ميمون الشيخ
يشهد الليبيين في هذه الفترة تجربة هي الأولى من نوعها في تاريخ ليبيا المتمثلة فى الاستعداد لخوض غمار المشاركة فى أول انتخابات رئاسية يشهده التاريخ الليبي المعاصر بعد عشر سنوات مليئة بكافة الصعوبات من نزاعات وانقسام سياسي و مؤسساتي وانتهاكات لحقوق الانسان وافلات من العقاب ، حيث قادت الأمم المتحدة ممثلة فى بعثتها فى ليبيا جهود لجمع الفرقاء ضمن حوار عسير أفضي للأتفاق على الذهاب لانتخابات رئاسية وبرلمانية فى الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 من أجل توفير اجسام تملك الشرعية .
و رغم التأكيدات على ضرورة مشاركة جميع الليبيين في الاستحقاق الانتخابي لأن حق المشاركة في الإنتخابات ( ترشح وتصويت)، وحق المشاركة في الشأن العام من الحقوق الأساسية التي نصت عليها العديد من الاتفاقيات الدولية ون أهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[1]والذي تعتبر ليبيا طرفا فيه حيث وقعت وصادقت عليه في 10 ديسمبر 1970م، حيث تنص المادة (25) منه أن يتاح لكل مواطن فرصة التمتع بالعديد من الحقوق دون قيود وهي المشاركة في إدارة الشؤون العامة، وأن ينتخب وينتخب، وأن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده، كل ما ورد في هذه الاتفاقية يعزز ويدعم المساواة بين جميع المواطنين في جميع دول العالم ، إلا أنه توجد فئة واسعة من المجتمع الليبيي لا تستطيع المشاركة في الانتخابات وهم فئة (حاملي الأرقام الادارية) من الليبيين المقيدين في السجلات المؤقتة للدولة وهذه إحدى التحديات التي تواجه سير العملية الانتخابية ، ورغم وجود فقرة فى إحدى بنود الحوار السياسي بجنيف وهي الفقرة (8-2)[2] التى تنص على معالجة مسألة الأرقام الإدارية بما يتوافق مع التشريعات الليبية ، ورغم قرار حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن حوار جنيف بتشكيل لجان مركزية لدراسة طلبات الجنسية[3]إلا أنه لم يتم تحديد موعد واضح لإنتهاء أعمال اللجنة . وبذلك لن تستطيع هذه الفئة المشاركة في الانتخابات القادمة في الرابع والعشرون من ديسمبر لكون قانون الانتخابات البرلمانية والرئاسية[4] الذي شرعه البرلمان لا يسمح لهذه الفئة بالمشاركة في انتخابات 2021 ، بالرغم من مشاركة (حاملي الأرقام الإدارية) في العام انتخابات المؤتمر الوطني العام 2012 [5]. إلا أن حرمان طالهم من هذا الحق فى الانتخابات البرلمانية 2014 بحجة عدم امتلاكهم رقم وطنيا .
ومنذ ذلك الحين للوقت الحاضر لايزال الحرمان ساريا رغم صدور قرار عن رئاسة الوزراء يحمل الرقم (102) لسنة 2015[6] بشأن منح الإذن للرقم الوطني والمشاريع المكملة له باتخاذ الاجراءات لذوي السجلات المؤقتة وذكرت في المادة (1) منه على أن :” يؤذن لمشروع الرقم الوطني والمشاريع المكملة له باتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة الاشكالية الادارية والمالية لذوي السجلات المؤقتة لدى مصلحة الأحوال المدنية“. وبالفعل تم صرف أرقام إدارية لهم لإتمام الأمور الادارية والمالية لحين استكمال اجراءاتهم ولكن القرار لم يأتي بحل جذري للمشاكل والعراقيل التى يواجهونها مثلا المشاركة فى الانتخابات أو الحصول على جواز السفر أو فتح حساب مصرفي .
و رغم الحراك المحلي الذي تقوده مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان في ليبيا من أجل تذكير السلطات الليبيية بألتزاماتها باحترام حقوق الإنسان و معاملة الليبين كافة على قدم المساواة دون تمييز إلا أنه عدم جدية الاستجابة من السلطات الليبية للنظر في هذه المسألة، تلقي بظلال الشك على إمكانية مشاركة حملة الأرقام الإدارية في هذا الاستحقاق التاريخي والوطني.
[1] مكتبة حقوق الإنسان ، جامعة مينيسوتا:” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية“.
[2] حساب الناشط تكافريناس : ” المادة الأولى الفقرة 2,8 من خارطة الطريق (للمرحلة التمهيدية للحل الشامل ) للأزمة الليبية“.
[3] موقع بوابة الوسط:” الدبيبة يشكل لجنة مركزية لدراسة طلبات الحصول على الجنسية الليبية” 26 سبتمبر2021.
[4] موقع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات: ” القوانين واللوائح الانتخابية “.
[5] مركز كارتر :” المؤتمر الوطني العام الانتخابات في ليبيا 2012 ،التقرير النهائي“.
[6] صفحة (حراك لا للتمييز أوباري) بالفيسبوك : ” المادة الأولى من قرار مجلس الوزاء رقم 102 لسنة 2015 “