منوعات

بيان بمناسبة اليوم العالمي للاجئين

لا يتعلق الأمر هنا بتقاسم العبء. بل إنه يتعلق بتقاسم المسؤولية العالمية، ليس فقط استنادا إلى إنسانيتنا المشتركة كمفهوم عام، وإنما أيضا إلى الالتزامات المحددة بدقة في القانون الدول. إن جذور هذه المشكلة تكمن في الحروب والكراهية، لا في الناس الذين يفرون؛ فاللاجئون هم من بين أول ضحايا الإرهاب.

الأمين العام للأمم المتحدة

يصادف يوم 20 يونيو اليوم العالمي[i] للاجئين[ii] للتذكير بمعاناة الملايين من البشر حكمت عليهم ظروفهم لترك موطنهم الأصلي والنزوح والهروب بحثا على مكان آمن، في محاولة منهم لاستئناف حياتهم من جديد، وفي هذه الرحلة المحفوفة المخاطر يفقد أعداد منهم حياتهم، ويتعرض عدد كبير منهم للمعاملة السيئة والمهينة والابتزاز والعنف الجنسي.

أن فشل دول الاتحاد الأوروبي في التعامل مع أزمة اللجوء واقتصارها على نقل المسؤولية الي دول المصدر ودول العبور والبحث على حلول مثل بناء مخيمات لجوء على الحدود الليبية، أو دعم مليشيات معروفة عليها تورطها في الاتجار بالبشر، يقوض منظومة حماية حقوق الانسان. هذه السياسات تجعل من اللاجئ المشكلة وتتغافل عن سبب نزوحه ومن تسبب في نزوحه. ومن أسباب فشل دول الاتحاد الأوروبي في تبني استراتيجية تعتمد احترام حقوق الانسان والالتزام بواجباتها وفق المواثيق والعهود الدولية هو استغلال ملف اللاجئين سياسيا من قبل الأحزاب الشعوبية[iii] في أوروبا مما أدى الي اتخاذ حكومات دول الاتحاد تدابير ترضي الشارع من اجل الحصول على اصواته.

ليبيا بسبب النزاعات المسلحة والانقسام السياسي، أصبحت دولة العبور المفضلة لشبكات تهريب البشر منذ عام 2014، بعد انهيار العملية السياسية، وفي ظل هذه الظروف تقوم بعض دول الاتحاد الأوروبي بالضغط على السلطات الليبية من اجل الحد من تدفق اللاجئين الي أوروبا، بدون استراتيجية تعالج قضية النزوح واللجوء من أصلها.

هذه السياسات التي تنتهجها أوروبا ستؤدي إلى تنامي أعداد اللاجئين العالقين في ليبيا، في بلد يعاني من النزاعات المسلحة التي تسببت في نزوح مئات الآلاف من السكان داخليا. حسب الاحصائيات الأخيرة فان عدد النازحين داخليا 179’400 شخص[iv]، حسب تقرير[v] منظمة الهجرة الدولية بتاريخ 30 مارس 2018، لم يتحصل أغلبهم على أي مساعدات أو دعم[vi] من السلطات الليبية المختلفة. أضف الى ذلك أن الصراعات الداخلية أدت إلى تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وخاصة بالنسبة وخاصة للنازحين، وهو ما دفع لتنامي عدد طالبي اللجوء من الليبيين في أوروبا[vii].

السياسات الأحادية، التي تنتهجها دول الاتحاد الأوروبي، للحد من وصول المهاجرين الى أراضيها، ستؤدي إلى تفاقم الأزمة وليس حلها، كما أنها تعرض اللاجئين، عندما يصبحوا عالقين في ليبيا، إلى مخاطر كثيرة، انتهاكات واستغلال على يد شبكات الاتجار بالبشر والمليشيات، وعدم حصولهم على الرعاية والدعم الذي هم في حاجة ماسة إليه.

أسباب ظاهرة الهجرة غير النظامية وتناميها متعددة ومعقدة؛ بعضها يرجع لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية خاصة ببلدان المصدر، وبعضها أسباب تتعدى حدود تلك البلدان منها ما يتعلق بتنامي الفرق الكبير في مستوى المعيشة وظروف المعيشة بين بلدان المصدر وبلدان الوجهة، وبعضها يتعلق بسياسات بلدان الوجهة وخاصة فيما يتعلق ببلدان المصدر، وبعضها يتعلق بظروف بلدان العبور. هذا يستدعي أن معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية يتطلب تعاون الجميع لوضع استراتيجية تعالج أسباب الظاهرة.

منظمة التضامن تدعو الاتحاد الأوروبي إلى المبادرة بقيادة مشروع تتعاون فيه دول المصدر والعبور والوجهة من أجل معالجة ظاهرة الهجرة تحمي الحقوق الأساسية للمهاجرين عامة واللاجئين منهم خاصة.

كما تدعو منظمة التضامن السلطات الليبية، حكومة الوفاق الوطني، العمل على حماية حقوق المهاجرين، خاصة في مراكز الاحتجاز التي يشرف عليها جهاز “مكافحة الهجرة غير الشرعية”، والتعاون مع السلطات المحلية، على مستوى البلديات، ومع المنظمات المحلية والدولية من أجل مكافحة شبكات تهريب البشر.

منظمة التضامن تدعو الجميع للمشاركة في العريضة التي دشنتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإيصال رسالة إلى حكومات العالم، التي ينبغي عليها العمل مع المفوضية والقيام بما عليها تجاه اللاجئين، مفادها أن الجمهور العالمي يقف مع اللاجئين.

 

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

 

 

عريضة “#مع_اللاجئين” (#WithRefugees) متوفرة على الرابط

https://action.unrefugees.org/with-refugees-petition/

[i]  في الذكرى السنوية الخمسين لاتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، التي تحدد المفاهيم الأساسية للحماية الدولية للاجئين، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الدورة الخامسة والخمسين، اعتبار يوم 20 يونيو من كل عام “اليوم العالمي للاجئين”، قرار الجمعية العامة رقم (A/RES/55/76) بتاريخ 4 ديسمبر 2000.

[ii]  اللاجئون: هم الأفراد الذين يضطرون لمغادرة ديارهم حفاظا على حرياتهم أو انقاذا لأرواحهم. فهم لا يتمتعون بحماية دولتهم – لا بل غالباً ما تكون حكومتهم هي مصدر تهديدهم بالاضطهاد. وفي حال عدم السماح لهم بدخول بلدان أخرى وعدم تزويدهم في حال دخولهم بالحماية والمساعدة، تكون هذه البلدان قد حكمت عليهم بالموت – أو بحياة لا تطاق في الظلال، دون الحصول على سبل الرزق ودون أي حقوق.

[iii]  ما قام به وزير الداخلية الإيطالي ماثيو سالفيني من منع سفينة تحمل لاجئين من الدخول الي الموانئ الإيطالية، يأتي فيما يبدو تنفيذ ما وعد به في حملة حزبه الانتخابية، فقد صرح في إحدى التجمعات الانتخابية بأنه سيقوم بترحيل 10000 لاجئ يوميا.

[iv]  النازحون داخليا (اللاجئون داخليا): هم أشخاص أو جماعات من الأشخاص أجبروا على أو اضطروا إلى ا لفرار – دون أن يعبروا حدودا دولية معترفا بها – من ديارهم أو من أماكن إقامتهم المعتادة، أو تركها بصفة خاصة بسبب تجنب طائلة صراع مسلح، أو حالات لتفشي العنف، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو كوارث طبيعية، أو كوارث من صنع البشر. ويحتفظ النازحون كمواطنين بكامل حقوقهم، بما في ذلك الحق في الحماية، وفقاً لقوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وغالباً ما تطلق بشكل خاطئ تسمية “لاجئون” على الأشخاص النازحين داخلياً.

[v]  منظمة الهجرة الدولية: مصفوفة متابعة النزوح (Displacement Tracking Matrix: IDP & Returnee Report – Round 19)، 30 مارس 2018. تقرير المنظمة أشار الى وجود 179’400 نازح داخليا وعودة 372’022 الى مدنهم وقراهم. الأرقام الحالية لأعداد النازحين داخليا ربما زادت عما كانت عليه في شهر مارس الماضي. وفق آخر تقرير نشرته المنظمة الدولية للهجرة حول أعداد النازحين من مدينة درنة يفيد بأن العدد وصل تقريبا 20 ألف نازح من مدينة درنة (19’270) بسبب المواجهات العسكرية التي اندلعت حول وفي المدينة منذ أن شنت المليشيات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر هجومها على المدينة بداية شهر مايو الماضي، (Libya – Derna Flash Update 4)، نشر بتاريخ 18 يونيو 2018.

[vi]  وفق أحدث تقرير لمنظمة الهجرة الدولية، الجولة 19 من مصفوفة متابعة النزوح، 71% من النازحين يدفعون إيجار السكن بأنفسهم، 10% في ضيافة أقارب لهم، 5% يقيمون في مباني غير كاملة البناء، و 1% في ضيافة غير أقارب لهم.

[vii]  للمرة الأولى دخلت ليبيا في قائمة العشرة دول المصدر الأولى من حيث عدد المهاجرين الواصلين الى أوروبا في عام 2017. تقرير الهيئة الأوروبية لحرس الحدود والشواطئ (European Border and Coast Guard Agency).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى