الأخبارتقارير

نداء عاجل : الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف جرائم الإخلاء القسري للسكان بقوة السلاح في بنغازي

Ref: PRS 2024/10/105708.10.2024

نداء عاجل

الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف جرائم الإخلاء القسري للسكان بقوة السلاح في بنغازي

ليبيا – 8 أكتوبر 2024

في انتهاك مقلق للحق الأساسي في السكن، تواجه مجموعة من العائلات في منطقة جليانه في مدينة بنغازي عملية إخلاء جماعي من منازلها التي يقارب عددها 70 عقار. منذ ما يقارب من ثلاثة أشهر قامت مجموعة مسلحة، من المليشيات التي تتبع خليفة حفتر، بإجبار سكان حي جليانه على مغادرة منازلهم وإقامة نقاد تفتيش عسكرية على مداخل الحي تمنع السكان من العودة إلى بيوتهم. المجموعة المسلحة، التي تُدعى 20/20 ويقودها المدعو علي المشاي[1]، لم تُبرز أي أوامر إخلاء صادرة عن جهة مخولة قانونيا وفق القانون الليبي.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان (منظمة التضامن) تتابع جرائم مصادرة العقارات، من بيوت وأراضي، والاخلاء القسري للسكان من بيوتهم في أحياء مختلفة من مدينة بنغازي منذ انطلاق ما يسمى بـ “عملية الكرامة في صيف 2014. في البداية كانت جرائم الاخلاء والمصادرة تستهدف أسر وأقارب مواطنين تعتبرهم المليشيات المنضوية تحت قيادة خليفة حفتر أعداء لها، جرائم انتقام وعمليات عقاب جماعي. ولكن منذ شتاء 2022/2023 تحولت عمليات الهدم ومصادرة الأملاك إلى عمليات واسعة في مناطق عدة من مدينة بنغازي وإجبار السكان على الإخلاء بدون توضيح أي أسباب أو وجود إجراءات قانونية.

الغالبية العظمى من السكان المتضررين ليست لديهم بدائل في مناطق أخرى، لا يملكون الموارد المالية لشراء أو استئجار بيوت لينتقلوا إليها. بسبب هذه الانتهاكات التي ترتكبها مليشيات خليفة حفتر، أصبح العديد من السكان بدون مأوى. وعلى الرغم من عرض جهات تابعة لخليفة حفتر، منها هيئة الاستثمار العسكري، تعويضات مالية، إلا أن المبالغ المقترحة اعتبرها أصحاب العقارات المستهدفة غير مقبولة، فهي من جهة لا تساوي شيئاً يُذكر من قيمة العقار ولا تكفي لتغطية إيجار بدل سكن ناهيك عن شرائه.

المجموعات لم تراعي حتى الفئات الهشة من السكان، ذوي الاحتياجات الخاصة. إحدى الحالات التي رصدتها منظمة التضامن، قيام الميليشيات بهدم منزل يأوي فتاتين تعانيان من التوحد، بدون أي اعتبار لظرفهما الصحي مما فاقم الأزمة الإنسانية التي تعانيها هذه الأسرة. إضافة إلى شهادات بقيام المجموعة المسلحة التي يقودها علي المشاي، والذي يعمل تحت إمرة صدام خليفة حفتر، باقتحام العديد من المنازل في منطقة جليانه وسرقة ممتلكات السكان، مما زاد من معاناتهم. هذه الأفعال تمثل انتهاكًا واضحًا للحقوق الأساسية وتهديدًا مباشرًا لأمن العائلات، مما يجعل عودتهم إلى منازلهم مستحيلة في ظل استمرار الحصار الذي فرضته هذه الميليشيات حول المنطقة، ويزيد من حدة الخوف وعدم الاستقرار.

وفقاُ للقانون الليبي، وتحديداً القانون رقم (116) لسنة 1972، الباب الرابع “في أيلولة العقارات اللازمة للمشروعات العامة للدولة”:

  • نزع الملكية يجب أن يكون لأغراض المنفعة العامة فقط، مع اتخاذ قرار رسمي من السلطات المختصة. ونص على وجوب أن يتضمن “القرار أو يرفق به بيان محدد وواف عن المشروع ذي النفع العام والعقارات اللازمة له وحدودها”، وأن يُنشر القرار والبيان في الجريدة الرسمية[2].
  • التعويض العادل هو حق أساسي لأصحاب العقارات المنزوعة ملكيتها، حيث يجب أن يغطي التعويض القيمة السوقية للعقار في الوقت الذي يتم فيه النزع[3].
  • الطعن والاعتراض: يحق لأصحاب العقارات، المقرر نزع ملكيتها، الاعتراض على قيمة التعويض أمام القضاء، مما يضمن لهم حماية حقوقهم[4].

لم تقم الجهات التابعة لسلطة الأمر الواقع في بنغازي، المليشيات المسلحة، بعرض أي أمر إخلاء ولا أي وثيقة توضح الجهة المسؤولة عن عمليات نزع الملكية ولم تبين أو تشرح أسباب هذه العمليات. ليس هناك أي وثيقة رسمية صادرة عن الكيانات التي تمارس سلطاتها في المدينة توضح وجود مشاريع لأغراض المنفعة العامة وتبين بوضوح طبيعة هذه المشاريع وأهدافها والجهات المستفيدة منها.

وفي ظل هذا التعتيم على ما يجري في المدينة، والذي تسبب في نزوح قسري لعشرات الأسر، قام محمد العبار، رجل الأعمال الإماراتي ومؤسس شركة إعمار العقارية، بزيارة إلى مدينة بنغازي واللقاء بخليفة حفتر[5] وأبنائه، وقام بتوقيع عقد تصميم وتنفيذ مشروع “بنغازي الجديدة”[6]، وتوقيع عقد تنفيذ “المنطقة الحرة المريسة”.  

وفي ظل غياب قرار وبيان من السلطات المختصة، كما نص عليها القانون الليبي، فإن عمليات الهدم والاخلاء القسري التي تجري في مدينة بنغازي تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الليبي ولحقوق المواطنين[7]، ويجب أن يخضع كل من شارك فيها للمساءلة والمحاسبة، وتُعتبر كل العقارات التي تم الاستيلاء عليها عقارات مغتصبة.

ندعو السلطات المعنية في ليبيا، بما في ذلك الحكومات المحلية والوطنية، إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية السكان من الإخلاء غير القانوني وضمان احترام حقوقهم في السكن. كما نحث المنظمات الدولية لحقوق الإنسان على مراقبة الوضع عن كثب والتدخل لمنع حدوث مزيد من الانتهاكات.

إن الإخلاء الذي يتجاهل الإجراءات القانونية والتعويض العادل لا ينتهك حقوق العائلات المتضررة فحسب، بل يضع أيضًا سابقة خطيرة لحقوق السكن في البلاد. إن الوضع في بنغازي يتطلب اهتمامًا عاجلًا لمنع المزيد من النزوح وضمان احترام مبادئ العدالة والإنصاف.

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

8 أكتوبر 2024

[1]  علي المشاي كان أحد العناصر في المجموعة التي كان يقودها النقيب محمود الورفلي والتي قامت بعمليات القتل خارج نطاق القضاء والتمثيل بجثث القتلى. محمود الورفلي أدانته المحكمة الجنائية بارتكاب جرائم حرب وأصدرت ضده مذكرتي قبض، بتاريخ 15 أغسطس 2017 والثانية بتاريخ 4 يوليو 20218. بعد اغتيال الورفلي بتاريخ مارس 2021، انتقل علي المشاي للعمل في “كتيبة طارق بن زياد” التي يقودها صدام خليفة حفتر.

[2]  المجمع القانوني الليبي: “قانون رقم 116 لسنة 1972 م بتنظيم التطوير العمراني“. المادة رقم (17): “يكفل تقرير المنفعة العامة لمشروعات المرافق والمنافع العامة الواقعة داخل المخططات المعتمدة للمدن والقرى أو خارجها بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الإسكان، ويجب أن يتضمن القرار أو يرفق به بيان محدد وواف عن المشروع ذي النفع العام والعقارات اللازمة له وحدودها، وينشر هذا القرار والبيان في الجريدة الرسمية. ويترتب على إيداع القرار والبيان المشار إليهما مكتب التسجيل العقاري نقل ملكية العقارات اللازمة للمشروع إلى الدولة”.

[3] المادة رقم (19) من القانون رقم (116) لسنة 1972م: ” يستحق ملاك العقارات التي يتقرر لزومها للمشروعات العامة المشار إليها في المادتين السابقتين تعويضاً يحسب على أساس قيمتها في تاريخ أيلولتها إلى الدولة وتتولى تقدير التعويض لجان تشكل بقرار من وزير الإسكان على أن يراعى في تشكيل كل منها أن تضم عناصر فنية ومندوباً عن البلدية المختصة من ذوي الخبرة في تقدير قيم العقارات. ولا يكون تقدير التعويض نهائياًّ إلا باعتماده من وزير الإسكان.”.

[4] المواد رقم (22)، ورقم (23)، ورقم (24) من القانون رقم (116) لسنة 1972م.

[5]  موقع بوابة الوسط: “حفتر يستقبل وفد «جلوبال بلدرز» الإماراتية برئاسة العبار (صور)“، 15 أغسطس 2024.

[6]  موقع بوابة الوسط: “صدام حفتر يشهد توقيع عقد مشروع بنغازي الجديدة مع وفد إماراتي برئاسة العبار“، 15 أغسطس 2024.

[7]  يُعتبر الحق في السكن الملائم حقًا إنسانيًا أساسيًا، كما تنص عليه المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي تعد ليبيا طرفًا فيها. ويشكل النزوح القسري لهذه العائلات دون مبرر قانوني أو تعويض مناسب، واقتحام المنازل وسرقة الممتلكات، انتهاكات صارخة لهذا الحق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى