التعافي بشكل أفضل – الدفاع عن حقوق الإنسان
"أين عساها تبدأ حقوق الإنسان العالميّة في نهاية المطاف؟ لنقل في الأماكن الصغيرة، القريبة من المنزل – بل لعلَّها في أماكن قريبة جداً وصغيرة جداً إلى حدِّ أنه لا يمكن رؤيتها في أي خريطة من خرائط العالم. [...] ما لم تحظَ هذه الحقوق بمعنى في تلك الأماكن، فإن معناها سيكون أقل شأناً في أي مكان آخر. وما لم تتضافر جهود المواطنين لصونها حتى تكون لصيقة بالوطن، فإنه من غير المجدي أن نتطلع إلى تعميمها في العالم أجمع" إلينور روزفلت
يحتفل العالم “بيوم حقوق الإنسان” في 10 ديسمبر من كل عام. ويرمز هذا اليوم لليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة[i] في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[ii]. يتعلق موضوع يوم حقوق الإنسان لهذا العام بجائحة كوفيد-19، ويركز على الحاجة إلى إعادة البناء بشكلٍ أفضل من خلال ضمان أن تكون حقوق الإنسان أساسيةٌ في جهود التعافي، تحت شعار “إعادة البناء بشكل أفضل – قوموا ودافعوا عن حقوق الإنسان“.
في ليبيا، تمر هذه الذكرى ولايزال الآلاف من المعتقلين محتجزين في عدة مراكز مختلفة في جميع أنحاء ليبيا في ظروف غير إنسانية. وسط جائحة “كوفيد-19” تفتقر هذه المراكز إلى المرافق الصحية والتهوية والمياه النظيفة، مما تجعل مخاطر العدوى بفيروس كورونا المستجد أكثر خطورة، لا سيما أن العديد من المحتجزين يعانون من سوء التغذية والأمراض المزمنة.
خلال الفترة السابقة رصدت التضامن الأوضاع السيئة في هذه السجون والمعتقلات وحذرت السلطات الليبية من مغبة عدم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ما يحدث في السجون ومراكز الاعتقال[iii].
سجن قرناده: في هذا المعتقل يعاني النزلاء والذين يتراوح عددهم ما بين 1200 و 1400، وتتراوح أعمارهم بين 15 عام إلى 80 عام من الحرمان من جميع حقوق الإنسان. حيث يتعرضون للضرب المبرح يومي والسب والشتم والقذف اليومي، والعقوبات العسكرية والوقوف في وضع الاستعداد لمدة طويلة. يعاني المعتقلون من نقص في جميع الأدوية ويعانون من انتشار الأمراض الجلدية كالجرب والالتهابات الجلدية البكتيرية نتيجة الازدحام في الغرف وعدم توفر مواد التنظيف وتلوث المياه وعدم توفر الدواء. ووثقت التضامن عشرة حالات وفاة نتيجة الإهمال الطبي.
سجن قاعدة معيتيقه الجوية (قوة الردع الخاصة): وفقا لتقرير مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (مفوضية حقوق الإنسان) يُعتقد أن السجن فيه قرابة 3600 سجين يقبعون في زنزانات غير مناسبة للبشر، تفتقر إلى المرافق الصحية النظيفة والمياه الصالحة للشرب كما لا تتوفر فيها التهوية. السجناء يعانون من الإهمال الطبي، ويتعرضون للتعذيب والمعاملة المهينة، كما أنهم محرومون من الزيارات الأسرية. الزيارات توقفت منذ مطلع عام 2019، أي قرابة سنتان، وتتلقى بعض الأسر اتصالات هاتفية من ذويها المعتقلين.
سجن الشرطة العسكرية “بوهديمة”، بنغازي: السجن فيه حوالي 170 سجينا، وقد منعت الزيارة منذ شهر مارس 2020 بسبب التخوف من فيروس كورونا. قامت الإدارة برش السجن بالماء والملح فقط، ولا يتم توفير مواد التنظيف، كما يوجد الكثير من المعتقلين المصابين بأمراض مختلفة؛ منهم من يعاني من أمراض القلب والأمراض الجلدية مع انعدام الرعاية الطبية.
سجن الكلية الجوية، مصراته: السجن مخصص للمعتقلين من تنظيم الدولة وعائلاتهم بصحبة أطفالهم ويقدر عددهم بالعشرات، ونتيجة لعدم تعرضهم لأشعة الشمس وانعدام الرعاية الصحية يعاني أغلبهم من الكساح ونقص حاد في النمو وأمراض جلدية مختلفة، كما تنعدم أي وسيلة تعليمية للأطفال، ويعاني المعتقلون من اكتظاظ الزنزانات وخاصة حجرات النساء حيث لا تتوفر بها مستلزمات النظافة.
تدعو التضامن وزارتي العدل والداخلية[iv] إلى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل التقليل من عدد المعتقلين في المعتقلات، وخاصة من لم توجه لهم تهمة أو من انتهت مدة محكوميتهم ولم يتم الإفراج عنهم حتى الآن، ونقل باقي المعتقلين إلى أماكن اعتقال تتوافر فيها المساحة الكافية والتهوية. ونقل المعتقلين المرضى إلى مراكز طبية لتلقي العلاج المناسب؛ مع توفير الرعاية الصحية والتموين الغذائي الصحي لهم[v]. كما تدعو التضامن السلطات الليبية الى الالتزام بالمعايير الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء[vi].
[i] الجمعية العامة للأمم المتحدة: “الدورة الثالثة، القرار رقم (217-A) ’الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان’“، 8 ديسمبر 1948.
[ii] الأمم المتحدة: “يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان“.
[iii] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “التضامن تطالب حكومة الوفاق بتحديد موقفها من انتهاكات سجن معيتيقه“، 10 أغسطس 2020.
[iv] منظمة التضامن لحقوق الإنسان: “بيان بشأن التدابير التي اتخذتها حكومة الوفاق لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا“، 18 مارس 2020.
[v] المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي: “فيروس كورونا: الرعاية الصحية وحقوق الإنسان للأشخاص داخل السجون“، 16 مارس 2020.
[vi] الأمم المتحدة: “قواعد نيلسون مانديلا (قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء)“.