الأخبار

بيان بشأن اعتقال السلطات الإيطالية مدير سجن معيتيقه وإخلاء سبيله، وظاهرة الإفلات من العقاب في ليبيا

قالت منظمة التضامن لحقوق الإنسان (منظمة التضامن)، في بيان لها صدر الثلاثاء الموافق 21 يناير 2025، أن “اعتقال مدير سجن معيتيقه، أسامة نجيم، في مدينة تورينو الإيطالية، يوم الأحد الماضي[i]، يُعتبر تطور مهم في مكافحة الإفلات من العقاب في ليبيا، رغم أنه تم إخلاء سبيله وعودته إلى طرابلس مساء اليوم الثلاثاء”. مدير سجن معيتيقه تم إخلاء سبيله بسبب خطأ قانوني في الإجراءات[ii] التي قامت بها الشرطة عقب اعتقاله، وليس بسبب يتعلق بمذكرة القبض الصادرة ضده أو التهم الموجهة إليه، مذكرة القبض لا زالت سارية.

وجود مذكرة قبض، وربما مذكرات قبض أخرى ضد آخرين، بشأن جرائم خطيرة[iii] ترتكبها جهات عدة في ليبيا، يعني أن الجهود التي تبذلها هيئات ومنظمات وحكومات لمناهضة الإفلات من العقاب وصلت مراحل متقدمة. مدعي المحكمة الجنائية أشار في إحاطته[iv]، في شهر نوفمبر الماضي، أمام مجلس الأمن إلى أنه “يتوقع أن يتمكن من تقديم سلسلة من الطلبات الجديدة لإصدار أوامر اعتقال خلال فترة إعداد التقرير التالي [شهر مايو من هذا العام]”. التحقيقات التي يقوم بها مكتب مدعي المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الفصائل المختلفة في ليبيا ضد مواطنين ومهاجرين ولاجئين.

الإتحاد الأوروبي شكل أكثر من قوة عمل (Task Force)، تجمع سلطات تحقيق من بعض الدول الأعضاء فيه، للتحقيق في الجرائم الخطيرة التي تُرتكب في ليبيا خاصة فيما يتعلق بالإتجار وتهريب البشر. وفي شهر أغسطس الماضي أبلغت السلطات الإيطالية صدام حفتر بوجود مذكرة قبض ضده، تتعلق بملف الهجرة وتهريب البشر، صادرة عن السلطات الإسبانية[v].

في قضية مدير سجن معيتيقه[vi]، أسامة نجيم، لم تفصح أي جهة رسمية، لا السلطات الإيطالية ولا المحكمة الجنائية الدولية[vii]، عن أي معلومات حول مذكرة القبض الصادرة ضده، لا هوية الجهة التي أصدرت المذكرة ولا التهم الموجهة إلى المدعو. ولكن وجود المذكرة، وربما مذكرات أخرى، هي دعوة إلى السلطات الليبية لمراجعة عدم قيامها بواجبها في محاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة، وتحديدا الجرائم ضد الإنسانية، لأنها إن لم تقم بواجبها فإن تنامي الإفلات من العقاب هو خطر وجودي على المجتمع أجمع.

نحن في منظمة التضامن لحقوق الإنسان ندرك التحديات التي تواجه السلطات، ولكن إضفاء الشرعية على المليشيات ليس حل[viii]، بل زاد من نفوذها وانتهاكاتها. يجب اتخاذ موقف حازم لحماية المجتمع من الخارجين عن القانون، المتسترين بصفات ووظائف رسمية. 

منظمة التضامن لحقوق الإنسان

طرابلس – ليبيا

21 يناير

[i] فرانس 24: “بناء على شكاوى ضحايا… إيطاليا توقف آمر الشرطة القضائية الليبية في مدينة تورينو“، 21 يناير 2025.

[ii] موقع “Swiss Info” الإخباري: “”، 21 يناير 2025. اقتباس “وقال المصدر بوزارة الداخلية إن إطلاق سراحه جاء بسبب خطأ قانوني مشيرا إلى أن قوات الشرطة التي ألقت القبض عليه تقاعست عن إبلاغ وزارة العدل على الفور وفقا لما يقتضيه الأمر في مثل هذه الحالات“.

[iii] مصطلح الجرائم الخطيرة في القانون الدولي الإنساني يشمل جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان.

[iv] موقع أخبار الأمم المتحدة: “المحكمة الجنائية الدولية: بصيص أمل في تحقيق العدالة يمكن أن ينتشر على نطاق أوسع في ليبيا“، 19 نوفمبر 2024. اقتباس “قال كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن “نموذجا جديدا من التقدم” بدأ من خلال زيارة يقوم بها حاليا إلى ليبيا وعمل مكتبه على مدار الأشهر الستة الماضية، مضيفا أن مكتبه يتحرك بسرعة عبر خطوط رئيسية للتحقيق بما في ذلك فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في مرافق الاحتجاز والجرائم الأخرى المتعلقة بعمليات وقعت ما بين عامي 2014-2020“.

[v] صحيفة القدس العربي: “عقب إبلاغه بوجود مذكرة اعتقال اسبانية… ليبيا: صدام نجل حفتر يصدر أوامر بإغلاق أكبر الحقول النفطية في البلاد“، 4 أغسطس 2024.

[vi] سجن معيتيقه، أو كما تسميه وزارة العدل “مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسية“، يعتبر من أكبر المعتقلات والسجون في غرب ليبيا. وفقا لتقرير شامل عن الانتهاكات الواسعة النطاق في السجون ومراكز الاحتجاز في ليبيا، صدر في شهر أبريل 2018 عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعنوان “تجاوزات خلف القضبان: الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في ليبيا“، أن سجن معيتيقه “من المرجح أن يكون أكبر مرفق احتجاز في غرب ليبيا ويحتجز ما يقدر بنحو 2600 رجل وامرأة وطفل، معظمهم بدون إمكانية الوصول إلى السلطات القضائية”، وأن “التعذيب وسوء المعاملة ممنهج في مرافق الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا … تشمل أساليب التعذيب الضرب بأشياء مختلفة مثل قضبان معدنية وأنابيب المياه، والجلد على باطن القدمين، والتعليق في وضع مجهد، والحرق بالسجائر أو قضبان ساخنة، وإدارة الصدمات الكهربائية”، وأنه “تعرض بعض المعتقلين للضرب حتى الموت … في عام 2017، تم نقل 37 جثة تحمل علامات التعذيب إلى مستشفيات طرابلس وحدها”. عشرات السجناء في معيتيقه لا يزالون رهن الاعتقال التعسفي رغم صدور أحكام براءة من التهم الموجهة لبعضهم أو وجود أوامر للإفراج عنهم من قبل النيابة العامة لعدم وجود أي أدلة تدينهم. ورغم هذا لا تزال مليشيا الردع تحتجزهم وترفض إخلاء سبيلهم. سجن معيتيقه بالاسم هو يتبع وزارة العدل ولكن في الحقيقة هو مركز اعتقال أنشأته مليشيا خارجة عن القانون، ويديره أسامة نجيم.

[vii] كثير من المواقع الإخبارية أشارت إلى أن اعتقال مدير سجن معيتيقه كان بناء على مذكرة [القبض] صادرة من المحكمة الجنائية الدولية “تتعلق باتهامه بارتكاب جرائم حرب”، ولكن حتى الآن لم يصدر أي تعليق من المحكمة الجنائية الدولية بشأن هذه القضية.

[viii] الفوضى التي تعمد النظام السابق خلقها في ليبيا، عندما فتح مخازن السلاح، أدت إلى انتشار مجموعات مسلحة الكثير منها يمتلك أسلحة متوسطة وثقيلة. مؤسسات الدولة، التي أنهكها الإهمال المتعمد من النظام السابق، وجدت نفسها ضعيفة أمام هذه المليشيات والمجموعات المسلحة، وفي سياق التنافس على النفوذ السياسي، حرصت بعض الأطراف على الاستعانة بحماية هذه المليشيا أو تلك. عوضا عن تحقيق الاستقرار ازدادت المليشيات قوة ونفوذا، وتراجعت مؤسسات الدولة وضعفت وبعضها ربما تعطل كليا عن أداء مهامه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى