منوعات

ثلاثون منظمة غير حكومية ليبية توجه سبعة أسئلة إلى السلطات الليبية في اليوم العالمي للطفل

يمر اليوم العالمي للطفل[i]، والذي يوافق 20 نوفمبر من كل عام، وينظر الكثير من المتابعين للشأن الحقوقي للأطفال في ليبيا بعين القلق وعدم الرضاء على الكثير من الملفات. فالقوانين جامدة لم تتغير، واللوائح التنظيمية مغيبة، ناهيك عن تجاهل الكثير من مؤسسات الدولة للعديد من القضايا المتعلقة بحقوق الأطفال. رغم المناشدات والبيانات والتوصيات التي كانت تصدر عن المؤسسات والجمعيات الحقوقية والمتابعة لملف الأطفال طيلة السنوات الماضية ولكن دون جدوى، لا مجيب ولا تحسن في الأوضاع.

في هذا اليوم العالمي للطفل، تتوجه المنظمات الليبية الموقعة على هذا البيان بسبعة أسئلة الى السلطات والمؤسسات الليبية لتلفت انتباهها الى مجموعة من القضايا التي تتعلق ببعض الحقوق الأساسية للأطفال. الحقوق التي تعهدت الدولة الليبية بالوفاء بها بموجب تشريعاتها الوطنية وبموجب مصادقتها وانضمامها للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل[ii]. الدولة الليبية ملزمة بضمان كافة الحقوق، التي نصت عليها “اتفاقية حقوق الطفل”، لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز[iii].

  1. ما هو مصير الأطفال فاقدي السند المصابين بمرض الإيدز أو مرض الوباء الكبدي، من الناحية القانونية؟ وكيف هي ظروف حياتهم؟ الحكومات الليبية المتعاقبة لم تلتفت إطلاقا إلى هذه الفئة المحرومة من حقوقها الأساسية، المنصوص عليها في التشريعات الليبية والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الدولة الليبية، ولم تقم بواجبها وتَتحَمُّلْ مسؤوليتها من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية لتُلزم دور الرعاية في ليبيا باستقبال وإيواء الأطفال ساقطي القيد المصابين بمرض الإيدز أو مرض الوباء الكبدي. حتى تاريخ اليوم لا زالت هذه الدُور ترفض إيواء هذه الفئة من الأطفال متحججة بأن اللوائح تمنع ذلك، وهي حجة باطلة لأن التشريعات واللوائح[iv] تُلزِم دور الرعاية بإيواء الأطفال ساقطي القيد [اللقطاء] دون قيد أو شرط.
  2. ماذا فعلتم في قضية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر ممن يجب أن يتم إيداعهم في أماكن تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية؟ القاصرين والذين من المفترض بنص القانون واللوائح أن يتم احتجازهم في دار خاصة بالأحداث[v]، في حال ارتكابهم مخالفات أو تبين وجود خطر على حياتهم أو بسبب سلوكهم، لا زالت السلطات تقوم بحجزهم في سجون مع البالغين، بعضهم منذ 7 سنوات. يتم احتجاز إبن الرابعة عشر عاما في عنابر البالغين، وهم غير مفصولين، في السجون، مثل قرناده والكويفيه ومعيتيقه، ولا يهتم أي مسؤول، لا في وزارة العدل ولا وزارة الشؤون الاجتماعية.
  3. من المسؤول عن عدم تسجيل المواليد وتوثيق عقود الزواج الخاصة بالمهجرين والنازحين؟ فلا يزال عدد كبير جدا من المهجرين وغير القادرين على العودة إلى مناطقهم ومدنهم ممنوعين من تسجيل أطفالهم ويُطلب منهم التوجه إلى مدنهم التي هُجروا أو نزحوا منها، وهم لا يستطيعون لأنهم لا يأمنون على أنفسهم من بطش المليشيات. هناك عدد كبير من العائلات لم تسجل أبنائها ولم تتحصل على وضع عائلي بعد الزواج، مما يسبب عائقا للحصول على حقوقهم، وفي بعض الحالات يحرمهم منها.
  4. متى ستنتهي معاناة الأطفال المهاجرين غير المصحوبين في مراكز الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء؟ فلا زالت نقاط الإنزال، والتي تشرف عليها المنظمات الدولية مثل الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومعها السلطات الليبية، تقوم بتوزيع من يتم إرجاعهم من البحر إلى مراكز الاحتجاز دون التثبت من وجود جميع الأطفال مع ذويهم. كما أن مراكز الاحتجاز لا توفر أقسام منفصلة مخصصة للأطفال غير المصحوبين.
  5. من المسؤول عن معاناة أطفال الجنوب الذين يعانون النقص الحاد في الرعاية الصحية رغم الجهود الخجولة التي تبذلها السلطات المحلية؟ خصوصاً فيما يتعلق بمسألة نقص الأمصال لمعالجة الحالات الناجمة من التعرض للدغ العقارب السامة، التي تكررت في هذا العام والأعوام الماضية عدة مرات وأودت بحياة البعض منهم. النقص الحاد في الأمصال أجبر بعض الأهالي في مدن وقرى الجنوب إلى استعمال أدوية بديلة صنعت محلياً لعلاج هذه الإصابات والتي غالبا لا تكون ناجعة في إنقاذ حياة الأطفال الضحايا.
  6. من المسؤول عن تردي الخدمات التعليمية للأطفال في ليبيا؟ من المسؤول عن استمرار حرمان عشرات الألاف[vi] من الأطفال من التعليم بسبب النزاعات المسلحة[vii]؟ ومن المسؤول عن استمرار حرمان عشرات الألاف[viii] من الأطفال المهاجرين من التعليم؟ ليبيا تعهدت، بمصادقتها على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، بحق الطفل في التعليم وأن يكون التعليم الابتدائي إلزاميا ومتاحا مجانا للجميع[ix] دون تمييز.
  7. متى ستنتهي معاناة الأطفال المصابين بالتوحد، الذين تم نقلهم للعلاج في الخارج على نفقة الدولة الليبية؟ عوضا عن علاجهم في المراكز الليبية[x]، حيث يمكنهم التواجد في بيئتهم الطبيعية وبالقرب من ذويهم مما يساعد على استجابتهم للبرامج العلاجية، تم نقلهم خارج الوطن في مشروع ليس لدى الجهات المعنية القدرة على إدارته ولا على الاستمرار فيه[xi]،. متى تضع الجهات المعنية حداً لإيذاء هذه الفئة الخاصة من الأطفال؟ وضع هذه الفئة من الأطفال في بيئة غريبة عنهم وفي معزل عن أسرهم، والآن قطع علاجهم، هو إيذاء لهم ولذويهم.

المنظمات الموقعة على هذا البيان تدعوا السلطات الليبية إلى ضرورة الوفاء بواجباتها تجاه الأطفال في ليبيا، فهم المستقبل.

  1. مدافعات بلا قيود، بنغازي،
  2. منظمة صوت المهاجر، الزاوية،
  3. شبكة مدافعات عن المرأة، بنغازي،
  4. منظمة اربن للتوجه المدني، الكفرة،
  5. جمعية شباب ماترس، جبل نفوسه،
  6. منظمة تبينوا لحقوق الإنسان، نالوت،
  7. المجموعة الحقوقية للهجرة، طرابلس،
  8. منظمة البريق لحقوق الطفل، طرابلس،
  9. المركز الليبي للحقوق والحريات، الزاوية،
  10. مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، صبراتة،
  11. منظمة رواد الفكر، ماترس، جبل نفوسه،
  12. منظمة النصير لحقوق الإنسان، طرابلس،
  13. منظمة التضامن لحقوق الإنسان، طرابلس،
  14. المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان، بني وليد،
  15. المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان، مصراتة،
  16. المركز الاستشاري لحقوق الإنسان، طرابلس،
  17. جمعية بيوت الشباب، درج، الحماده الحمراء،
  18. جمعية الأمل النسائية، درج، الحماده الحمراء،
  19. منظمة أمل الجنوب للسلامة والتنمية، الكفرة،
  20. منظمة بداية للتوعية بحقوق الإنسان، طرابلس،
  21. المنظمة العربية الدولية لحقوق المرأة، طرابلس،
  22. منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري، الكفرة،
  23. جمعية العين الزرقاء لذوي الاحتياجات الخاصة، جادو،
  24. جمعية التبيان لحقوق الإنسان، درج، الحماده الحمراء،
  25. جمعية ينابيع الجبل للأعمال الخيرية والتنمية، الحرابة،
  26. منظمة انطلق للتنمية المستدامة لحقوق الطفل، طرابلس،
  27. منظمة مهاجر للهجرة غير القانونية وشئون النازحين، الكفرة،
  28. جمعية الشراع لمكافحة الإيدز والمخدرات، تقطه، جبل نفوسه،
  29. منظمة شباب تقطه للعمل التطوعي والشباب، تقطه، جبل نفوسه،
  30. مركز النسمة العليلة للدراسات المجتمعية والإرشاد الأسري، طرابلس.

تقرير عن حقوق الطفل في ليبيا

رغم أن الدولة الليبية لم تصنف ضمن الدول التي تشهد  انحداراً في حقوق الطفل منذ نشأتها ووضع دستور لها منذ عام 1951، حيث كان المسار  في غالب قوانينها وتشريعاتها يمضي بحق الطفل لوضع أفضل خصوصا بعد أن صادقت على أهم الاتفاقيات الدولية التي تشكل قواعد القانون الدولي وعلى اتفاقية حقوق الطفل[xii] ، إلا أن مجريات الأحداث وتعثر الاستقرار  على جميع الأصعدة  والظروف التي مرت بها ليبيا خلال العقود الماضية من فشل المؤسسات في تفعيل وتطوير القوانين الخاصة بحق الطفل والتعامل بمرونة مع هذه النصوص وتعديلها ومراجعتها في كل حين  جعل من ملف حقوق الطفل في ليبيا يفرض نفسه يوما بعد يوم خصوصاً بعد الانقسام والنزعات المسلحة التي تشهدها البلد منذ 7 سنوات مما زاد الطين بله وخرجت الكثير من القضايا  الخطيرة والتي تشكل انتهاكاً لحقوق الطفل وتبتعد به عن المصلحة الفضلى التي هي روح كل تلك القوانين والاتفاقيات التي صادقت ووقعت عليها ليبيا

احتجاز القاصرين في سجون البالغين

لم تبلغ التشريعات الخاصة بالأحداث في ليبيا إلى المأمول  في تحقيق المصلحة الفضلى للحدث، فلا زال الحدث منذ لحظة القبض  عليه يعامل معاملة الكبار  و يزج به في غرفة توقيف  مختلطة  كما أن أسلوب تعامل الشرطي معه هو نفس الأسلوب المتبع مع البالغين والمنحرفين  ناهيك على مكان الاحتجاز الذي يسجن فيه فجميعهم الآن في سجون ومعتقلات في غرف مفصولة لكنها وسط عنابر مع المنحرفين من البالغين، على الرغم من أن صندوق التضامن الاجتماعي والذي يقع تحت إشراف وزارة الشئون الاجتماعية التابعة “للحكومة المؤقتة”، في مدينة البيضاء، استلم مبنى الأحداث  ووعد بصيانته وإعادة إيواء الأحداث فيه إلا أن القاصرين من الأحداث لا زالوا قابعين في سجن الكويفيه في مدينة بنغازي، كذلك الحال في دار “توجيه وتربية الأحداث” الموجودة بمدينة سوسة، التي تقع على بعد 30 كيلومتر شمال شرقي مدينة البيضاء، فهي لم تعد داراً للأحداث بعد تعرضها للاقتحام من قبل بعض المواطنين في بداية الثورة  عام 2011 وتم استغلالها سكن، حيث تواجه  النيابة الواقعة في الحدود الإدارية للدار من بلدة امساعد الى مدينة المرج، شرق بنغازي، مشكلة في عدم وجود دار لحبس الأحداث احتياطيا  أو لتنفيذ عقوبة صادرة ضدهم أو لتأمين حياتهم،  مما دفع نيابة البيضاء الى تخصيص غرفة للأحداث في سجن قرناده، حيث يتراوح عددهم الآن بين 25 إلى 35 حدثا  يقيمون جميعهم في غرفة واحدة داخل السجن في نفس مبنى إيواء البالغين . في العاصمة طرابلس، على الرغم من محاولات خجولة يقوم بها صندوق التضامن لكي يستلم مقرات الأحداث إلا أنهم لازالوا موزعين في سجون وسط العاصمة دون تخصيص مكان لهم.

الأطفال فاقدي السند المصابون بمرض الإيدز أو مرض الوباء الكبدي

لعل من أبرز القضايا الملحة والتي لم تأخذ نصيبها من الجدية من قبل السلطات الليبية، ومع وجود محاولات التقليل من شأنها بحكم أن المتضررين من هذ الفئة عددهم قليل، هي قضية الأطفال فاقدي السند المصابين بمرض الإيدز أو مرض الوباء الكبدي. فمن المؤسف أن الحكومات الليبية المتعاقبة لم تلتفت إطلاقا إلى هذه الفئة المحرومة من حقوقها الأساسية، المنصوص عليها في التشريعات الليبية السارية والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الدولة الليبية، ولم تقم بواجبها وتَتحَمُّلْ مسؤوليتها من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية لتلزم دور الرعاية في ليبيا لتستقبل وتوفر مأوى الأطفال ساقطي القيد المصابين بمرض الإيدز أو مرض الوباء الكبدي.  حتى تاريخ اليوم لا زالت هذه الدُور ترفض إيواء هذه الفئة من الأطفال متحججة بأن اللوائح تمنع ذلك، وهي حجة باطلة لأن التشريعات واللوائح تُلزِم دور الرعاية بإيواء الأطفال اللقطاء [ساقطي القيد] دون قيد أو شرط، بل إن المواد التي نصت على عدم استقبال الأطفال الذين يحملون أمراضاً معدية استثنت الأطفال ساقطي القيد أو المحالون من جهة قضائية كما تؤكد على قبولهم والكشف الفوري عليهم فإذا كانوا مرضى تعين عزلهم المدة اللازمة أو إرسالهم إلى المستشفى، ولكن لم تمنح دور الرعاية ولا  وزارة الشؤون الاجتماعية القرار، بشأن إيوائهم منعدمه،  حتى يجعلوها ذريعة لتتنصل من تسجيلهم وإعطائهم اسماً ثلاثياً كما ورد في القانون الليبي والذي يلزم وزارة الشؤون الاجتماعية بتسجيلهم. ولكن وبكل أسف لم يتم هذا الأمر، فلقد تم رصد حالات عديدة وبعضهم ولد داخل مستشفيات ليبية ووصل إلى سن الدراسة ولم يتحصل على اسم ولا اعتراف من الدولة ناهيك عن إيوائهم في دور الرعاية.

أوضاع الأطفال في مراكز احتجاز الهجرة غير النظامية

لا يكاد يخلو مركز احتجاز للمهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء في ليبيا من وجود أطفال وقاصرين، بعضهم برفقة ذويهم أو أحدهم، وبعضهم غير مصحوبين ضمن مجموعات المهاجرين التي تدخل ليبيا عبر الصحراء، وفي الغالب يتم القبض عليهم وإيداعهم في مراكز الاحتجاز  عندما يتم إرجاعهم من البحر أو لإنقاذهم عند اعتراضهم من قبل خفر السواحل الليبي، فيتم استقبالهم في نقاط إنزال تقوم بالإشراف عليها منظمات دولية، مثل المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشئون اللاجئين، حيث يتم تصنيفهم وتقديم المساعدات الطبية والإنسانية العاجلة لهم، ثم خلال ساعات يتم توزيعهم على مراكز الاحتجاز التابعة لجهاز الهجرة. أوضاع الأطفال المحالين لتلك المراكز لا تبعث بالطمأنينة، فلا يوجد أي خصوصية لهم من حيث المكان والرعاية الصحية والنفسية لهم. طيلة السنوات الماضية وخصوصا عندما باشرت المنظمات الدولية العمل من جديد على مراكز الاحتجاز وتقديم المساعدات عند نقاط الإنزال كانت التوصيات والملاحظات تصلهم حول أهمية فصل الأطفال والتنبه للطفل غير المصحوب حتى لا يتم نقله لمركز وهو غير مصحوب. فجميع مراكز الاحتجاز التابعة لجهاز الهجرة غير النظامية لا يوجد فيها مقر خاص بالأطفال القاصرين، فيتم احتجاز الأطفال من عمر 9 سنوات في مكان يحتجز فيه البالغون، ومخاطر وجودهم بين البالغين لا تخفى على أحد، ولا تزال أوضاع احتجاز الأطفال على هذا الوضع بالرغم من وجود منظمات دولية ذات إمكانيات عالية ويفترض أنها معنية بمصلحة الطفل الفضلى ومنها:

  • المنظمة الدولية للهجرة “قسم الحماية المعني بحماية الأطفال”،
  • المفوضية السامية لشئون اللاجئين “المعنية بتسجيل طالبي اللجوء وحمايتهم”، و
  • منظمة اليونيسف للطفولة.

فجميعها لديها مكاتبها وموظفيها وتعمل على الأرض ولكن حتى تاريخ كتابة هذا التقرير هناك أطفال محتجزون في مراكز الهجرة مع البالغين ويقدم لهم المساعدات المعتادة التي تقدم للبالغين ويتم التعامل معهم على أنهم رقم من أرقام الكبار.

الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

لا زال ملف الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يعاني المزيد من التبعثر وعدم القدرة على لملمة شتاته، خصوصاً بعد الانقسام السياسي. فصندوق التضامن الاجتماعي، والذي يشرف على أغلب دور الأطفال ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، أصبح منقسماً بين إدارتين في الشرق والغرب، وعدم وجود تنسيق بينهما سبب ربكة كبيرة كان لها الأثر السيء على الأطفال. فالمساعدات والرعاية الطبية التي تقدم تأتي بشكل غير منتظم ومدروس، حيث تم نقل العديد من الأطفال المصابين بالتوحد، على سبيل المثال، خارج ليبيا في مصحات أردنية ومصرية، مما سبب جدلاً كبير اً حول جدوى هذه الخطوة وأثار حفيظة الكثير من الخبراء والمختصين الليبيين، ومنهم المستشار في صندوق التضامن الاجتماعي في مجال اضطراب التوحد، الدكتور فتحي الطاهر، الذي تساءل “إلى متى يستمر علاج أطفال التوحد خارج البلاد؟” مؤكداً على ضرورة علاجهم داخل ليبيا مستنداً إلى نظرية علمية ترى بوجوب الإدماج الاجتماعي لطفل التوحد في نفس البيئة الاجتماعية التي أصيب فيها الطفل بطيف التوحد، وأن القول بعدم وجود مراكز داخل ليبيا غير صحيح. وعلى الرغم من قرار صدر عن الحكومة غير المعترف بها دوليا، والتي مقرها البيضاء، بإعادة الأطفال من الأردن ومصر لعلاجهم داخل ليبيا، إلا أن القرار لم يتم تنفيذه بسبب مشاكل مالية، مما تسبب في فتح أبواب أخرى على بقية شرائح الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين تكاد تكون حالتهم أصعب من أطفال التوحد، فلا يوجد في ليبيا حاليا منظومة واحدة تحصر عدد الأطفال المعاقين على مستوى ليبيا وكذلك الأطفال المصابين بالأورام والذين أصبح عددهم في تزايد.

أطفال العائلات المهجرين قسرا وغير القادرين على العودة لمدنهم الأصلية، فاقدي الهوية وممنوعين من التسجيل

يعاني المهجرون من الجنوب، والمهجرون والنازحون من مدينة بنغازي المتواجدون في المنطقة الغربية، من أزمات وعراقيل إدارية منعتهم من تسجيل أطفالهم المواليد حيث يطلب السجل المدني منهم العودة لمدنهم وتوثيق إجراءاتهم في مدنهم الأصلية، كما أن الكثير من العائلات والذين تم توثيق عقود زواجهم في مدن ثانية رفض السجل المدني منحهم الوضع العائلي والذي يتيح لهم تسجيل أطفالهم المواليد، وفي الوقت الحالي هناك العشرات من أطفال المهجرين لا يملكون إلا أوراق المستشفى “واقعة ولادة” والتي تثبت أن الأم أنجبت مولود فقط. وعلى الرغم من  أن مسؤول في الأحوال المدنية[xiii] في العاصمة طرابلس رجح عدم التسجيل بأنه كان  نتيجة خللاً أصاب منظومة الأحوال المدنية المدة الماضية وأن مكاتب العاصمة وغيرها  تستقبل وتسجل كل الحالات، إلا أن الكثير من الأسر لا زالوا ينتظرون هذه الوعود حتى ساعة كتابة هذا التقرير.

أطفال الجنوب

للجنوب الليبي خصوصية في بعض مشاكلهم التي تقع عليهم ويعانون تقصير، من طرف الدولة في حقهم، ربما أكثر من غيرهم من باقي أطفال ليبيا. فالجنوب تقريبا يفتقر لكل شيء وبالكاد تصلهم المساعدات الإنسانية والطبية، وغالب ما يصلهم هو من منظمات ووكالات دولية. ومع هذا فهي لا تسد احتياجاتهم، فلا تزال مشكلة نقص أمصال علاج لدغ العقارب مستمرة رغم جهود جهاز الإمداد الطبي بإرسال الأمصال لكن تظل مشكلة تخزينها وتوفرها في بعض القرى والضواحي فيه صعوبة، فلقد سجلت عديد الحالات من للدغ العقارب على سبيل المثال في بلدة أوباري التي تشهد انعدام الرعاية الطبية خصوصا في فترة المساء، مما أجبر بعض المتطوعات من نساء البلدة باتخاذ منزل وجعله غرفة للإسعاف وعلاج إصابات لدغ العقارب.

الأطفال والنزاع المسلح

حظيت مشكلة الأطفال في حالات النزاعات المسلحة باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة وقد نوقشت في المؤتمرات والمحافل الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وغيرها من المؤتمرات وورش العمل التي تخص ليبيا. ورغم كل الجهود التي بذلت لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة وتسريح المنخرطين في المجموعات والمليشيات، فلا زال العديد من القاصرين منخرطين فيها، ولا يزال الأطفال يشكلون غالبية الضحايا كما يشكلون أغلبية النازحين داخليا في ليبيا. رغم عدم وجود تقرير رسمي يوثق عدد الأطفال النازحين من مدن بنغازي ودرنة واجدابيا والكفرة وباقي مدن الجنوب، إلا أن لجان الأزمة والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على مساعدتهم تتحدث عن أرقام كبيرة. إن الحرب محنة مؤلمة للأطفال، سببت لهم الافتراق عن الأهل والتفكك الأسري والفقدان والإصابات والحرمان.

التوصيات:

  • تعديل التشريعات بما يلبي حاجيات الأطفال والقاصرين أمر ملح، خصوصا فيما يتعلق بتأهيل شرطة متخصصة تتعامل مع الأحداث أثناء القيام بضبطهم والتحقيق معهم، فهذا الأمر سيدفع نحو القضاء على العديد من السلبيات في التطبيق،
  • أصبح من الملح أن يحال ملف الأطفال فاقدي السند والذين ترفض دور الرعاية استقبالهم إلى جهات اختصاص قانونية تُلزِمْ هذه الدور بالقيام بواجبها،
  • على وزارة الصحة أن تتعامل مع مشاكل الجنوب الطبية على أنها حالات عاجلة وتحتاج عملاً مؤسسياً ينظر بعين الاعتبار لظروفهم الإنسانية، و
  • على وزارة الشئون الاجتماعية أن تقوم بإنشاء منظومة لحصر أعداد وأماكن تواجد الأطفال النازحين في الداخل والخارج، وتكون هي المصدر الرسمي والأساسي لهذه الاحصائيات، والتي تعتمد عليها البرامج والمشاريع. الاعتماد على إحصائيات المنظمات الدولية أصبح أمر غير مقبول.

[i]  الأمم المتحدة: “مناسبات الأمم المتحدة، اليوم العالمي للطفل“. تم تأسيس اليوم العالمي للطفل في عام 1954، ويحتفل به في 20 نوفمبر من كل عام لتعزيز الترابط الدولي، والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاه الأطفال. 20 تشرين الثاني/نوفمبر هو يوم هام لأنه يوافق تاريخ ذات اليوم عام 1959 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل . وهو أيضا تاريخ عام 1989 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل. ومنذ عام 1990، يصادف اليوم العالمي للطفل الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان والاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل.

[ii]  مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “اتفاقية حقوق الطفل“. ليبيا انضمت للاتفاقية وصادقت عليها بتاريخ 15 أبريل 1993 (الأمم المتحدة، مجموعة المعاهدات).

[iii]  اتفاقية حقوق الطفل، المادة (2) الفقرة (1): “تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر.”.

[iv]  من التشريعات واللوائح التي تلزم دور الرعاية الاجتماعية بوجوب إيواء الأطفال الساقطي القيد: الإعلان الدستوري، القانون رقم (5) لسنة 1427 ميلادية “بشأن حماية الطفولة”، قرار وزير الشباب والشؤون الاجتماعية رقم (19) لسنة 1972م “بتنظيم دور الحضانة والرعاية والمسنين التابعة لوزارة الشباب والشؤون الاجتماعية”، و “اللائحة الداخلية لدور الحضانة” التي تم إعدادها في شهر يونيو 1971م.

[v]  المادة رقم (37) الفقرة (ج) من اتفاقية حقوق الطفل، المادة رقم (81) من قانون العقوبات الليبي، 

[vi]  منظمة اليونيسف: “أكثر من نصف مليون طفل في ليبيا بحاجة للمساعدة الإنسانية“، 9 أغسطس 2017. التقرير أشار إلى “اجبرت العائلات على الفرار من بيوتها بسبب العنف الشديد المنتشر في بعض أنحاء البلاد. هناك أكثر من 80,000 طفل نازح،”.

[vii]  أخبار الأمم المتحدة: “ثلث أطفال مناطق الصراعات والكوارث محرومون من التعليم“، 19 سبتمبر 2018. التقرير أفاد “بأن واحدا من بين كل خمسة أطفال بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة ممن يعيشون في بلدان متأثرة بالصراعات أو الكوارث، لم يلتحقوا أبدا بأي مدرسة وأن اثنين من بين كل خمسة لم يكملوا التعليم الابتدائي.”.

[viii]  المنظمة الدولية للهجرة: “تقرير الهجرة في ليبيا – الجولة 21، يوليو – أغسطس 2018“، سبتمبر 2018. وفقا للتقرير يوجد تقريبا 700 ألف مهاجر غير قانوني في ليبيا، بينهم حوالي 63 ألف طفل، لا يستطيعون الالتحاق بالدراسة ولا تلقي الرعاية الطبية.

[ix]  اتفاقية حقوق الطفل، المادة (28) الفقرة (أ).

[x] قناة 2018: “آخر التطورات بقضية أطفال التوحد“، 3 أكتوبر 2018. يوجد في ليبيا أكثر من عشرين مركز للتوحد موزعة على المدن الليبية.

[xi]  وهو ما اتضح من تراكم الديون وعدم قيام الدولة بسدادها مما عرض الأطفال للتهديد بالطرد وتوقف علاجهم.

[xii] مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “اتفاقية حقوق الطفل“.

[xiii] أخبار ليبيا: “السجل المدني طرابلس: نقدم خدماتنا لجميع المواطنين دون تمييز“، 15 أكتوبر 2018.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى