومليشيات تتبع “القيادة العامة”[iii].
وإذ تُعرب منظمة التضامن:
عن تأييدها لبيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا[iv] والذي طالبت فيه “بتسليم محمود الورفلي على الفور” إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولبيان المجلس الأعلى للدولة[v] والذي طالب فيه “المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى الإيفاء بالتزاماته تجاه ليبيا”،
وعن مخاوفها من أن أعداد الضحايا مرشحة للزيادة، حيث وردت معلومات عن عمليات مداهمة وخطف، تقوم بها مجموعات مسلحة في مدينة بنغازي، وكذلك العثور، مع جثامين بعض الضحايا، على ورقة تحمل تهديد بارتكاب المزيد من عمليات التصفية[vi]؛
وعن عدم ثقتها في قيام السلطات الليبية، المتمثلة في مجلس النواب[vii] والمجلس الرئاسي[viii] لحكومة الوفاق الوطني، بواجباتهما تجاه حماية المدنيين ومحاسبة الجناة،
فإنها تدعوا منظمة الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه حماية المدنيين في ليبيا، في ظل تقاعس السلطات الليبية عن أداء واجبها. إن المنظمة الدولية أعلنت التزامها بالمسؤولية عن حماية السكان من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية من خلال الأمم المتحدة بموجب الفقرة 139 من الوثيقة الختامية[ix] لمؤتمر القمة العالمي لعام 2005.
منظمة التضامن لحقوق الإنسان
طرابلس – ليبيا
الخلفية:
- صباح يوم الاربعاء، الموافق 24 يناير 2018، تم العثور على جثتين لشابين[x] في مكب قمامة خلف المستشفى العسكري[xi] بمدينة بنغازي. الجثتين كانت عليهما آثار تعذيب وإطلاق رصاص، العينان معصوبتان والأيدي مقيدة خلف الظهر. كل ضحية عُثر على ورقة مثبتة بملابسه. حسب البيانات في الورقتين؛ الضحيتين علي أحمد عبد الكريم السليماني من سكان حي “الماجوري”، وعبد العزيز عوض رحيل النعاس الورفلي من سكان حي “أرض قريش”. لم يتسنى لمنظمة التضامن التحقق من هويتهما بعد،
- ظهر يوم الأربعاء، الموافق 24 يناير 2018، قام الرائد محمود الورفلي[xii] بقتل عشرة أشخاص[xiii]، يرتدون ملابس السجن، أمام مسجد “بيعة الرضوان” وبحضور عدد كبير من المدنيين والعسكريين. حتى الآن لم يتم التعرف على الضحايا[xiv] حيث كانت أعينهم مغطاة بعصابة، تغطي أغلب الوجه، وأيديهم مقيدة خلف الظهر[xv]،
- صباح يوم الجمعة، الموافق 26 يناير 2018، تم العثور على خمسة جثث في منطقة الليثي وسبعة جثث في طريق النهر، خلف منطقة “بو هديمة”، ونقلت الجثامين الى مستشفى “مركز بنغازي الطبي” وكلها عليها أثار تعذيب وإطلاق رصاص[xvi]. الجثث الخمسة التي وجدت في الليثي تم العثور على ورقة مثبتة على ملابس كل ضحية، مماثلة في الصياغة لتلك الورقات التي وجدت على الضحيتين التين عثر عليهما يوم الأربعاء الموافق 24 يناير في حي “أرض الحراسة” خلف المستشفى العسكري. الضحايا الخمسة كانت أسمائهم كالتالي: عياد خليفة عمر الفرجاني[xvii]، وفرج عبد الله الفارسي[xviii]، وبالقاسم المحجوب الفرجاني[xix] من سكان حي “الكيش – شعبية رقم (2)”، يوسف عبد المجيد حمد الدرسي من سكان حي “سيدي يونس”، وعلي محمد حمد محمود اليمني[xx] من سكان حي “المساكن”. السبعة ضحايا الآخرين لم تتوفر حولهم معلومات،
- مساء السبت، الموافق 27 يناير 2018، تم العثور على أربعة جثث، اثنين في منطقة “سوق الحوت” وسط المدينة القديمة، وجثة في منطقة قنفوده وجثة في منطقة قاريونس. الجثث نقلت جميعها إلى مستشفى “مركز بنغازي الطبي”، وجميعها عليها أثار تعذيب وإطلاق رصاص[xxi]، و
- يوم الأحد، الموافق 28 يناير 2018، تم العثور على جثمان سالم سالم الفيتوري[xxii]، في مشروع “الصفصفة” في منطقة الهواري.
[i] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “بيان بشأن التفجيرات الإرهابية في مدينة بنغازي“، 25 يناير 2018. انفجرت سيارتان مفخختان أمام مسجد “بيعة الرضوان” في حي السلماني الشرقي.
[ii] ضحيتين عثر عليهما صباح الأربعاء 24 يناير خلف المستشفى العسكري، وعشرة ضحايا تم قتلهم أمام مسجد بيعة الرضوان ظهر يوم الأربعاء الموافق 24 يناير، واثني عشرة ضحية عثر عليهم صباح يوم الجمعة الموافق 26 يناير وتم التأكد من هوية خمسة منهم ولم تتوفر صور أو بيانات عن السبعة الآخرين، وأربعة ضحايا عثر عليهم يوم السبت الموافق 27 يناير ولكن لم تتوفر صور أو بيانات عنهم، وضحية عثر عليه يوم الأحد الموافق 28 يناير في مشروع الصفصفة في منطقة الهواري. من أصل 29 ضحية من ضحايا القتل خارج نطاق القضاء، توفرت شواهد (صور وبعضهم بيانات شخصية) على 18 ضحية ولم تتمكن التضامن من الحصول على بيانات أو صور الأحد عشر ضحية الأخرى.
[iii] جريمة القتل، لعشرة أشخاص أمام مسجد “بيعة الرضوان” ظهر يوم الاربعاء 24 يناير، خارج نطاق القضاء قام بارتكابها الرائد محمود الورفلي، قائد ميداني في القوات الخاصة التابعة لما يسمى “بالقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية”. آمر القوات الخاصة في بنغازي اللواء ونيس بو خمادة وهو آمر “الغرفة الأمنية المركزية في بنغازي” نشرت له تسجيلات فيها تصريحات مثيرة للقلق، فيها تحريض على العنف وارتكاب انتهاكات ترتقي الى جرائم حرب (عاجل الليثي للقوات الخاصة الصاعقة: “عندما طلب أحفاد البغدادي الحوار مع اللواء ونيس بو خمادة“.
[iv] بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، 24 يناير 2018.
[v] المجلس الأعلى للدولة: “بيان بشأن الاعدامات خارج القانون في بنغازي ودرنة“، 27 يناير 2018.
[vi] خمسة من الضحايا، الذين عثر عليهم صباح يوم الجمعة الموافق 26 يناير 2018، وإثنين من الضحايا اللذان عثر عليهما يوم الأربعاء الموافق 24 يناير، عثر مع جثمان كل واحد منهم ورقة تحتوي اسم ورقم بطاقة شخصية وعنوان سكن الضحية بالإضافة إلى رسالة تقول “… ورساله إلى كل من هم ينتمون إلى هذه الزمرة الفاسدة حتى ولو بكلمة أننا سوف نقضي على هذه الآفة حتى آخر كلب فيكم ونقول إلى كل من تسول له نفسه من هذه الزمرة الفاسدة بأننا قادمووووون …”، الملحق (LHRS RPT-123-01-18 Annex 01.pdf) مرفق به نسخ من هذه الورقات.
[vii] مجلس النواب لم يصدر أي بيان ولم يتخذ أي موقف من هذه الجرائم، كما أن المجلس يعتبر “القوات المسلحة العربية الليبية” هي المؤسسة العسكرية الرسمية، ويعتبرها خليفة حفتر قائد علم لهذه القوات. كما يوجد أعضاء من البرلمان لهم مواقف وتصريحات تعتبر تحريض على ارتكاب انتهاكات خطيرة تصل للتحريض على القتل والاغتيال باستخدام (المنارة للإعلام: “نائب في برلمان طبرق يدعوا الى “القتل والاغتيال وتصفية الخصوم بعمليات سرية نوعية”“).
[viii] المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في بيانه (“بيان للمجلس الرئاسي بشأن عمليات القتل خارج القانون في بنغازي ودرنة“)، الذي صدر يوم 27 يناير 2018، أي بعد مضي قرابة ثلاثة أيام من جريمة القتل خارج نطاق القضاء أمام مسجد “بيعة الرضوان”، لم يصف ما قام به الرائد محمود الورفلي، من قتل 10 أشخاص خارج نطاق القضاء، بأنه جريمة كما أن المجلس الرئاسي لم يعلن بشكل صريح عن دعمه لمطالب المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على المتهم في هذه الجريمة وفي 34 جريمة سابقة الرائد محمود الورفلي. المجلس الأعلى للدولة
[ix] الجمعية العامة للأم المتحدة: “القرار رقم (A/RES/60/1)، المسؤولية عن حماية السكان من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية“، الفقرات 138-139، الصفحة رقم 41، 16 سبتمبر 2005، نتائج مؤتمر القمة العالمي لعام 2005.
[x] قناة النبأ: “العثور على جثتين مجهولتين خلف المستشفى العسكري ببنغازي“، 24 يناير 2018. موقع بوابة الوسط: “العثور على ﺟﺜﺘﻴﻦ بمنطقة أﺭﺽ ﺍﻟﺤﺮﺍﺳﺔ في بنغازي“، 24 يناير 2018.
[xi] المكان عثر فيه على الجثتين يبعد حوالي كيلو متر واحد فقط عن مسجد “بيعة الرضوان”، مسرح الهجوم الإرهابي بسيارتين مفخختين.
[xii] الرائد محمود الورفلي صدرت في حقه مذكرة قبض من المحكمة الجنائية الدولية، بتاريخ 15 أغسطس 2018، للتحقيق معه في جرائم حرب، وهي القتل، راح ضحيتها 34 شخصا في الفترة من يونيو 2016 وحتى شهر يوليو 2017. المحكمة الجنائية الدولية: “الحالة في ليبيا: الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية تصدر أمراً بالقبض على محمود مصطفى بوسيف الورفلي للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب“، 15 أغسطس 2017.
[xiii] المنارة للإعلام الرئيسية: “فيديو الإعدام الجماعي لعدد من السجناء خارج إطار القانون“، 25 يناير 2018.
[xiv] أحد الضحايا سقطت العصابة عن وجهه، لحظة إصابة الرصاصة رأسه، وحسب بعض المصادر تم التعرف على اسمه وتاريخ اعتقاله. الاسم أشرف شعيب عيسى، من سكان منطقة “أرض زواوه”، تم اعتقاله في شهر ديسمبر الماضي، وظهر في تسجيل مصور تم نشره على إحدى الصفحات، على شبكة التواصل الاجتماعي Facebook، “عاجل بنغازي من قلب الواقع” المؤيدة لما يسمى “عملية الكرامة”. التسجيل نشر يوم 14 يناير 2018، وفيه تحدث الضحية عن أنه “يعرف أن مصيره الموت”.
[xv] التسجيل المصور يظهر فيه الورفلي وهو يطلق رصاصة، من بندقية بها كاتم صوت، تصيب رأس كل ضحية، والذين كانوا مصطفين على أركابهم، ثم استمر الورفلي في إطلاق الرصاص على الجثث وهي على الأرض. التسجيل يظهر فيه كذلك بعض الأشخاص وهم يقذفون الحجارة فيما يبدو تجاه الجثث.
[xvi] قناة النبأ: “وصول 12 جثة عليها آثار تعذيب لمركز بنغازي الطبي“، 26 يناير 2018.
[xvii] عياد خليفة عمر الفرجاني: من مواليد مدينة بنغازي 1987، متزوج وله من الابناء بنت وولد وزوجته حامل، يعمل في مصنع الاسمنت الهواري ومأذون شرعي. كان خطيب مسجد نادي الاهلي حي الزيتون ببنغازي، ولكنه توقف عن الخطابة صيف 2014، أعتقل في شهر 12 .2015 وبعد شهر من القبض عليه أمر القاضي بالإفراج عليه، ولكن أعيد اعتقاله وأودع السجن حتى أمر القاضي بالإفراج عنه في شهر ديسمبر الماضي. تم الهجوم على بيته واعتقاله أمام زوجته وأبنائه من قبل أشخاص مسلحين يوم 25 يناير 2018، اليوم التالي وجدت جثته ملقاة في حي الليثي. المنارة للإعلام: “الضحية رقم 3 من ضحايا عمليات الإعدام الاخيرة في مدينة بنغازي“، 28 يناير 2018.
[xviii] فرج عبد الله الفارسي: من مواليد بنغازي 1984، كان يعمل حارس في أكاديمية الدراسات العليا في حي الصابري، خريج معهد متوسط. اعتقل في شهر رمضان 2016 ليلة العيد وتم إطلاق سراحه في شهر ديسمبر الماضي. تم اعتقاله من قبل أشخاص مسلحين يوم 25 يناير 2018، اليوم التالي وجدت جثته ملقاة في حي الليثي. المنارة للإعلام: “من ضحايا عمليات الإعدام الاخيرة في مدينة بنغازي“، 27 يناير 2018.
[xix] بالقاسم محجوب عطية الفرجاني: من مواليد مدينة بنغازي 1985، رياضي ولاعب كرة قدم، خريج معهد متوسط. أعتقل في شهر مايو 2017 وأفرج عنه بعد فترة قصيرة في شهر رمضان الماضي (يونيو 2017). تم اعتقاله من قبل أشخاص مسلحين يوم 25 يناير 2018، اليوم التالي وجدت جثته ملقاة في حي الليثي. المنارة للإعلام: “من ضحايا عمليات الإعدام الاخيرة في مدينة بنغازي“، 28 يناير 2018.
[xx] علي محمد محمود اليمني: يبلغ من العمر 59 عاما، الأصل من سكان مدينة البيضاء قبل أن ينتقل الى مدينة بنغازي بأسرته العقد الماضي طلبا للرزق، كان عسكريا في السابق وبعد خروجه من الجيش عمل كهربائي منازل. تم اعتقاله من قبل أشخاص مسلحين يوم 25 يناير 2018، اليوم التالي وجدت جثته ملقاة في حي الليثي. المركز الإعلامي البيضاء: “بو النافرة واليمني من ضمن ضحايا التصفية في بنغازي“، 26 يناير 2018.
[xxi] قناة النبأ: “4 جثث مجهولة عليها آثار تعذيب ورصاص تصل “بنغازي الطبي”“، 27 يناير 2018.
[xxii] سالم سالم الفيتوري: أعمال حرة، متزوج. تم اختطافه من بيته يوم الخميس الموافق 25 يناير 2018. عثر على جثمانه في مشروع الصفصفة، يحمل آثار تعذيب وإطلاقه رصاصة في الرأس.